"ليبانون ديبايت" - هيلدا المعدراني

تقدّم ملف انفجار مرفأ بيروت مجدداً على ما عداه من ملفات داخلية وأزمات ليذكّر بجراح بيروت وأهلها النازفة حتى الساعة على الضحايا والدمار الهائل الذي لحق بالعاصمة.
ففي اطار استكمال تحقيقاته بانفجار المرفأ ادّعى المحقق العدلي القاضي فادي صوان أمس على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس في جرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وايذاء مئات الأشخاص.

ادّعاء القاضي صوان أحدث جلبة "سياسية" واستدعى ردود فعل وانتقادات لاعتبارات عدة، منها ما يتعلق بآلية هذه الادعاءات ومضمونها من حيث توجهها الى موقع رئاسة الحكومة والوزراء، او لجهة اعتبارها "استنسابية" و "انتقائية"، وما يحيط بها من جدل قانوني وسياسي.

المحامي الدكتور بول مرقص رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية، اشار في اتصال لـ "ليبانون ديبايت" حول اشكالية تتعلق بتلك الادعاءات، فما هي؟ وما هي الشوائب والثغرات التي تحيط بتلك الادعاءات؟

وقال مرقص: "القاضي صوان سبق وأن توجّه برسالة الى مجلس النواب وتحديداً في 24/11/2020، وقد أجابته هيئة مكتب المجلس في 26/11/2020، بأنها لا تجد شبهة بحسب المستندات المرسلة من قبله، واذا ثبتت الشبهات فإن المسار يجب أن يسلك طريق المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".

ولكن، هل يمكن احالة رئيس الحكومة والوزراء للمحاكمة امام المجلس الاعلى؟

"هذا المجلس هجين بتركيبته لانه يجمع بين نواب وقضاة" يجيب مرقص "وثبت انه غير فاعل رغم مواظبة مجلس النواب في مراحل معينة على تعيين اعضائه لانه مؤلّف من قضاة ونواب ويجمع بين افراد من السلطتين التشريعية والقضائية معاً في خرق فاضح لمبدأ فصل السلطات المعبّر عنه في مقدمة الدستور اللبنانين كما يحتاج الاتهام بغية الاحالة اليه الى ثلثي اعضاء مجلس النواب وهذا امر متعذر فعلياً وكذلك الإدانة تتطلب 9 من أصل 15 يؤلفون هذا المجلس".

من جهة اخرى، اعتبر مرقص ان "المحقق العدلي ذهب راهناً الى الادعاء بجرائم جزائية مفادها المماطلة وعرقلة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفادي انفجار المرفأ مما ادّى الى وقوع جرم جزائي والتسبب بإزهاق ارواح 200 مواطن لبناني وجرح نحو 6 الاف وتشريد نحو 300 الف عائلة فضلاً عن الاضرار المادية، وهذا الجرم الجزائي ليس من باب الاخلال بالواجبات الحكومية فحسب، فلا يستدعي الاحالة الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي أسلفنا ذكره، وطالما ان الجرم جزائي فإن الصلاحية هي للقضاء الجزائي العادي بدليل ان احد وزراء الزراعة السابقين قد حوكم منذ اكثر من عشر سنوات امام هذا القضائي الجزائي وارفعها اليوم هو المجلس العدلي".

واضاف: "كما وان ثمة اجتهاد لمحكمة التمييز بأن الوزراء في الجرائم التي تخرج عن الاخلال في الواجبات يُحاكمون من خلالها امام القضاء الجزائي ونرجع هنا الى الاختصاص الاصلي اي المحاكم الجزائية على اعتبار ان المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو جسم استثنائي وتحصر امامه صلاحية النظر بالجرائم المخلّة بالواجبات الحكومية وليس بالجرائم الجزائية العادية إلّا فيما يختص حصراً برئيس الجمهورية الذي في هذه الحالة لا يمكن للمحقق العدلي ان يتهمه بل فقط المجلس النيابي عملاً عملا بالمادة 60 من الدستور التي تحصر صلاحية محاكمة رئيس الجمهورية امام المجلس الاعلى دون سواه في حال ارتكب جريمة الخيانة العظمى او جريمة عادية وهذا الامر لا ينطبق على رؤساء الحكومات والوزراء والنواب الذين يحاكمون امام المجلس الاعلى فقط بموضوع الاخلال بالواجبات الحكومية وليس بالجرائم الجزائية العادية خلافاً لرئيس الجمهورية الذي أولته المادة 60 اجراءات خاصة به، وهي لا تنسحب على هؤلاء ولا يستفيدون منها بل رئيس الجمهورية فقط".

هل هناك حصانة على رؤساء الحكومات والوزراء؟

رأى مرقص انه "ليس هناك حصانة الا للنواب فقط خلال دورة انعقاد المجلس النيابي وللمحامين الذين تتطلب ملاحقتهم اذناً من نقابة المحامين اما الوزراء ورؤساء الوزراء فلا حصانة لهم بل فقط اصول خاصة لمحاكمتهم امام المجلس الاعلى في حال الاخلال بواجباتهم وليس في الجرائم العادية المادية التي يحاكمون فيها دونما اي شروط او قيود إلّا ما ذكرته في الفقرة السابقة".

وفيما خصّ الاستنسابية في الاستدعاءات والشخصيات السياسية التي تطالها المسؤولية دون غيرها، اكد المحامي بول مرقص ان "هناك سرية التحقيق الذي لا يمكن لاحد الاطلاع عليه ولا يمكن التعليق على ملف سري في هذه المرحلة، وتالياً فإن مجريات الملف واوراقه لا يمكن الاطلاع عليها من قبل اي معلق".