المحلية

الاثنين 29 حزيران 2020 - 03:01

فرمانُ الإنقلاب... مِن اليَرزة إلى عوكر!

فرمانُ الإنقلاب.. مِن اليَرزة إلى عوكر!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

منذ زيارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة بات المكتوب يُقرأ من عنوانه، رياض سلامة وصي على تطبيق قانون قيصر في لبنان، قالها سابقاً أحد حلفاء المملكة في بيروت الوزير السابق نهاد المشنوق تويترياً: "إقالة رياض سلامة هدفها منع تنفيذ قانون قيصر بحق النظام السوري".

وهذا يعني أن الغيمة العائمة والمدعومة بالمياه الثقيلة ما زالت تحوم فوق سلامة وستبقى إلى أن يشاء العم سام، بل أن "جدول الأعمال" المحدد للمرحلة المقبلة متخم بالبنود طالما أن سلامة ارتفع فوق سائر الأعيان وأضحى حاكم بأمره. ومن الزيارة إلى الوكيل بالأمر السعودي إلى موشحات مايك بومبيو وقبله ديفيد شينكر وبينهما كلام الوزير الإماراتي أنور قرقاش وليس آخراً إبداعات المفوض السامي الأميركي دورثي شيا في مجال إزهاق روح السيادة والمشي في جنازتها، ثُبِتَ أن الوضع اللبناني يقف على "كف عفريت"، فإما أن ينصاع اللبنانيون إلى رغبات "حلفاء الأطلسي" أو أن إزهاق الدولار ومن خلفه الإقتصاد ماضٍ إلى ربه.

أمّا إختراق المشهد من قبل شيا وتحويل الـ "ويك آند" من بارد إلى ملتهب، فأتى كدفعة على حساب تعزيز الحضور الأميركي في هذا الوقت حيث تعرض واشنطن شركاتها في المجال الجوي اللبناني من بوابة التدخل وتحديد "جدول أعمال" الدولة وما لها وما عليها، ولكن "محمد" لا يمزح... الآن جاء دور الجد وعلى مستعرضي المفاتن ووكلاء تقديم الخدمات أن يفهموا الرسالة جيداً وأنه "من اليوم ورايح" بات الضرب من الحزام ونزول، وثمة ملاكمون كثر مستعدون لتوجيه ضرباتهم.

وعلى الخريطة يظهر أن ثمّة أكثر من حل. صحيح أن بومبيو خيّر اللبنانيين بين حكومة تدعم حزب الله أو أخرى تتحرّر منه كواحدة من موجبات استئناف الدعم، لكن حسابات الحقل شيء والبيدر شيء آخر. في البيدر حزب الله أو بالاحرى فريق الثامن من آذار لن يتخلى عن امتيازاته السياسية التي جناها بالتعب وعرق الجبين من خلال إنتخابات نيابية متفق على نزاهتها بالغالبية الساحقة عام ٢٠١٨، وفي الحقل "حصادة أميركية" تريد إجتياح كل الرزق واستبداله بشتلات تالفة لا تصلح للمونة السياسية بل للنكاية السياسية.

والمشكلة أن الحكومة ما تزال تغرق في جلد نفسها وفق عناوين شتى، اللجان وما أدراكَ ما اللجان مصيبة المصائب القابعة على يسار حسّان دياب، دعك يا دولة الرئيس من اللجان واستقر على نفر قليل من المستشارين، وأخرج نفسكَ من مستنقع "تصريف الأعمال" الذي أقحمتَ نفسكَ فيه، وباتت حكومتك أشبه بحكومة عرجاء "محكومة بالتصريف لا التقرير" على حدّ ما ينصح أحد أركان الثامن من آذار في حديثه لـ"ليبانون ديبايت".

وتصريف الأعمال يجرّ خيبة وراء خيبة، وربما أكثر في ظل توافر رغبات ونوايا جدية للاطاحة بحسّان دياب، سواء باعتماد استراتيجية "الخرق" من خلال ابتداع نغمة التعديل الحكومي ورميها على طاولة النقاش في كل مرّة يسبح فيها الدولار على أعماق شاهقة، أو من وراء الإنقلاب الذي كان قد سبق لدياب واعلن عنه يوم وقف أحد أجهزة الأمن "شاهد ماشفشِ حاجة" أثناء حفلة "التكسير والحرق" ليلة ١١ حزيران. من هنا، كان يجدر بحسان دياب الانتباه إلى أن ما يُحاك ضده، أكبر بكثير من مسألة سلب مقعد رئاسي، بل إظهاره بموقع الضعف والفشل وتحميله مسؤولية فوضى يجري تحضير مسرحها بهدوء ورويّة أمام عامة اللبنانيين وأبناء طائفته خاصةً.

والبدائل عن دياب جاهزة ويجري تقليبها على نارٍ هادئة بين هذا وذاك. لم يعد التلويح محصوراً بالاعلام نظراً إلى حضور أدلة دامغة تكشف تواطؤ موزعة أدواره بإتقان بين فروع ابطال المسلسل كتقديم محمد بعاصيري للسفير السعودي على طبقٍ من "منقذ" مدعوم بسرية "البنك المركزي والأربعين مصرف " لا غايةَ منه سوى إبراز دور "الفصيلة السعودية" في إنتاج واستخراج الحل في لبنان متى أرادت ذلك.

والحلُّ لن يأتي هذه المرة فقط على حساب حسّان دياب، بل على حساب من أتى به سياسياً إلى ميدان السراي. ويأمل من الحفر أسفل مقر رئاسة الحكومة إستئصال حضور فريق محور إيران - سوريا من الخارطة السياسية اللبنانية، لكن لهذا الاستئصال في حال حدث تداعيات وتداعيات لن تبقى محصورة في الداخل، والكلام أعلاه لا يرد في مقام التهويل وتكبير الحجر بل وفقاً لقواعد إشتباك سياسية وغير سياسية باتت معلومة ومعلنة.

وحزب الله ونسل حلفائه، هنا وهناك، أبلغوا رسالتهم المحذّرة باكراً من مغبة "الدق بحسّان دياب كرئيس لمجلس الوزراء"، فالمسألة ليست شخصية بل لما لدياب من دعم مجير له من قبل محور كامل، ولو ان دياب سياسياً لا يُعد منخرطاً فيه، وفي لغة السياسية فالخسارة ونتائجها تسقط على محور وليس على فرد.

وفي لبنان ايها السادة، تركيب السلطة لا يأتي من فوهة البنادق أو مندرجات العقوبات وتجويع الناس ونشل جيوبهم بعملية سرقة منظمة يتواطأ فيها الداخل والخارج، وحده التفاوض والعرض والطلب كفيلان بإحداث تغيير، وطالما أن تكبير الرأس يأتي من فوق، فمعناه أن الاستحواذ على السلطة التنفيذية وتجييرها في خدمة رغبات إمرار "صفقة القرن" غير قابلة للتنفيذ. دعكم من خياراتكم المرة في رئاسة المجلس، وإعادة استنهاض "الحاضنة الإقليمية" كتقاطع سياسي مواجه لقطر وتركيا، فإفراغ حكومة حسّان دياب لن يتم بهذه الطريقة وفرض الخيارات بالقوة خلفه أثمان، هي خلاصة قول الركن في الثامن من آذار.

ما يهم أن على حسان دياب الخروج من دائرة تصريف الاعمال نحو خانة الوضوح السياسي، صحيح أن دفتره يسجل انه لن يخسر شيئاً، لكن الخسارة واقعة على البلد في حال "فرطت الحكومة".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة