"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل
فور انتهاءِ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل من كلمتهِ على مفرقِ القصر الجمهوري، كان المؤيّدون، كما الكارهون، على "الكوعِ" أيضًا.
مناصرو التيار الوطني الحر، استعادوا الكثير من الثقةِ وفائضِ القوّة الذي فقدوا جزءًا كبيرًا منه طوال أسبوعَيْ "الثورة" ولذلك لم يجدوا في خطابِ باسيل سوى رسالة مباشرة مفادها "نحن من بدأ بمكافحةِ الفسادِ لذلك لن نقبل بمساواتنا بالفاسدين"، وتعميم عمليّة "الايادي النظيفة" بإحراجِ السياسيين والمتعاطين بالشأن العام لكشفِ حركةِ حساباتهم منذ توليهم مسؤوليّاتهم!".
أما "الكارهون"، فاستفاضوا في ردّات الفعل. من "القصرِ" الذي يستقبل "التيار" لا "الثوار"، الى باسيل الذي "احتلَّ" منبر القصر الجمهوري ومعايرته بالكشفِ عن "أخطاءٍ" ارتكبها، منها السكوت عن رموزِ الفسادِ "خوفًا من الاصطدامِ بطائفةٍ" و"القبول بالاصلاحِ بالتراضي"، الى الرئيس "الفئوي" الذي يخطب أمام شارعٍ حزبيٍّ.
لكن من ضمنِ رسائلِ باسيل في خطابهِ الذي ضمَّنه ما يشبه التحذير للشارعِ الآخر بعدمِ رفعِ "مطالبٍ سياسيّةٍ يعجَز عن تحقيقها اليوم، "لأنّكم ستسرِّعون بالانهيار المالي"، كان لافتًا جدًا حديثه عن "أهلِ الوفا وهم كثرٌ بيننا وأهل الخيانةِ القلائل جدًا في صفوفنا"، قائلاً، "في الأزماتِ الكبيرةِ يا رفاقي، يظهر أمران: الخوفُ ونستطيع فهمه، والخيانةُ التي لا مُبرِّر لها. نحن جيلُ عون، ولكي نقدر أن نتحمَّلَ الكثير، يجب ألّا يكون بيننا خائف ولا خائن. ورئيس الجمهورية رسمَ لنا طريقًا نلتزمها ونمشيها لنحقِّق حلمنا".
سريعًا، اتجهت الانظار من خلال كلامِ باسيل الى النائب شامل روكز، (وبظهره النائب نعمة افرام)، الذي انفصَلَ باكرًا عن سياساتِ تكتّل "لبنان القوي" وشكَّك في أداءِ وزراءِ التيار الوطني الحر ورئيسه، وقاطع نهائيًّا اجتماعات ميرنا الشالوحي وطالبَ قبل استقالةِ رئيس الحكومة سعد الحريري بحكومةِ "اختصاصيين وأخلاقيين"، ووصلَ الى حدِّ المجاهرةِ بأن لا ثقة بمن في السلطة، مُناديًا برحيلِ الحكومةِ فورًا، "وبأنّ من فشل عليه أن يدفع الثمن!".
روكز الذي سبقَ أن أعلنَ بأنّ بعض المُحيطين برئيس الجمهورية قد لعبوا دورًا سلبيًّا، قاصدًا بشكلٍ أساسي باسيل، لا يرى نفسه معنيًّا برسالةِ رئيس "التيار" المُشَفَّرة، "بل ربما تعني حزبه ومن حوله".
وعن المسافاتِ التي باتت تفصله عن باسيل، يردّ "شو إلو معي. منذ فترةٍ طويلةٍ ابتَعَدت عن طاولةِ التكتل. ولست أنا من انقلب ضدّ الجيشِ والقضاءِ، ولست أنا من سخَّر مؤسسات الدولة لمصلحتهِ الشخصيّة!".
ومن موقعهِ كمؤيِّدٍ لميشال عون وبعد مطالبته بتشكيلِ حكومةٍ تكون اليد القويّة لرئيسَيْ الجمهورية والحكومة، يؤكِّد روكز لموقع "ليبانون ديبايت"، أنّه "إذا كانت الرسالة مُوَجَّهة لي فأنا لا آخذ شهادات ولا أنتظرها من أحدٍ، بل أعطي شهادات في الوفاءِ للبنان وفي الوطنيّةِ. وبالنسبةِ الى الخوفِ لم أنتظر يومًا من يغطّيني ولم أطلع على كتفِ أحدٍ لأصل".
ويضيف روكز، "خياري رسمته منذ بدءِ عملي في السياسةِ ومن خلال جهدي في مجلس النواب واقتراحات القوانين والاسئلة التي وجَّهتها الى الحكومة، وفي 20 أيار الماضي ومن خلال كلمتي في ذكرى نهر البارد قلت أنّ المواجهة آتية، رافضًا إقرار موازنةٍ تحمي الفاسدين".
روكز الذي يُعلِن دعمه للعهدِ والرئيسِ و"أنا من الدّاعين اليه ليمسك بالشارعِ الذي هو شارعهُ ويستكمِل الاصلاحات"، يستغرب، "القاء كلمةٍ حزبيّةٍ في التظاهرة التي حُدِّدَت كمسيرةِ دعمٍ لرئيس الجمهورية، فيما المنبر يجب أن يكون للعماد ميشال عون فقط".
وتعليقًا على كلامِ الرئيس عون، يقول روكز، "أؤيِّد مضمونه طبعًا، مع العلم، أنّ الوضعَ صعبٌ خصوصًا أنّ هناك من يحاول الايحاء بوجودِ شارعٍ بوجه آخر".
ويقول ردًّا على تعدّدِ الشوارع، "أنا مع الشعبِ الذي ثارَ وانتفضَ في كلّ المناطق اللبنانيّة لأنّ وجعه واحدٌ".
وعن الدعوةِ التي وُجِّهت من بعبدا لـ "الشارعِ الآخر" من أجل التلاقي، يردّ نائب كسروان، "الناس انتظرت كثيرًا ولم يعد بإمكانها الانتظار أكثر. لقد حقَّقت الثورة في أيّامٍ ما عجِزَت السلطة السياسيّة عن القيامِ به لسنواتٍ خصوصًا لجهّةِ الحديثِ عن اصلاحاتٍ وموزانةٍ بصفرِ عجزٍ، ثم استقالةِ الحكومةِ. هذه السّلطة لا تمشي إلّا بصرخةِ الشارعِ".
في ما يتعلَّق بشكلِ الحكومةِ المُرتَقَبة، يسأل روكز، "لماذا التهويل من حكومة الاختصاصيين وأصحاب الاخلاقِ والكفاءاتِ؟. ويضيف، "دلّوني على وزيرٍ واحدٍ يمكن الاتّكال عليه في هذه الحكومة المستقيلة ليُسهم في إنقاذِ البلدِ".
ويتابع، "هناك طاقاتٌ هائلةٌ يمكن البناء عليها للاتيان بحكومةٍ مُنسَجِمةٍ وفعّالةٍ مُلتزمة بمبدأ فصلِ النيابةِ عن الوزارةِ مع صلاحيّاتٍ استثنائيّةٍ مُحَدَّدةٍ في ملفاتٍ معيَّنة كالكهرباء والاتصالات وأخرى مرتبطة بمكافحة الفساد".
ويؤيِّد روكز كلام باسيل، "بعدمِ جوازِ أن تنتهي الثورة ببقاءِ الفاسدين ورحيل الاوادمِ"، قائلاً، "هذا الأمرُ يتمّ من خلال إصلاحٍ قضائيٍّ شاملٍ والتحرّر من قبضةِ السياسيين"، معتبرًا، أنّ "الاستعراضَ الذي شهدناه من خلالِ رفعِ السريّة المصرفيّة عن حساباتِ وزراءٍ ونوابٍ لا ينفع وفي غير محلّهِ. إذ هناك قوانين تتيح اليوم رفع السريّة المصرفيّة كقانونِ مكافحةِ تبييض الاموال، وهناك لجنةُ التحقيقِ الخاصّةِ في مصرفِ لبنان والتصريح عن أموالِ السياسيين أمام المجلس الدستوري".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News