Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
أكبرُ مِن وزارةِ ماليّة!
عبدالله قمح
|
الاربعاء
16
أيلول
2020
-
2:00
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
النسخة الثانية من الاستشارات النيابية التي استضافها قصر بعبدا أمس أكدت المؤكد من أن المشكلة ليست في الحكومة بل على الحكومة، وأن الخلاف الذي نشأ بداية عند ضفة "الحقيبة الميثاقية" بالنسبة إلى الثنائي الشيعي تمدّد ليشمل لاحقاً آليات تأليف الحكومة وهنا لُبّ القضيّة.
خلال سريان مفعول هذه الاستشارات، فهم أن معظم الكتل لا مشكلة لديها في المداورة شرط أن تنسحب على كافة المواقع وهذا يُعد خرقاً يسجل في جعبة رئيس الجمهورية. الخرق الثاني سجل على مسار تأليف الحكومة وجاء على لسان "الثنائي الشيعي" الذي تراجع خطوة إلى الوراء بعودته عن رفضة المشاركة في الحكومة، مشروطاً بتوليه وزارة المالية والمشاركة في تسمية الوزراء الآخرين الشيعة.
قد ينظر البعض إلى هذه المسألة على أنها تعقيد قد تفتح الباب أمام مطالب أخرى، لكنها في الاساس "خطوة مفتاحية" تُعيد النقاش الحكومي إلى بدايته ووفق الأسس التقليدية التي تختلف عن تلك التي حاول من هم خلف رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب إرساءها على ظهره.
من المستغرب أن يجري تصوير حراك رئيس الجمهورية ميشال عون الأخير على أنه بمثابة تعدٍ على "حقوق السنة" وتجاوزاً لمواد الدستور، فالدور الذي أداه عون في استدعاء رؤساء الكتل إلى بعبدا ومفاتحتهم بموضوع تشكيل الحكومة جاء منسقاً مع الرئيس المكلف بل وقد جاء إستجابة لنداء التشاور وإستكمالاً لمشاورات كان يفترض بأديب أن يتولاها مع الكتل لا تجاهلها، ويحسب للرئيس أن أنقذَ أديب من ورطة وضعه فيها الذين يفترض أنهم حريصون على صلاحيات أديب ودوره.
لقد تعامل أديب منذ البداية مع عملية تشكيل الحكومة باستعلاء شديد. ربط موقفه بعنصرين. خارجي ومصدره فرنسا الراعية لعملية تسميته، وداخلي ومصدره "الرباعي السني" مغطي التسمية والناطق بلسانها عملياً، وبالارتكاز إليهما بنى مشواره. الفرنسيون أرادوا حكومةً "سريعة" منسجمة مع مبادرتهم ولا شأن لها في السياسة، في المقابل سعى "الرباعي" من خلف أديب مستغلاً الحيوية الفرنسية لتحويل المبادرة إلى فرصة يتمكن عبرها من فرض أعراف جديدة في عملية التأليف، ويفرض "أمر يوم" على رئاسة الجمهورية والاكثرية النيابية تحت حجة "ضيق الوقت" لتمرير ما عجزَ عن تمريرها طيلة 4 أعوام.
الثنائي الشيعي بصفته العضوية داخل الاكثرية النيابية أدركَ الأمر باكراً، وقد وجدَ في محاولات فرض الأعراف في مسار تشكيل الحكومة على أنها في الأساس محاولات لاعادة دوزنة تركيبة البلد والانقلاب على الصيغة الحالية المعمول بها وتغيير آليات نشوء السلطة وأساليب استنباطها بإستغلال جملة عوامل سياسية وميدانية طارئة، بداية في الانقلاب في المزاج الذي أحدثه انفجار المرفأ وقبله في الانقلاب السياسي الذي تبلور مع نشوء حالة 17 تشرين، والذي ادى عملياً إلى الخلاصة التي نطقَ بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في شارع الجميزة تحت تأثير الجموع الغاضبة: "تغيير النظام".
صحيح أن الجانب الفرنسي المعني قد فسّر كلام ماكرون على أن المقصود به هو "إحداث تغيير في السيستم" ولا يتعدى أي شيء آخر، مع ذلك، فإن معاينة مع يجري على المستوى الحكومي الآن، أن التغيير قد دخل فعلاً على "سيستم تأليف الحكومة" تحديداً، وهو ما تسبّب بنفور الثنائي الشيعي باكراً.
في الأساس، نصّت المبادرة الفرنسية على بنود حل للمشكلة السياسية اللبنانية ولم تلحظ في أي منها أن تدخل في التفاصيل كما يحدث الآن في عملية تأليف الحكومة مثلاً، حيث تحولت إلى موطئ قدم لتتدخل في التفاصيل إلى حد إملاء قرارات وفرض رؤى حيال التشكيل وكيفية توزيع الحقائب، وبالنسبة إلى كثر، لم تعد المبادرة الفرنسية "مبادرة"، بل باتت أقرب إلى عملية فرض وصاية سياسية بالإكراه.
في ظل هذا التعديل، لا يعقل أن يسأل الثنائي الشيعي على أي تعديل قد يطرأ على مسار نظرته إلى المبادرة الفرنسية بشكل عام.
حتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من كل التحفظات، ما زال الثنائي الشيعي يتعامل بود مع المبادرة الفرنسية، لكن ذلك لن يدوم طويلاً في حال دام التلاعب في أسس المبادرة وآليات الحكم اللبنانية كما يجري الآن.
بالنسبة إلى هذا الثنائي، لا يقبل ربط كل المشكلة الحكومية الحالية برفضه حصراً "تعليب التسمية" في حقيبة المالية التي رفّعها إلى مستوى "الحقيبة الميثاقية". صحيح أن لهذه الحقيبة دور أساسي ومؤثر في زمن العقوبات الاميركية ولا يعقل أن يتركها لطرف آخر غير موثوق ولو كان شيعياً، قد يحولها لاحقاً إلى أداة كما حول حاكم مصرف لبنان مقرّ الحاكمية والمصارف كافة إلى أداة حربية تخدم مصالح العقوبات الاميركية، لكن الصحيح أيضاً أن إعتراضه يتصل أيضاً في ظروف سلبه حقوق الاكثرية النيابية، وهي حق مكتسب له ولحلفائه نالها نتيجة جهود إنتخابية مضنية.
على هذا الاساس بات الثنائي يأخذ ملف تأليف الحكومة بحساسية شديدة نتيجة ربطه مع عدة عوامل يستشف منها أنها محاولات مستجدة لانتزاع حضور الاكثرية وتأتي في سياق هذه المحاولات التي انطلقت بداية مع طرح نظرية الانتخابات النيابية المبكرة ثم تحولت لاحقاً إلى "قضم" الحضور الأكثري في الحكومة.
في الخلاصة، إن بداية الحل الحكومي يجب أن تبدأ في الإقرار بحق الأكثرية في تفسير اكثريتها لا اختراع أعراف جديدة تبرر تجاوز رأيها، حتى ولو كانت اللحظة السياسية استثنائية، فالضرورات هنا لا تبيع المحظورات.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا