Beirut
16°
|
Homepage
ماذا لَو أمرَت طهران "حزب الله" بالردّ من لبنان؟
بولس عيسى | الثلاثاء 01 كانون الأول 2020 - 8:00

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

لا يمكن توصيف المرحلة التي تمرّ بها الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران في الوقت الراهن بمجرّد "سيّئة" وإنما هي "الأسوأ" منذ نشوب الثورة الإسلاميّة عام 1979، حيث ترزح طهران تحت أثقال الضغط الأميركي القوي، لا بل الأقوى منذ "أزمة رهائن إيران".

عقوبات اقتصادية أقلّ ما يقال فيها إنها خانقة، اغتيالات كبيرة طاولت الصف الأول والمرجّح ألا يكون آخر ضحاياها العالم النووي محسن فخري زاده، هذا كلّه في ظل تقهقر اقتصادي وتدهور اجتماعي حيث لا تكاد تُقمع ثورة حتى تندلع أخرى لتأتي جائحة "كورونا" وتحصد ما تحصده من الأرواح.


أمّا في المعسكر المواجه، فلا يبدو أن واشنطن في صدد الدوس على المكابح قريباً وإنما من المرجّح أن يستمر هذا الخط البياني للمواجهة بالتصاعد. والدليل على ذلك هو عمليّة اغتيال زاده، التي وبحسب ما كشف عنها رسمياً أقل ما يقال عنها أنها نوعيّة بامتياز ويمكننا أن نطلق عليها شعار "Everyone is reachable". فزاده لم يقتل بصاروخ موجّه من طائرة استطلاع من دون طيار على غرار قائد الحرس الثوري السابق اللواء قاسم سليماني وإنما بطلقات نارية من سلاح متوسط أوتوماتيكي نُصِب له على بعد كيلومترات من العاصمة طهران.

لا نريد التخفيف من شأن وخطورة ما أظهرته عمليّة اغتيال سليماني من خرق استخباراتي فاضح ضد إيران، ولكن عمليّة اغتيال زاده أفدح بكثير لأنها خرق مباشر للمنظومة الأمنية العسكريّة الاستخباراتية في عقر دار النظام الإيراني.

لقد آثرت طهران عدم الرد بشكل موازٍ على اغتيال سليماني، باعتبار أن العمليّة كانت ممهورة بختم "المكتب البيضاوي" (Oval Office)، فهل ستتعاطى مع اغتيال زاده بالمثل وهو ممهور بختم "ميسراد روش هاميمشالا" أي مكتب رئيس الوزراء بالعبريّة، وهي التي تعتبر أن لديها حدوداً مشتركة مع إسرائيل، أي جنوب لبنان، بحسب ما أعلنه صراحةً المستشار في الحرس الثوري الإيراني اللواء مرتضى قرباني منذ أقل من عام في حوار مع موقع "ميزان" الإيراني في 10 كانون الثاني 2019؟

هل ستبقى إيران مكتوفة اليدين أمام كل هذا التقدم الأميركي في المواجهة وأمام كل هذه الضربات النوعيّة التي يوجهها لها معسكر الولايات المتحدة إن في العقوبات الاقتصادية أو في ضرب أهداف عسكريّة استراتيجيّة في العمق السوري أو في الاغتيالات النوعيّة؟

الكلام على "الصبر الاستراتيجي" لم يعد منطقياً اليوم، وسياسة "المواجهة المحدودة" أصبحت في غياهب النسيان. فهل مع سقوط كل هذه المعادلات سيُسقط "حزب الله" معادلة "من يريد مواجهتنا فليقم بذلك في سوريا"، وهو الذي ألمح بالتراجع عنها سابقاً بإطلالة مباشرة لأمينه العام السيد حسن نصرالله والذي هدد جهاراً أن الحزب سيرد على أي استهداف له في سوريا من حيث يرى ذلك مناسباً؟

في المرّة السابقة، قال نصرالله ان إيران لم تطلب من "حزب الله" الرد على اغتيال سليماني فماذا لو فعلت هذه المرّة، خصوصاً وأنها تعتبر أن غريمها المباشر على بعد كيلومترات معدودة عنها؟ هنا يكمن الفارق الكبير بالنسبة لنا كلبنانيين ما بين اغتيال سليماني وزاده.

هل سيغامر بنا الحزب مرّة جديدة في حرب مفتوحة مع تل أبيب؟ هل ستخترق الصواريخ الإسرائيليّة بنية دولتنا التحتيّة الهشّة فقط لمجرّد محاولة الرد على اختراق تل أبيب المنظومة الأمنية العسكريّة الاستخباراتية للجمهوريّة الإسلاميّة في طهران؟ هل سنتكبّد نحو عشرين مليار دولار جديدة من الخسائر ونحن نمرّ في أزمة اقتصادية غير مسبوقة تهدد الدولة بالإفلاس فقط لمجرّد أن بيننا من يبدّي إنقاذ ماء وجه المحور على حقن دماء الشعب اللبناني؟ هل سيدفعنا محور "الممانعة والمقاومة" الى الوقوف متسوّلين تأشيرات الهجرة عند أبواب السفارات وهو الذي حوّلنا إلى شعب متسوّل تقف حكومته مستجدية حفنة من الدولارات عند أبواب مؤتمرات الدعم الدوليّة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى لبنان؟

كلّها أسئلة لا إجابات لها، ولو حتى سمعناها، لأن هناك من وعد "وعداً صادقاً" في الصيف الواعد من العام 2006 وعاد ليقول "لو كنت أعلم"، إلا أن الجميع بات اليوم يعلم. ما من حجّة للتلطي خلفها فأي تنفيذ لأمر إيراني هو بمثابة عمليّة اغتيال للشعب اللبناني بأكمله وإن لم يحاسب هذا الشعب فالله والتاريخ أولى بذلك.

في النهاية، عود إلى بدء، إن النظام الإيراني يقف على دعائم أساسيّة، منها: المنظومة العسكريّة الإستخباراتيّة الأمنية التي تمكنت خلال السنوات السابقة من مد أذرعها في الشرق الأوسط وجزء من الخليج، التأييد الشعبي المرتكز على أسس دينيّة شرعيّة وورقة المشروع النووي.

هذه الدعائم الثلاث تقف اليوم مترنحة بحكم الضغط الأميركي وتصاعد حدّة المواجهة. فالمنظومة العسكريّة الإستخباراتيّة الأمنيّة منيت بخسائر فادحة في الداخل بعدما قُطعت أوتار أذرعها في الخارج، والتأييد الشعبي بدأ يتراجع بحكم الأوضاع الاقتصادية الخانقة بفضل الحصار الذي فرضته العقوبات الأميركيّة، أما ورقة المشروع النووي فتتعرض اليوم لطلقة في "الرأس" بعد رصاصة في القلب، أول الأعضاء، في منشأة "نطنز" في تموز 2019 والتي أتت بعد عارض قلبي في 2008 عبر هجوم إلكتروني أسفر عن تدمير نحو ألف جهاز طرد مركزي في المنشأة نفسها.

فإلى متى ستصمد هذه الدعائم؟
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
منصوري يكشف سبب تأخر المصارف بتطبيق القانون 166 9 بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 5 بعد تغريدة أشعلت المملكة السعودية... وهاب "مُحاصر" بالشائعات! 1
كمينٌ مُركّب لحزب الله... إسرائيل تستخدم ساتر دخاني لسحب الخسائر! 10 إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 6 بلبلة في صفوف قوة الـرضوان والسيّد يتدخل شخصيًا... يا ويلكن ويا سواد ليلكن! 2
إهتمام قطري بآل الحريري 11 "إلغاء تعميم الـ 20 مليون ليرة"... بيان من "الضمان" 7 الساعات القادمة حاسمة... تحرّكات "مفاجئة" تلوح في الأفق! 3
جلسة التمديد تفضح علاقة باسيل بأعضاء كتلته… نائب يتحول إلى ساعي بريد 12 الحلبي يعدّل عطلة عيد الفصح الأرثوذكسي 8 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر