Beirut
16°
|
Homepage
التأليف المستحيل وعقدة "بطل... الظلّ"
بولس عيسى | الثلاثاء 07 أيلول 2021 - 2:45

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

استوقفني مسلسل لبناني يعرض الموسم الثالث منه في هذه الأثناء، وهو ذات حبكة دراميّة معقّدة ومشوّقة. في الظاهر، هو من بطولة شخصيتين، إلا أن هناك بطلاً ما بين الإثنين، دائم الظهور في كل الأجزاء، فيما الثاني يتغيّر في كل جزء.

في أحداث المسلسل، يظهر لنا أن البطل الأول الدائم الظهور، هو شبه صورة ظاهريّة، لأن دوره البطولي يلعبه حقيقةً رجل يقف في ظلّه لا يظهر دائماً، إلاّ أن المُشاهد يدرك بشكل قاطع أنه موجود في مكان ما بشكل دائم، أحياناً يُحكى عنه وعن تأثيره وقراره، وأحياناً أخرى يكون دوره ما وراء الكواليس أو بالتعبير الأدقّ في مكتبٍ مجاور للبطل.


يضمّ المسلسل إلى البطلين مجموعةً من الشخصيات المؤثّرة في حبكته الدراميّة، كما أنه في بعض الحلقات يستضيف نجوماً عالميين. وهو ذات حبكة معقدّة لا يمكن لمن يتابعه معرفة من بطل الخير ومن بطل الشرّ فيه، ولو قُدّر له وقامت لجنة "الأوسكار" في هذا العام باستحداث فئة: "الدراما السياسية"، لكان مسلسل "التأليف المستحيل" اللبناني الإنتاج والإخراج والكتابة، لينال جائزة الأوسكار من دون أي منازع.

وفي إطار قراءة حبكة هذا المسلسل، أكّدت أوساط سياسية، أن المشكلة والعقدة الأساس في موضوع التأليف هي بعيدة كل البعد عن كل ما يتمّ التداول به في الإعلام من عقد في تركيبة الحكومة وتوزيع الحقائب فيها والحصص، وإنما العقدة الأساسية التي تحول دون تشكيل الحكومة في لبنان منذ ثلاثة عشر شهراً، هي الإختلاف بالأولويات التكتيّة في السياسة ما بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر".

وأشارت الأوساط، إلى أنه واهن من يراهن على هذا الإختلاف التكتي من أجل بناء أحلام الفُرقة السياسية، أو فضّ التفاهم ما بين الطرفين، باعتبار أنهما لا يزالان على الصعيد الإستراتيجي مجتمعين، لا بل أكثر من ذلك متلازمين، فـ"حزب الله" من جهة لا بديل لديه، لا من قريب ولا من بعيد، على تحالفه مع "التيار الوطني الحر" كقوّة سياسية تقدّم له السلطة في البلاد على طبق من فضّة للإستئثار بها، ومن جهة أخرى، "التيار الوطني الحر" لا غنى له عن "حزب الله" كقوّة سياسية تغطيه للإمعان في نحر المصلحة الوطنية على حساب مصالح رئيسيه المتعاقبين الشخصية، والسنوات الماضية منه الـ2008 حتى اليوم خير دليل على هذه المعادلة بشقّيها ومن الطرفين.

وأوضحت الأوساط، أن "حزب الله" يريد تأليف الحكومة، وتصريح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأخير، والأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، خير دليل على ذلك، إذ أن الحزب يريد التأليف وبأسرع وقت ممكن انطلاقاً من أولويات ثلاث:

ـ الأولويّة الأولى لديه، هي تخفيف الضغط الشعبي في بيئته عنه، فهو يعتبر أن أي حكومة ومهما كانت تركيبتها، من شأنها بشكل أو بآخر التخفيف من وطأة الأزمة على الشعب اللبناني، وهنا لا يخطئنّ أحد التقدير، فالحزب يريد تخفيف وطأتها على الشعب حصراً، لأنه يريد تخفيفها عن بيئته التي أصبحت تشكل عبئاً مالياً واجتماعياً، وبالتالي أمنياً كبيراً عليه.

ـ الأولويّة الثانية لدى الحزب منبثقة عن الأولويّة الأولى، وهي أن تأليف الحكومة سيمنع البلاد من الإنزلاق إلى الفوضى الإجتماعية. إذاً يريد "حزب الله" تخفيف وطأة الأزمة عن الشعب اللبناني منعاً لاندلاع الفوضى الإجتماعية، التي من شأنها بادئ ذي بدء كسر التوازنات القائمة في البلاد، وبالتالي، ما يريده الحزب هو الحفاظ على ميزان القوى الحالي من أجل أن يستمرّ ممسكاً بزمام الأمور في البلاد.

ـ الأولويّة الثالثة لدى الحزب، هو تأليف الحكومة من أجل أن تُكمل إيران قبضتها على الورقة اللبنانية قبل جلوسها في تشرين المقبل على طاولة المفاوضات، إن عُقدت هذه الطاولة. لأن أي حكومة ستُشكّل اليوم في البلاد، وفي ظل تسميته هو الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، فستكون ضمناً حكومة "حزب الله" سياسياً، وإن كان سيترك لها بعض الحريّة في الحركة الداخلية على صعيد الإصلاحات وتحسين الأوضاع. وهنا الأساس في كلمة "بعض"، لأن "حزب الله" بطبيعة الحال لن يسمح للحكومة العتيدة بالمساس بأي من الملفات التي يعتبرها ذات طابع أمني: كالحدود السائبة للتهريب التي يريدها الحزب أن تبقى كذلك، كملف ضبط المعابر الشرعية وملف الإتصالات. ومن الواضح أن الحزب سيترك للحكومة البتّ في مسألة ملف الكهرباء، ولهذا السبب تحديداً يصرّ "التيار الوطني الحر" أن تكون حقيبة الطاقة من ضمن حصّته لكي لا يأتي الحلّ وهو خارجها، خصوصاً بعدما كبّد البلاد مليارات الدولارات هدراً وسوء إدارة وفساداً في السنوات الإثني عشرة الأخيرة.

ولفتت الأوساط، إلى أنه بالنسبة لـ"التيار الوطني" فهو يقوم بعرقلة التأليف انطلاقاً من أولويات أبسط وأقلّ تعقيداً واستراتيجيةً عن "حزب الله"، وهذه الأولويات هي:

ـ الأولى: مشروع رئيسه جبران باسيل الرئاسي، والذي أمامه عقبة كبيرة وأساسية، وهي العقوبات الأميركية على الرجل، ولذلك مسألة تأليف الحكومة إن لم تكن عاملاً مؤثراً في هذا المشروع عبر تأمين وعد لباسيل بأنه سيكون مرشح "حزب الله" للإنتخابات الرئاسية المقبلة، فإن "التيار" سيستمر بالتعطيل إلى ما شاء الله. إن "الوعد الصادق" ضروري في هذه المسألة لأنه من الواضح أن العقوبات لن تُرفع عن باسيل وهو قد قام بتقديم طلب في هذا الخصوص وأتاه الردّ بأن هذه المسألة غير ممكنة أبداً. وبناءً عليه، لا أمل لباسيل في الوصول إلى الرئاسة إلاّ من تحت عباءة "حزب الله" ليكون رئيس الجمهورية الذي يعلن انضمام لبنان رسمياً إلى "محور الممانعة والمقاومة" في المنطقة.

ـ الثانيّة: هي الإنتخابات النيابية: لذا لن يسهّل تأليف أي حكومة لا تكون وزارتا الداخلية والعدل من حصّته من أجل الضغط على الآخرين، ومنع الضغط عليه أبداً. فهاتان الوزارتان من المُمكن أن يستخدمهما "التيار" من أجل محاولة خنق الباقين، ليتمكن من المنافسة في الإنتخابات بعدما تكبّد ما تكبّده من تقهقر في تمثيله الشعبي جراء انتفاضة 17 تشرين.
ـ والأولويّة الثالثة لـ"التيار" : تأجيج الخلافات الطائفية في البلاد، التي من شأنها وحدها أن تُكسبه بعض التعاطف في الشارع المسيحي وتحسّن تمثيله الشعبي.

وختمت الأوساط مشدّدةً، على أن التأليف لن يرى النور لأن الحدّ الأقصى الذي يمكن لـ"حزب الله" استعماله في الضغط على حليفه الإستراتيجي "التيار الوطني الحر"، هو مجرّد الكلام ومحاولة الإقناع، لأن كل أولوياته التي ذكرناها، لن يكون لها مكان للإستعمال في حال خسر تحالفه مع من يقدّم له على طبق من فضّة، رقاب العباد للتجويع والموت في طوابير الذلّ وعلى أبواب المستشفيات، أي "التيار الوطني الحر"، خصوصاً بعدما جرّب "الحزب" سابقاً رفع منسوب الضغط قليلاً، ورأى ردّة الفعل الهستيريّة من قبل جميع قادة "التيار" الذي يعتبرون أن هذه معركتهم الأخيرة، فإمّا الحياة، ولو بالذلّ والمهانة، أو الموت سياسياً.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
باسيل يدير ميشال عون 9 خطر كبير يهدد سكان الأشرفية ودعوة عاجلة لـ "حراسة ذاتية".. نديم الجميل يرفع الصوت! 5 دير الأحمر اتخذت قرارها بشأن السوريين… المهلة حُدّدت وهذا ما سيحصل غداً! 1
بينهم سوريَّين... الجيش يوقف 6 أشخاص! 10 "قلق وخوف" في طرابلس... على المسؤولين التحرّك فورًا! 6 فضيحة "مدوّية" هزّت لبنان... انتبهوا لأطفالكم! 2
بعد الإشارة بحقّه في قضية "التيكتوكرز"... سنجر يكشف خلفية الهجوم عليه! 11 مقتل رجل أعمال في مصر يثير الشكوك! 7 سحب العناصر "أنجز" 3
درجات الحرارة إلى ارتفاع كبير... وهذه المناطق ستنال حصّة الأسد! 12 "حدثٌ عظيمٌ"... جنبلاط يتحدّث عن "يوم النصر"! 8 من جديد... راصد الزلازل الهولندي يثير الجدل بمنشور عن "العرب" 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر