Beirut
16°
|
Homepage
الجيش بعد الموازنة: لكل حادث حديث !
ملاك عقيل | السبت 22 حزيران 2019 - 1:07

"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل

لا أحد كان يتصوّر مشهداً شبيهاً ببداية التسعينيات يوم طوّق الجيش اللبناني، حين كان قائده أميل لحود ونائب مدير المخابرات جميل السيد، مبنى المالية أبّان ولاية الرئيس فؤاد السنيورة. يومها أوقف الأخير معاملات إدارية للجيش، فما كان من القيادة إلا ان أرسلت العميد موسى زهران لاستبيان الامر. قيل يومها أنه تعرّض لاهانة مباشرة من سكرتيرة الوزير، فجاء الردّ صاعقاً: دورية تقتحم مبنى المالية وتطوّقه ل "جلب" السكرتيرة ولإفهام السنيورة ممنوع الغلط!

لا الظروف ولا السياسة تسمحان اليوم ب "تخيّلات" من هذا النوع، لكن بالتأكيد في كل ما حصل ويحصل على "جبهة" المؤسسة العسكرية في "معركتها" للحفاظ على مكتسبات عسكرييها وحقوقهم بالتزامن مع إقرار موازنة التقشف، قاد الى اشتباك سياسي رصدت معالمه باكراً، لكن "سلاح" المواجهة، بالسياسة وبالشارع، بقي تحت السيطرة... حتى الان.


منذ اجتماعات مجلس الوزراء حتى جلسات لجان المال والموازنة المفتوحة خيضت المواجهة على أكثر من مستوى: في الاعلام وفي السرايا وبعبدا واليرزة وساحة النجمة... وفي الشارع تحديداً أمام وزارة المال!

أما المستهدفون بالضغط فهوياتهم واضحة: رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان موقفه ب "دعم الحكومة للجيش وتقديم المؤازرة له" لا يزال يطنّ في أرجاء اليرزة بعد زيارته وزارة الدفاع نهاية العام الماضي. وزير المال علي حسن خليل الذي، برأي كثيرين داخل المؤسسة العسكرية، كان "بوجهين ولسانين"، وصولاً الى الوزير جبران باسيل المتقدّم على "المتقدمين" في مشروع الوصول الى موازنة "النتف" والتخفيض القياسي للعجز حتى من جيوب العسكر ومكتسبات الجيش!

بغض النظر إذا كانت "إدارة الازمة" في اليرزة قد أتت بثمارها أو لا، وهذا ما لا يمكن التأكد منه إلا بعد صدور الموازنة ودرس "تأثيراتها" على العسكر، فإنه بالمقابل يصعب إهمال تفصيل أساسي في هذا الملف.

ففي الوقت الذي جاهر فيه باسيل بأن الجميع ملزم بتقديم تضحيات، وهو الامر الذي يقرّ به أصلاً العماد جوزف عون لكن ليس لدرجة التأثير على سير العمل داخل الجيش وهزّ "انتظامه وتوازنات الترقيات فيه"، ليس أمراً عابراً أن يخوض الجيش "معركة الحقوق" في ظل عهد رئيس الجمهورية ميشال عون القائد الاسبق للجيش اللبناني. مفارقة ملفتة ومعبّرة. قائد الجيش ورث تركة ثقيلة هي، قبل أي شئ آخر، نتاج سياسات الطبقة الحاكمة التي نصّبت نفسها اليوم، بكافة "رموزها"، راعية لمشروع الاصلاح!

الرهان على إمكانية تصويب وجهة الموازنة كان ضعيفاً خلال جلسات مجلس الوزراء، لكن نسبته ارتفعت مع إحالتها الى الجلسة رقم 20 في قصر بعبدا. هنا أيضاً لم يصب الرهان. أما داخل لجنة المال والموازنة فبداية الاسبوع ستكون حاسمة مع بروز دور محوري لرئيسها النائب ابراهيم كنعان في تصويب "انحراف" الموازنة في أكثر من بند.

وقد دلّ الكباش الذي جرى سابقاً بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الدفاع الياس بو صعب داخل اللجنة الى حجم التوتر الذي يسود المناقشات حيث لم يتوان وزير الدفاع عن المجاهرة بأن "معركته" في مجلس النواب هي إسقاط المادة 76 التي تمنع الإحالة على التقاعد في السنوات الثلاث المقبلة، إلا لمن بلغ السن القانونية للتقاعد كونها تؤدي الى إرباك في الجيش الذي تسعى قيادته لخفض عديد العمداء إلى نحو 150 عميداً. قيادة الجيش حسمت رأيها باعتبارها "مخالفة لقانون الدفاع ولقانون الحوافز"، خصوصاً حسم 25% في حال الأخذ بطلب التسريح المبكر.

أما وجهة نظر وزير المال فتقوم على أساس أن كلفة التقاعد المبكر كبيرة جداً على الدولة، وهي أصلاً تشمل كافة المؤسسات والإدارات ولا تستهدف الجيش، فيما يرى بو صعب أن إقرار هذه المادة سيراكم هذه المبالغ على الدولة بعد 3 سنوات.

وتفيد معلومات أن وزير الدفاع يسعى الى تعديل المادة المتعلقة بضريبة الدخل على المتقاعدين، مع العلم أن هذه المادة كما وردت في مشروع الموازنة يعتبرها مصدر عسكري أنها مخالفة للقوانين ولقانون الدفاع، متسائلاً عن "صندوق التقاعد" الذي "انفخت" وضاع ولا نعرف أين هو". ولا شك أن اللقاء الذي جمع الحريري وبو صعب مؤخراً تركز في جزء منه على تمهيد الطريق لايجاد الحل لهذين البندين.

وتؤكد المعلومات أن المادة المتعلقة بفرض اقتطاع شهري على رواتب ومعاشات تقاعد العسكريين بنسبة 3% من الراتب كبدل طبابة واستشفاء ستبقى كما وردت من الحكومة، فيما فرض ضريبة دخل على متتمّات الراتب لمن همّ في الخدمة الفعلية لا تزال عالقة. اما منع التطويع لثلاث سنوات فمرفوض بالكامل.

لكن المكتوب قد كتب. ميزانية الجيش طالها التقشف بشكل أثّر على التغذية والمحروقات والصيانة...، فيما مصير التدبير رقم 3 الذي سأل عنه باسيل في جلسة قصر بعبدا لا يزال رهن اجتماع المجلس الاعلى للدفاع المرجح أن يدعو الرئيس عون الى انعقاده بعد إقرار الموازنة.

مصدر عسكري يؤكد رداً على امكانية عدم الاخذ بالمطالب الاساسية للجيش "أن النقاش لا يزال قائماً في مجلس النواب، وهناك تواصل مع لجنة المال، وحين تقرّ الموازنة لكل حادث حديث، هناك خيارات مفتوحة خصوصاً أن عمر هذه الموازنة سيكون لأشهر قليلة جداً، وسيبدأ قريباً البحث في موازنة 2020، مع الاقرار الدائم بأن مكامن الهدر أكثر من معروفة، ولم تتم مقاربتها بطريقة جدية ومسؤولة".

يضيف المصدر العسكري "لا شك أن هناك استهدافاً للمؤسسة العسكرية، مع العلم أن الامن متلازم مع الاقتصاد والاستثمارات والسياحة والاستقرار... حتى الجباية من الاحياء والمناطق تحتاج الى أمن"، مؤكداً "أن أي تعديل متعلق بالتدبير رقم 3 سيواكبه تعديل في مرسوم تكليف الجيش حفظ الامن".

في سياق آخر، تسلّل الحسابات الرئاسية من بين بنود "موازنة العسكر" بات أمراً واقعاً. في اليرزة صمت تام، وإن تكلّم العارفون يجزمون "قائد الجيش مؤتمن على المؤسسة العسكرية، والسياسة تقف عند باب اليرزة". هذا الامر لم يمنع العماد عون من توجيه رسائل قاسية مؤخراً أقلها حديثه عن "مشروع تطويقنا وضرب معنويات العسكر والضباط"، وإشارته الى أنه "لم يترك للجيش تحديد نفقاته وباتت أرقام موازنته مباحة ومستباحة من قبل القاصي والداني"!

أما المتابعون لملف الكباش الخفي بين الوزير باسيل والمؤسسة العسكرية فيطرحون الاشكالية عبر سؤال "هل تبرّر الطموحات الشخصية ضرب المؤسسة العسكرية؟، مؤكدين "أن رئاسة الجمهورية اليوم ليست في جيب أحد. هناك ظروف اقليمية أتت بأميل لحود ثم ميشال سليمان رؤساء جمهورية، فيما المعيار نفسه حَجَب الرئاسة عن العماد جان قهوجي. ممكن أن يشتغل جبران باسيل ست سنوات بهدف انتخابه رئيساً، ثم يأتي ظرف اقليمي ودولي ما يُدخِل غيره الى قصر بعبدا"!
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد الإشارة بحقّه في قضية "التيكتوكرز"... سنجر يكشف خلفية الهجوم عليه! 9 "قلق وخوف" في طرابلس... على المسؤولين التحرّك فورًا! 5 فضيحة "مدوّية" هزّت لبنان... انتبهوا لأطفالكم! 1
"سيرجيو"... الموقوف رقم 10 في قضية "عصابة التيكتوكرز"! 10 "حدثٌ عظيمٌ"... جنبلاط يتحدّث عن "يوم النصر"! 6 سحب العناصر "أنجز" 2
لِضبط وتنظيم ملف السوريين في لبنان... الأمن العام يضع استراتيجية! 11 باسيل يدير ميشال عون 7 خطر كبير يهدد سكان الأشرفية ودعوة عاجلة لـ "حراسة ذاتية".. نديم الجميل يرفع الصوت! 3
جديدُ قضية "عصابة التيكتوكرز"... بلاغ بحث وتحر ومذكرة إحضار بحق متورّط! 12 درجات الحرارة إلى ارتفاع كبير... وهذه المناطق ستنال حصّة الأسد! 8 من جديد... راصد الزلازل الهولندي يثير الجدل بمنشور عن "العرب" 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر