Beirut
16°
|
Homepage
تأشيرة هجرة الى مار مارون
روني الفا | الجمعة 08 شباط 2019 - 9:44

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

رأيتُ مار مارون يصلّي. في يده مسبَحة. شعرُه بلونِ تاريخ الموارنة وشيئٌ من البكاءِ يبلِّلُ لحيَتَه البيضاءَ الوقورة.

لمحتُه يبكي على شعبِه. نصفهُ في المهاجِر ونصفه الآخَرُ موزّعٌ على جيفةِ السلطة. خلتهُ يقول: عالجتُ الجنونَ والصّرَع وطردتُ الأرواح الشرّيرة فمن أين أتتِ اللعنةُ على شعبي من جديد؟ علّمتُ الموارنةَ الزهدَ فبَطَروا. كسَوتُ نفسي بجلدِ الماعز فكَسوا أنفُسَهُم بجلود التماسيح. تسلّحتُ من أجلهِم بصولجانٍ من خشَب فتسلّحوا بحرير الكراسي واستمتعوا بقيلولَة المناصب. سكنتُ في بيتٍ من القشِّ والعيدان فسكنوا القصور المنيفة وأقفلوا أبوابها أمام الفقراء.


صلّيتُ فَكَفَروا وآمنتُ فلَحَدوا. كانَ مارون وحيداً في كنيسةِ التقوى. المصلّونَ قلّوا وكَثُر التجّار. ليسَ بعيداً عن مارون كان هناك صبيةٌ يلعبون. ثلثٌ معطِّل. مناكفات. نفايات. ظلمة. حرائق درجة ثالثة في جسد ضمير الموارنة وعمَّال الإطفاء في الملاهي. تساءل مار مارون: مَن يا ترى مِن أولادي ما زال على عهد العفّة؟ هَربَ الجوابُ بعيداً. كانَ الفقراءُ في بيوتِهِم. رآهُم مار مارون يُحيونَ باسمِه قداديس الكرامة. بخورهم الصمت وصليبُهُم من خشبِ الحياة اليومية. اقترب مارون من شبابيك البيوت.

أراد أن يلوِّنَها بالرجاء. لم يحمِل معه ما يكفي من هذا الخليط الصّعب: رجاءٌ في دولة تصافح اليأس بحرارة. في عيده لم يجد مارونياً واحِداً في السلطة يقطع باسمه قالب حلوى. يذكرهُ بالخير. عيد مار مارون أصبَح دعوةً الى قداس إحتفالي وبطاقات كرتون مذيّلة في أسفَلِها بأكثر العبارات رَواجاً: لتأكيد الحضور أو الإعتذار الإتصال برقم كذا. تحسّرَ مارون لأنه تحوّلَ الى رقمِ كذا. تحسّسَ مارون قَلْبَه فاطمأنَّ إلى عروبَتِه. صرخَ في شوارع بيروت: " أنا عربي". لم يُجِبهُ أحد. قرأ في إحدى الجرائد عن وثيقة أخوّة صدرت مؤخراً في الإمارات العربية. طلبَ نسخةً عنها فلم يجد.

كل ما استنسخهُ الموارنة كان وثائق حربٍ ما زالت تستَعِر. علّمهم مارون حركة الأذرع المفتوحة فأغلقوها. علّمَهم صلاة الجماعة فتفرّقوا. علّمَهُم معجزة الشفاء فاعتلّوا. في عيده قررتُ أن أقتَفي أثره. رأيتُه وفِي يده تأشيرةَ هجرة الى الصلاة. اقتفيتُ آثار المُحتَفين بعيده في بلدي: جهلَة يقطعون قالب الحلوى ويتقاتلون عليه. دخل مارون الأراضي اللبنانية دون سجادٍ أحمَر. لم يستقبله أحد مخافة أن يصيبَه بِعَدوى زكام الزهد. تمنى الكثير من الموارنة لو أنه لم يدخل أصلاً. لو أنه دَخَل خلسةً. مار مارون، في عيدكَ أُشعِلُ شمعةً في كوخِك وانتظرُ شعباً علّه يتذكّر أنه من سليل قداسة لا من ذرية الشياطين. مارون. كل عام وانت قدوَتَنا.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد الحادثة الأليمة... أول تعليق لوزير الإتصالات! 9 بخاري يقاطع السنّة 5 عطلة رسمية بمناسبة "عيد المقاومة والتحرير"! 1
خطةٌ لترحيل عدد من المساجين السوريين... البيسري يكشف! 10 باسيل لم يحصل على الإعتذار… ويتراجع! 6 "علاقة حميمية" تثير البلبلة في بلدة جنوبية! 2
إقفال وإنذارات... مكافحة فوضى النزوح بدأت! 11 فيديو لمجموعة شبان أشعل الرصاص في عكار! 7 "حذار اللعب بالدين"... بيانٌ من الإفتاء الجعفري بشأن "شادن فقيه"! 3
انخفاضُ في أسعار المحروقات! 12 إجتياح رفح: قطع الإتصال فوق الأرض وتحتها 8 بنك أهداف قوي... و30 ألف قتيل! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر