"ليبانون ديبايت"

سنوات قليلة، كانت كفيلة بتحويل بلدية بيروت الى "مغارة علي بابا" تحوم حولها شُبهات السرقة والهدر والمحسوبيات، وبغطاءٍ سياسيٍّ لم يعد خافيًا على أحدٍ ضربَ المجلس البلدي بعرضِ الحائطِ القوانين وخالفها بسلسلةِ قراراتٍ شملت اراضٍ ومشاريع وتمويل جمعيات وغيرها من الامور التي حرَمَت إبن العاصمة من رؤيةِ مدينتهِ بصورةٍ أفضل.

حاولت بلدية بيروت ومن يقف وراءها من رجالِ أعمالٍ ومتعهدين وبغطاءٍ سياسيٍّ حزبيٍّ، تمرير محرقةِ العاصمة، بيد أنّ انتفاضة الاهالي أحبطت المخطط ونجحت بوقفِ هذا المشروع الذي كان هؤلاء يريدون تقاسم جبنته. وكان هناك قرارٌ صادرٌ عن إحدى جلسات المجلس البلدي يقضي بطلبِ سحبِ ملف محرقة بيروت من مجلس الإنماء والإعمار إلى البلدية لإنهاءِ الدراسة وإطلاق المناقصة، وما اتفِقَ عليه في جلسة البلدية مختلفٌ عن الذي أُرسِلَ إلى وزارة الداخلية.

وعلى ذمّةِ محافظ بيروت، فإنّ البلدية لم تقبض من الشركةِ المستثمرة لمشروعِ الباركميتر في العاصمة أو هيئة إدارة السير قرشًا واحدًا طوال 15 سنة، في حين كان المواطنون يدفعون بدل ايقافِ سيّاراتهم في الاراضي التي خصَّصَتها البلدية للوقوفِ وفق نظام الباركميتر.

ولمَن خانته الذاكرة، ثمّة مناقصة قُدِّمَت الى المحافظ لإنشاءِ سوقِ خضارِ بيروت كانت مفصَّلة على قياسِ شركةٍ معيَّنة، في حين كان أحد أعضاءِ البلدية يرأس جمعية أهلية يتقاضى سنويًا 200 مليون ليرة لبنانيّة، فيما تقاضى أحدهم مبالغ خياليّة للإنفاق على فريقِ إطفائيّة بيروت لكرة اليد، وآخر لتحسين نسلِ الجواد العربي.

ولأن مبدأ المحاسبة بعيد من المجلس البلدي، فإنّ الاتفاقيّات التي تبرمها بلدية بيروت تتمّ بالتراضي من دون إجراءِ مناقصاتٍ، ومن بينها تحسين الكورنيش بكلفةِ 232 ألف و500 دولار.

أما الفضيحة التي لم يبلعها اللبنانيون، فهي تلك المتعلقة بجمعيّة "Beast" والتي قرَّرَت بلدية بيروت صرف مبلغٍ بقيمةِ مليون دولار لزوم عقدِ تزيين شوارع بيروت في ذكرى الميلاد والمولد النبوي الشريف، إلّا أنّ الجمعية لم تبادر الى وضعِ الزينة، والاخطر أنّ في رصيد هذه الأخيرة دعاوى قضائية.

واللافت في هذه القضية، هو مخالفة البلدية للقانون من خلال صرفِ مبلغٍ من المال لغرفةِ التجارة والصناعة والزراعة من أجل المساعدة في الزينةِ لأن الغرفة ليست جمعية، وبالتالي، لا يصحّ أن يُصرَف أيّ مبلغٍ ماليٍّ لها بشكلٍ مباشرٍ.

هامش الحركة داخل المجلس البلدي في بيروت وفَّرَه غطاء تيار المستقبل وتحديدًا الرئيس سعد الحريري، فكانت المكافأة دسمة ولبّى المجلس البلدي طلب رئيس "التيار الازرق" فـ"وهبَ" عقارات العاصمة الى "أزلامِ" بيتِ الوسط الذين تاجروا بدورهم بهذه العقارات ومنها موقف كورنيش المزرعة للسيارات، الذي استأجره نجل المسؤول الامني للرئيس الحريري جمال منصور من البلديةِ وبسعرٍ لا يتناسب مطلقًا مع السعر الذي استثمرَ به الرجل العقار.

ولأن "البزنس" أكبر من الذاكرة أو التاريخ، قرَّرَ نجل منصور تلزيم موقفِ الحمراء شارع المقدسي الذي باعته البلدية الى الحزب السوري القومي الاجتماعي في رأسِ بيروت حيث يقع مركز الحزب.

بلدية بيروت التي وجدت في مواقفِ السيارات في العاصمة لزوم ما لا يلزم ومنها موقف ساحة أبو شاكر في منطقة الطريق الجديدة وموقف سوق الخضار في منطقة ارض جلول، قرَّرَت الاستغناء عنها لصالحِ الشخصيّاتِ المُقرَّبَة من الرئيس سعد الحريري أو تلك التي تعمل على تجيير مفاتيحها لمصالحٍ حزبيّةٍ خاصّة.