"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

ما كان يَنقص المستفيدون من تأخير التأليف إلّا موقفاً على وزن التغريدة التي أطلقها النائب جميل السيّد حول الحكومة واسقاط تكليف رئيسها ليضيفوها على أسباب البطء!

جاءهم التصريح "شحمة على فطيرة" ووفّر لهم مادةً يصلح ربطها مع أجواء سياسيّة افتعلت فجأةً، يسعى مفتعلوها لإلقاء تهم التعطيل على جهات شتّى، منها من يُحسب على حلفاء السيّد، ثم رفعوا التصريح من مصاف الموقف الشخصي اللفظي إلى مرتبة الرسالة السياسيّة المنسّقة مع جهات لها وزنها بغية تمرير رسائل صوب الرئيس المكلّف سعد الحريري بإتقان.

على مدى ساعات بعد انتشار التغريدة أحصت الصالونات السياسيّة كماً هائلاً من التحليلات التي رسمت لها أبعاد تصل إلى حدود حصول تبدّلات سياسيّة تُسقط تفاهمات. وقد بلغت ردأة الفعل عليها حدود إطلاق محرّكات سفارات مهتمّة بالشأن اللبناني لقاء فهم مضمون ما صبى إليه السيّد وإلى أي مدى ستبلغ تأثيراته، وهل يعني ما قاله تحضير مسرح عمليّات سياسي يفضي لإنهاء مفاعيل تسويات جارية، أم أنه كلام عابر؟ أيّة رسالة تنطوي عليها هذه التغريدة؟

وبحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، حرص أحد السفراء العرب على استطلاع شخصيّة سياسيّة رسميّة التقاها أمس حول امكانيّة أن يكون كلام السيّد ينطلق من موقف مستجد لحزب الله وحليفه حركة أمل من مسألة التشكيل. كذلك استئناس السفير سماع خلاصة حول مجريات الاتصالات التي تدور من خلف الكواليس وقراءة مضيفه لتوزع التوازنات على القوى وخريطتها.

وقد حملت استفسارات بعض السفارات المعنيّة بالشأن اللبناني إشارات نصحت بالانتباه لاحتمال أن يكون خلف التغريدة نيّة مبطّنة للتصعيد بهدف تعزيز المواقع والمواقف، مستوضحةً حول كيفيّة المواجهة في حال تبيّنَ أن لحزب الله دور في ذلك.

ما كان لافتاً هو كيفيّة استقبال مجالس سياسيّة محسوبة على 8 آذار لتغريدة السيّد، فقد تبلغتها بكثيرٍ من علامات الاستفهام لكونها شملت النواب الـ65. ومع فتحها باب التواصل والاستفسار مع الشركاء، تبيّن أن أيّاً من النوّاب لم يكن بوارد علم بالخطوة أو فُتِحَ بالموضوع من أصله. وهو ما انعكس امتعاضاً للمنحى الذي يسلكه النائب بإختزال موقف زملائه، علماً أنها المرّة الثانية خلال اسبوع التي يصدم بها حلفاءه.

اللافت في التغريدة أنها انطوت على قراءة سياسيّة متعددة ذهبت للجمع بين رقم 65 وعدد النواب المحسوبين على الثنائي الشيعي وحلفائه في التيّار الوطني الحرّ و8 آذار وسط إيحاء أن ما قصده السيّد يدل على توفّر نيّة لدى هذا الفريق بدفع الحريري نحو الاعتذار عن التأليف على غرار ما حصل في أيلول 2009.

كلام السيّد كان مدعاةً للملاحقة من قبل المعنيين به، أي الرئيس المكّلف سعد الحريري وحزب الله. الأول ردَّ على الكلام بعبارة "يبلّط البحر" وكأنه حمّل الموضوع أبعاداً شخصيّة. أمّا حزب الله، عمّمَ صمته الاعلامي من دون أن ينسحب ذلك على الاتصالات التي وردته من الحلفاء وغير الحلفاء لاستطلاع موقف. فردّ أن ما صدر "رأي شخصي يخص صاحبه ولا يعبّر عن موقف حزب الله، ولا داعي لتحميل التغريدة أكثر ممّا تحتمل".

وفي معلومات "ليبانون ديبايت"، أن الاوساط القريبة من الحريري اعتمدت القناة المعتادة لمعرفة ما إذا كان التغريدة تتضمّن رأياً للحزب، فأتاها الجواب على شكل تطمينات بأن الضاحية مع الاسراع بتشكيل الحكومة وازالة العقبات والعراقيل ما فهم أنه نفض يد من التغريدة.

وفي تقدير مصادر سياسيّة متابعة، أن حزب الله لا زال يدفع صوب تشكيل الحكومة وهذا يعني أنه ما يزال يرى أن الظروف الراهنة تستدعي بقاء الحريري واعطائه المزيد من الوقت والفرص" مشيرةً أن الحزب سلك طريق نزع العراقيل من أمام الحريري من خلال الجولات التي اجراها المعاون السياسي للسيّد حسن نصرالله حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا. وهذا يدل على أن حزب الله يُسهم في تسريع تشكيل الحكومة والمساعدة في تجاوز العقبات لا استدعاء اشكال اضافية منها.

في المقابل، ارخت الخطوة على استفسارات داخليّة لفريق يقف في النصف بين المشتغلين على خط التأليف، هل تنطوي على رسالة غضب مصدرها فريق النائب اللواء السياسي الذي يقرأ في تحوّلات سياسيّة طرأت منذ عودة النائب السابق وليد جنبلاط من السعوديّة واقتراب رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع مجدّداً من الحريري؟ ماذا لو أن السيّد سار في خطوة العريضة، هل هناك من يوقّعها؟

الوضع العام يشي العكس بفعل سير الجميع في قطار دعم التأليف وهو ما يجرّ إلى اعتبار أن التلويح بالعريضة الغاية منه ممارسة ضغوطات على الحريري ربّما اجتهادها النائب السيّد أو هي انعكاس لموقف فئة قليلة داخل فريق 8 آذار يرتبط بها السيّد اضرها اسلوب الحريري.