Beirut
16°
|
Homepage
هوكشتاين "غير مرغوب فيه"
عبدالله قمح | الجمعة 08 تشرين الأول 2021 - 5:56

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

دخل تقاعد رئيس الوفد اللبناني العسكري ـ التقني المفاوض العميد بسّام ياسين، حيّز التنفيذ. منذ يوم أمس بات الرجل يجلس في منزله من دون وظيفة، بعدما لم تتمكن قيادة الجيش من توظيف ضغطها على القيادة السياسية، من أجل التمديد له.

ما كنا قد دأبنا على التحذير منه حيال انقضاض السلطة السياسية على الوفد المفاوض، وقع بالفعل. عملياً، دخل ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في المجهول، بالتوازي مع جمودٍ قاتل/مقصود يعتريه منذ مدة، بفعل قرار السلطة السياسية عدم السير في التعديلات على المرسوم 6433. المثير للإستغراب، أن كل ذلك، إلى جانب التفريط الحاصل بمكتسبات لبنانية حقيقية وطبيعية تتمثّل بما تحت البقعة اللبنانية من الحدود، يحدث فيما القوى، سائر القوى، التي تطلق العنان للحديث عن السيادة والإستقلال، بما فيهم "حزب الله"، يجلسون بصمت ويفضلون مشاهدة ما يحدث على اتخاذ قرار جريء.


المشكلة اليوم لم تعد محصورةً بتقاعد ياسين، ولو أنها تمثل ضربةً نوعيةً، أخلّت في توازن الوفد المفاوض. الحديث الذي يجب أن يسود، يتعلّق بمستقبل الفريق العسكري ـ التقني في هذا المجال. كلام قائد الجيش العماد جوزاف عون، بالأمس خلال اللقاء بالضباط في اليرزة، حول خضوع الجيش لقرار السلطة السياسية، لم يكن مريحاً. إلى حدٍ ما، يُعطي "نقطة تقدّم" للسلطة على حساب الجيش، أي سلطة؟ السلطة المُتّهمة بعرقلة اليرزة في مجال المرسوم والترسيم والوفد والطاعنة في مشروعية الجيش لقيادة الوفد. وعليه، كيف يُعطى الآمان لهكذا سلطة حتى تفرض أو تخوّل إتخاذ القرار المناسب في مجال المفاوضات؟

إذاً، لم تقدر قيادة الجيش على إقناع السلطة السياسية، التمديد لرئيس الوفد العميد بسّام ياسين ولن تقدر طالما انها تلتزم بالقرار السياسي ولن تحيد. رئيس الجمهورية ميشال عون، الميّال صوب تنقيح الوفد بأسماء ديبلوماسية ـ سياسية محسوبة عليه، إستخدم الذريعة التقليدية: "معارضته للتمديد" فرفض توقيع قرار التمديد "إستثنائياً للعميد ياسين. حتى الضرورات التقنية لم تُقنع الرئيس، وبتوصية من مستشاريه، جعل قرار "التقاعد" يصبح نافذاً مُحدثاً فراغاً على صعيد الوفد، وجعل من العقيد البحري مازن بصوص، الضابط الوحيد الذي يمثّل قيادة الجيش في الوفد. موقع هذا الأخير الحالي عرضة للخطر، في حال إستمرّت القيادة السياسية في اختراق الوفد التقني المفاوض على النحو الذي يحصل، كإدخال تعديلات هيكلية عليه وتحويله إلى وفد ديبلوماسي ـ سياسي ـ مدني. ولم يعد سراً أن فريق رئيس الجمهورية يرغب بتنصيب أنطوان شقير، رئيساً للوفد والإستعانة بديبلوماسي كبير في وزارة الخارجية لمعاونته، وهو ما سيشكّل انقلاباً بكل المعايير على قرار السير بالمفاوضات غير المباشرة وفق المنهاج العسكري ـ التقني.

الأسوأ من ذلك، أن القيادة السياسية، يبدو أنها عملت على "توطئة ما" للقرار. في الكواليس ثمة من يطرح نظرية تؤدي لتوفير ظروف الإستعانة بالعميد ياسين كـ"مدني" ضمن الوفد، أي تعيينه رئيساً للوفد بصفته المدنية، عملاً بذات المبدأ الذي اسُتخدم لتبرير الإبقاء على اللواء عباس ابراهيم، في سدّة المديرية العامة للأمن العام. هناك من يقبل بهذا الطرح ويجده منطقياً ما دام أنه يسمح لقيادة الجيش في المحافظة على دورها ضمن الوفد، وأولاً وأخيراً سيكون ياسين ممثلاً لقيادة الجيش. في مقابل ذلك، ثمة من يخشى من خطوة مماثلة، على اعتبار أنها ستكون مبرّراً للقيادة السياسية لتنقيح الوفد بمدنيين على شكل ديبلوماسيين من وزارة الخارجية، وأن هذه السلطة لن تسمح بقرار تعيين مماثل لياسين من دون ثمن تتقاضاه ضمن تركيبة الوفد. تصبح الخشية مبرّرة هنا، طالما أن ثمة أطراف سياسية تسعى إلى نموذج تفاوضي لا بدّ أن يُكرّر إتفاقية القاهرة بطريقة أو بأخرى، وهو مسار يرفضه أكثر من مطّلع على المفاوضات، إلى حدٍّ بلغ بأبرز المتابعين للملف للتهديد بـ"قبعه باستخدام كافة الأساليب القانونية المشروعة".

وبينما تغرق القوى السياسية في المتابعة من بعيد، متجاهلةً أن ثمة عدو يتربّص بحقل قانا بعد كاريش، مرّ موقف وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، حيال "التشارك في حقول الغاز" بهدوء، ولا عجب في ذلك ما دام أن هناك سياسي وأكثر في الداخل لا يجدون عيباً أو مانعاً في بلورة "حلّ ما" على طريقة تقاسم الحصص مع العدو ضمن صندوق معيّن وتحت رعاية دولية.

في هذا المجال، نشطت السفارة الأُميركية في بيروت دوروثي شيا بتهيئة ظروف زيارة "الوسيط" الأميركي الجديد في ملف التفاوض، أموس هوكشتاين. المندوب الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية ويعدّ من ضباط احتياط العدو، لن يكون حضوره عادياً، لكونه يواكب بتغييرات عاصفة تطرح نفسها على الجانب اللبناني وفي مسألة الوفد المفاوض، وبالتالي يصبح تخطّيها أمراً صعباً. ولا يجد بعض المتابعين حرجاً في اعتبار ما جرى و يجري "توطئة" لزيارة الموفد الجديد إن لم يكن للأمر تنسيقاً ما. ويسترعي الإنتباه في هذا الجانب، أن "الثنائي الشيعي" الذي يلوذ بنفسه بعيداً عن معركة تعديلات الـ6433 أو الضغط النوعي والجدي في المحافظة على طبيعة الوفد العسكرية ـ التقنية، رفعت مصادره لـ"ليبانون ديبايت" سقف كلامها حيال زيارة هوكشتاين. وإذ رفض مصدر لصيق، التعليق على ما يحدث على جانب الوفد المفاوض محيلاً الكلام إلى "التوقيت المناسب"(!)، وصف زيارة هوكشتاين المفترضة منتصف الشهر الجاري بـ"غير المرحّب بها" وهوكشتاين بـ"الشخص غير المرغوب فيه"، لكونه يحمل الجنسية الإسرائيلية وخدم بصفة ضابط إسرائيلي خلال فترة إحتلال الأخير لجنوب لبنان، وبالتالي، لا يجوز للسلطة السياسية استقباله أو مفاتحته بموضوع دقيق للغاية كملف الترسيم، ويجب أن ترفض حضوره وتبعث برسالة "شديدة اللهجة" إلى الإدارة الأميركية مرفقة بطلب استبداله بشخصٍ آخر لـ"الإرتياب المشروع" به، ولكونه لن يكون نزيهاً بالفعل، خاتماً حديثه بأننا "غير معنيين بالتفاوض معه، وهذا ينسحب على عملية تغطيتنا للمفاوضات التي لن تكون متوفرة ما دام أن هوكشتاين موجوداً، ولن نقبل التعاون معه".
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
كتاب يُثير الجدل ولافتة "تحذيرية" في الضاحية الجنوبية: احذروا المرور! 9 تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 5 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 1
ذهبوا لمصادرة "أغلفة تبغية" مزورة... فكانت المفاجأة! (فيديو) 10 الحزب يبدأ "معركة الداخل" ويطلب وضع الجيش "رهن إشارته"... مخطّط سريّ! 6 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 2
رد "نوعي" على استشهاد هادي... هل يشكّل حجّة إسرائيلية لاجتياح لبنان؟! 11 اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 7 ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 3
جعجع "يعترف": حزب الله هو الأقوى... ولكن! 12 تصلّبٌ مفاجئ! 8 سرقة أسلحة وذخائر من إحدى فصائل قوى الأمن… حاميها حراميها 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر