Beirut
16°
|
Homepage
مِن إصبَع شوكولاته إلى إصبَع ديناميت
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 17 أيلول 2020 - 7:05

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

تعود بقوة في الآونة الأخيرة لغة موليير. تخال وأنت تمرّ بالقرب من قصر الصنوبر في بيروت أن ڤيكتور هوغو وبؤساءهُ سيخرجون عليك من فوق أسوار السفارة. أنتَ اليوم في مقاطعة فرنسية مثلك مثل كاليدونيا الجديدة. بالطبع زوّار الإنتداب من اللبنانيين كُثُر. مُشَنشَلون بالشانيل والهرميس ويَحتَسون البوردو، ولولا نفاد الجبنة الفرنسية من الأسواق اللبنانية لفاحت روائح الزوار اللبنانيين روكفوراً وكامامبير في حديقَةِ برونو. نحن بكل بساطة تحت سلطة الإنتداب الفرنسي وما علينا سوى نزع بلاطة الجلاء عن صخور نهر الكلب واستبدالها بأخرى تحفر وجوه الجنرالات الفرنسية الجديدة التي ستحكمنا أو تكاد.

بين السوري والفرنسي فرق كبير. السوري يعرف كل صبيانياتنا. كان يُسَلسِلُنا أبّاً عن جدّ. يعرف عن آبائنا وأجدادنا قصصاً لا نعرفها نحن. اذا نقصته معلومة بعث بمخبريه يستقصي عنها. كان حافظاً للتوازنات والعائلات والبيوت ومراعياً لحساسيات الطوائف والمذاهب والعشائر والقبائل والمناطق. لم نشعر في عهد وصايته بأي غبن. كنّا عبيداً بعبودية قنوعة. اليوم نشعر أن عبوديتنا غير مكتملة. نريد أسياداً أشداء يعرفون أين يجلدوننا. الفرنسي يخاطبنا عبر ماجدة الرومي وفيروز. نحن شعب تعوّدنا على صوت رستم وغازي وجامع. نحن شعبٌ يحب الكرباج.


طوال فترة إقامتنا في أقفاص لم نقلق يوماً على تشكيل حكومة. على انتخابات تشريعية أو على تعيينات فئة أولى. كانت خلافاتنا تُحَلُّ بكرتون برازق من جديدة يابوس. كانت تُشَكّل حكوماتنا بسرعة البرق. لا خبرة لماكرون في صناعة البرازق ولم يتعلّم في روتشيلد صناعة أقفاص متينة بجودة عالية. أقفاص مليئة بالقنبز ولكن بلا أبواب. في الزمن السوري كان القنبز متوفراً شرط أن ننقدَه في القفص. كان مسموحاً أن نغرّد إنما من دونِ صفيق أجنِحة. كانت الأبوابُ مقطوعةً في السوقِ المحلي وممنوعٌ تصنيعُها. كنا في وطنٍ من دونِ نوافذَ ولا أبواب ولكن كنّا نشبع قنبزاً. مع الجزمةِ الفرنسية فقدنا أقفاصنا المريحة وانقَطَعَ القنبز.

لو يعلمُ اللبناني كَمْ مستَوزِر قدّم سيرته الذاتية إلى سفارةِ الأم الحنون لَهَشَلَ من حضنها وَأَنِفَ مِن لبنِها. يا " مَحلى " الحَجّ والإنتظار في عنجر. يومها كان يتنافس المستوزرون والمستنوبون والمسترئسون على خدمة الطائف في الوظائف العامة برموش العيون. كان السوري ضنيناً بالطائف لأنه أنجَبَهُ من أمٍّ سعودية. الفرنسيون لم يمارسوا طقوس السحر الأسود للطائف كما يجب. ڤودو الطائف قاتلٌ للسَحَرة المبتدئين. زيارتان رئاسيتان وتكليفٌ إستخباراتي وتجنيدٌ دبلوماسي ودعمُ الإنتلجنسيا الفرنكوفونية في بيروت ووسامٌ حول عنقِ فيروز، كل ذلك لم يجنّب المبادرةَ الفرنسية إقترافَ محظورِ ضربِ السنَّةِ بالشيعة. لم يحدث في تاريخِ الطائف أن وُضِعَ يزيد سياسياً في مواجهة حُسَين. طائف ماكرون يستعيدُ ١٤٠٠ سنة من الدم والدموع. أراد ماكرون إهداءنا إصبَع شوكولاته فانفجر فينا إصبَع ديناميت.

‏بعد كل هذه الخيبة تصرّحُ الرئاسةُ الفرنسية أنها تأسفُ لعدم وفاءِ الساسةِ اللبنانيين بتعهداتهم. نَفَسٌ قصيرٌ لانتدابٍ لا يُرِيدُ القيامَ بأي جهدٍ إضافيٍ من أجل لبنان. بالطبع لوّحَ ماكرون لنا خلال زيارته الأخيرة بالعقوبات. نحن لا نمشي بلغةِ العقوبات. نمشي بالعُبوات. العقوباتُ ناشفة والعبواتُ ناسفة. سيكون على الفرنسيين قريباً أن ييأسوا من إنقاذنا. سقوطُ مبادرتهم بعد إنفاقها لرصيدِها الإستعماري لن تُثني شركة توتال مِن الإبحار بمنصاتها على أحواضنا البحرية بحثاً وبَحشاً ولا شركة ميشلين من تزويد الثورات الملونة بِدواليب مستعملة. نحن بلادٌ سائبةٌ مسؤولوها يحملونَ الذهب على ظهورهم ويسلكونَ طريقَ الدواب. تعوّدوا على الأرسان والأثلام.

وكأن الإمام علي عليه السلام يواكبنا في أيامنا هذه. حذّرَنا من أيام الْفِتْنَةِ أن نصير كابنِ اللَّبُونِ" لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ". لم نتَّعِظ. فَرَشنا ظُهورَنا الرّخوَة ليمتطي عليها كل ذي انتداب وعَرَضنا ضَرعَنا ليُحلَبَ نفطاً وغازاً. شعبٌ مَمسوسٌ ومَمصوصٌ يستحقُّ أسوأ بكثير مما يصيبُه والآتي أَعْظَم.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بالفيديو: طاعن الكاهن في سيدني يتحدث العربية! 9 بعد إتصال تلقتّه ابنة شقيقته... ما مستجدات جريمة العزونية؟! 5 "معلومات عن هبوط طائرة إسرائيلية في مطار بيروت".. تقرير يكشف الحقيقة "الكاملة"! 1
"لا نقبل بالأمن الذاتي"... مولوي يكشف تفاصيل عن مقتل سرور 10 مخالفة دينية في قرية بقاعية! 6 عملاء لبنانيون وسوريون متورطون بجريمة قتل سرور! 2
"سريٌ حتى التنفيذ"... معلوماتٌ عن موعد الرد الاسرائيلي! 11 جريمة قتل في العزونية بتوقيع سوري... والأمور قد تخرج عن السيطرة! 7 خبير دولي يتحدث عن "عاصفة حربية" ستضرب لبنان وسوريا ورفح! 3
جثة "مقطّعة" في هذه المنطقة! 12 خرجوا عن الطاعة.. أم كبش محرقة جديد؟ 8 وزارة الصحة تسحب هذين المنتجين من الصيدليات! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر