Beirut
16°
|
Homepage
إنفجار المرفأ… المطلوب رأس حزب الله
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 06 آب 2020 - 12:37

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

فرضية الغارة على مرفأ بيروت معدومة بشهادة كبار قادة الأمن. صحيح أن الرواية الحقيقية لسبب التفجير المهول ما زالت "تحت الانقاض" تتوسطها البعثرة الجارية في المسرح السياسي، لكن الصحيح ايضاً، ان الاحتمالات لا بدّ أن تكون مفتوحة، تبدأ بعامل الإهمال المرجّح حتى الآن ولا تنتهي بالتلاعب الأمني في إقليمٍ متوتر بظروفٍ مهيئة.

وفي الحديث عن الغارة وإشاعة أجواء حول وجود خلفيات أمنية وحصرها بها من دون إعطاء الحادث أبعاداً أخرى كالاهمال مثلاً، وتوجيه أصابع الاتهام تجاه إسرائيل - المستفيدة طبعاً- وتبرئة ساحة الفاسدين، هو كلام حق يراد به باطل، يوفّر نوايا خبيثة تهدف إلى توجيه الاتهام نحو طرف داخلي ضمن قالب سياسي يوحي بتحميل حزب الله كامل المسؤولية عما جرى.


ملامح هذا الجو بدأت تتمظهر منذ صباح الأمس، مع احتشاد فرق 14 آذار خلف رواية واحدة "الاستهداف المشبوه على أبواب 7 آب". قالها نديم قطيش بحسرة، ليتبعه فارس سعيد ومجموعة أخرى تُدين بالولاء إلى نفس الفريق بدأت تطالب باستدعاء تحقيق دولي على عجل.

وبيروت تجربتها مع لجان التحقيق الدولية مرّة. ليس آخرها لجنة "ديتليف ميليس" التي ركّبت التحقيق في قضية الرئيس الحريري كما تشتهي سياسياً وأسّست قرائنها على إتهام صريح منذ البداية لحزب الله، هل هذا ما يريده هؤلاء لجنة تحقيق وفق هذا النموذج تبرّر نقل اتهامهم من خانة سياسية إلى اخرى جنائية؟

أمر من هذا القبيل يستدعي الإنتباه الى وجود مخطط ما، أو نية في تكوين خيوط لمخطط أو توافر رغبة في تحويل الكارثة إلى أداة للاستثمار السياسي. وحده حزب الله لاذ بالصمت أمام كل الاتهامات من موقع العالم بحقه.

أما اللافت فكان إعداد المسرح السياسي لتقبّل إتهام من هذا النوع، قام على التلميح بدور ما لحزب الله، قوبل ذلك بتظهير التلميح بشكل أكبر ضمن مستوى سياسي معين محسوب على 14 آذار، بدأ بأخذ الحديث إلى مكان آخر، بداية بإستقالة النائب مروان حمادة ومحاولة إستجرار تدويل ضمن مستوى ما وانتهى عند طلب استقالات جماعية بشكل متدرج ومرسوم.

أوحى ذلك أن القصة "ليست بنت ساعتها" بل نتاج مسار طويل. يتردّد أن هذا السيناريو كان مجهّزاً للتطبيق لما بعد 7 آب كرد فعل على قرار المحكمة البدائي في قضية اغتيال الرئيس الحريري، تقع من ضمنها كتلتي "المستقبل واللقاء الديمقراطي". جو مماثل كان قد سادَ زمن اندلاع الثورة. وقتها طغى الحديث عن استقالات جماعية بهدف الدفع صوب إجراء انتخابات نيابية مبكرة في ظل نشوة الشارع والاعتقاد بتوافر قدرة على سلب الاكثرية اكثريتها، لكن لاحقاً جرى تجاوز الموضوع بعدما بيّنت الوقائع إستحالة حدوث ذلك وأن نتائج أي مغامرة في الانتخابات قد تأتي بعكس ما تشتهيه المراكب.

هذا ما عكسه المشهد القاتم المكلّل بالسواد نهار أمس. أصبحَ حزب الله موضع إتهام صريح ومباشر، من خلال تعمد تظهير تساؤلات حول إحتمال وجود أسلحة في العنبر رقم 12، صواريخ ذكية كما قال النائب وهبة قاطيشا، دفعت إسرائيل إلى شن غارات. حديث كهذا، ينقلنا إلى سيناريو اسوأ، كأننا أمام تحميل طرف محلي وحده مسؤولية "فضيحة جماعية"، أو أننا نرمي بالاتهام على حزبٍ سياسي ونوحي أنه يستخدم "المرفأ المدني" لأغراض عسكرية!

كلام قاطيشا وغيره من شخصيات الفرع المتطرف في نادي الرابع عشر من آذار، كان مدعاة حذر من جانب الفريق الأمني، الذي لاحظَ تعمداً واضحاً في تغيير مسرح الجريمة وتعديله بما يتلاءم والظروف السياسية من دون إنتظار الفراغ من التحقيقات التي ما زالت في بدايتها، وسط توافر فرضيات كثيرة لا بد من درسها. هذا الكلام، نقلنا من حالة إلى أخرى، من مأساة انسانية تسببت بها أعمال متعدد المسؤوليات تفوح منه روائح السمسرات والفساد، إلى حالة سياسية يُراد من خلالها توريط جزء من اللبنانيين وتحميلهم أثماناً من دون دليل، إمعاناً في طلب المزيد من الحصار لتصريف أحقاد سياسية منقطعة النظير، حتى نيرون الذي جلس يتفرّج على حريق روما لم يكون بهذا القدر من الحقد والنرجسية!

ورواية قيام حزب الله بتخزين الصواريخ تدحضها جملة وقائع، تبدأ بطبيعة الباخرة والشحنة المصادرة منها عام 2013 وترتبط حتى عام 2020٠ بسياق طويل من الاهمال وتعمد التجاهل ولا تنتهي بتوافر رغبات لاستثمار سياسي واضح في ظرف مؤاتٍ.

ومحاولة التوريط نفسها ماثلة إلى العيان من الداخل. طوال نهار أمس، حشدت بعض القنوات ضيوفها نحو "صب الاتهام" باتجاه هدفٍ واحد. فرضية الغارة لم تغادر أذهانهم، على الرغم من تأكيد أكثر من مصدر ومن بينها عسكرية تجزم لا اشارة لحدث "غير مألوف" حصل فوق العاصمة. الحديث هنا عن تحليق للطيران الاسرائيلي. تذكر المصادر أن التحليق المعادي "شبه روتيني يحدث يومياً وليس من قبيل المصادفة إطلاقاً أن يحصل تحليق لطيران معادي فوق بيروت".

مع ذلك، لا تُسقط المصادر الأمنية والعسكرية فرضية العمل الأمني، على الرغم من أن ما يتوفر لديها من معطيات أولية، يعطي الهامش الأكبر لعمل "غير عسكري". فرضية التلاعب بموقع تخزين "نترات الامونيوم" من طرف معادي متوفرة. سبق لاسرائيل أن ادّعت وجود "اسلحة تابعة لحزب الله في المرفأ" من قبيل مساهمتها في تشويه صورة الحزب وزج مؤسسات الدولة في أي إتهام لتبرير ربما قصفها لاحقاً. هذا الاتهام لم يقرن بدليل، لكنه أفصحَ عن وجود رغبة إسرائيلية في توسيع دائرة المواجهة مع حزب الله.

من هنا، قد يكون الاسرائيلي الذي يعلم بوجود هذه المادة، لديه مصلحة في تخريبها من أجل تصويب الاتهام تجاه الحزب أو استثماره في هذا الاتجاه. تبقى هذه الفرضية موجودة، يقابلها أخرى تجدها المصادر "واقعية أكثر". الحديث يدور هنا عن "خطأ بشري غير مقصود" تسبب بالكارثة. تبرز في هذا المجال معطيات عن وجود "أمر عمل (تلحيم)" محدد في العنبر رقم 12.

صحيح أنه قد جرت محاولة لتكذيب الواقعة، لكن ثمة وثيقة تظهر أن بوابة العنبر تُعاني من ترهل يحتاج لعملية صيانة عاجلة. النظرية الأمنية تتحدث عن تسرب "شرارة تلحيم" بإتجاه حاوية مفرقعات من أعيرة ثقيلة كانت مخزنة في العنبر، يؤكد أكثر من مصدر أنه قد جرى مصادرتها في وقتٍ سابق لعدم تطابقها مع المعايير المحددة من قبل الدولة.

الشرارة التي تسلّلت إلى الحاوية، على الأرجح هي التي تسببت بحريق كبير نتيجة تفاعل البارود مع النار، وهو ما أدّى إلى تسرب الحريق سريعاً بإتجاه "بالات النترات" المنتشرة في العنبر والمقدرة بنحو 2755 طناً. حجم كهذا يكفي ليس لتدمير نصف مدينة فحسب بل لأحداث نصف إنفجار نووي وهذا ما حصل.

المسؤولية متعددة وهنا تقع على أكثر من طرف. القضاء أولاً الذي استسهلَ تخزين الكمية المصادرة رغم علمه المسبق أنها تحوي على نسبة تفوق الـ11% من النتروجين (طبقاً للقوانين اللبنانية يسمح بإستيراد فقط ما دون الـ11%). هذه النسبة، وفق خبير عسكري لـ"ليبانون ديبايت"، كفيلة بتحويل المواد إلى قنابل هيدروجينية! ثمة مشكلة أخرى تقع على كاهل القضاء ايضاً الذي أمرَ بمصادرة المادة وتخزينها من باخرة معلوم لديه أنها تواجه عثرات مالية وتجارية ومشاكل تقنية، واصحابها فارون من وجه العدالة، وتترتب عليهم دعاوى قانونية. ثم لم يقدر على إيجاد الترياق المناسب لتصريف المادة. معلومات "ليبانون ديبايت" تكشف في هذا الصدد عن رفض شركة "شماس" شراء الكمية بعد فحصها نظراً لكمية النتروجين العالية والخلل الواضح في توضيبها.

ثانياً تترتب مسؤولية على الشق الأمني. الجمارك مثلاً كان يمكنه إرسال توصية بإخراج المادة من المرفأ فوراً وعلى نفقة الدولة اللبنانية وهذا متاح، تقول الجمارك، لأنهم كانوا على إطلاع على تحقيق الخبير العسكري في الجيش عام 2014 الذي خلص إلى أن المواد المصادرة "خطيرة على السلامة العامة وقد تنفجر موصياً بنقلها خارجاً". هذا التقرير واكبَ وعلى مدى 6 سنوات بأكثر من تقرير مشابه، أحدهم صادر عن الجمارك، وآخره صدر عن أمن الدولة، فلماذا القضاء هنا لم يبادر إلى التحرك؟ الجواب كما تقول مصادر سببه "عدم قدرة القضاء على إيجاد مخرج للقضايا القضائية العالقة".
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر