في خضم الغزو الروسي المستمر منذ 24 شباط، وافق قادة دول الاتحاد الأوروبي، الخميس، على منح أوكرانيا صفه مرشح لعضوية الكتلة الاقتصادية الأكبر في العالم.

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن هذا القرار يمنح أوكرانيا معنويات كبيرة وسط الحرب الدائرة رحاها مع روسيا في شرق البلاد.

ورحب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بالقرار الأوروبي قائلا: "إنها لحظة فريدة وتاريخية في العلاقات بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي"، مؤكدا أن "مستقبل أوكرانيا هو في صلب الاتحاد الأوروبي".

لطالما كانت أوكرانيا تطالب بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن الغزو الروسي أضاف إحساسا جديدا بالإلحاح في هذا المطلب.

في أعقاب الغزو مباشرة، دعا زيلينسكي إلى ضم أوكرانيا على اعتبار خاص، وهي فكرة أيدتها بعض الدول الأعضاء وعارضها الآخرون بشدة.

والخميس، أعربت جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة عن دعمها لفكرة منح صفة مرشح لأوكرانيا على أن يتم الوفاء بالشروط في وقت لاحق.

وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن صفة المرشح سيكون خطوة أولى على "الطريق الطويل والصعب" لنيل أوكرانيا العضوية الكاملة في الكتلة والتي قد تكون بعد سنوات أو حتى عقود.

كما حصلت مولدافيا على صفة المرشح فيما أشار زعماء دول الاتحاد الأوروبي إلى أن جورجيا لا يمكن أن تصبح دولة مرشحة رسميا إلا بعد معالجة أولويات عالقة.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي، تشارلز ميشيل، في رسالة دعوة لحضور الاجتماعات، "حان الوقت للاعتراف بأن مستقبل أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا يكمن في الاتحاد الأوروبي".

وكتب ميشال على تويتر "يشكل هذا اليوم مرحلة أساسية في طريقكم الى الاتحاد الأوروبي"، مهنئا الرئيس الأوكراني زيلينسكي ورئيسة مولدافيا، مايا ساندو، وشعبيهما. وأضاف: "لدينا مستقبل معا" مغردا أيضا بلغتي البلدين.

وعلى جورجيا التي لديها تطلعات أوروبية أيضا أن تقوم باصلاحات للحصول على هذا الوضع. وأكد ميشال أن "مستقبل جورجيا هو داخل الاتحاد الأوروبي".

ماذا حدث في قمة المجلس الأوروبي؟
التقى زعماء أوروبا يوم الخميس في بروكسل خلال القمة التي استمرت يومين، واجتمع جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 27.

وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على تويتر، "اليوم هو يوم جيد لأوروبا. هذا القرار يقوينا جميعًا. ويقوي أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا في مواجهة الإمبريالية الروسية. كما يقوي الاتحاد الأوروبي".

وقال مسؤول بالاتحاد الأوروبي – تحدث لصحيفة "واشنطن بوست" شريطة عدم الكشف عن هويته - إن قادة الكتلة تحركوا أكثر نحو التوسع في الأسبوعين الماضيين "أكثر مما كان عليه الحال خلال الـ 25 سنة الماضية".

وستعمل المفوضية الأوروبية على تتبع التقدم الذي تحرزه أوكرانيا وتقديم تقرير إلى المجلس الأوروبي. زمن غير المتوقع أن تبدأ محادثات الانضمام حتى نهاية العام على الأقل، وفقا لدبلوماسيين.

كيف يتشكل القرار؟
عندما دعا زيلينسكي لأول مرة إلى المسار السريع للانضمام إلى العضوية، تلقى دعمًا قويًا من دول البلطيق ودول أوروبا الشرقية الأخرى – لكن كانت هناك شكوكًا من الأعضاء الآخرين.

في المحادثات الخاصة، أعرب دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي عن قلقهم بشأن استعداد أوكرانيا للانضمام لعضوية الكتلة، مشيرين إلى أنهم لا يعتقدون أن صفة المرشح أمر واقع بالنسبة لبلد يعيش في حالة حرب وحشية.

وبحسب دبلوماسيين أوروبيين، كانت هولندا والدنمارك والبرتغال متشككين بشكل خاص من انضمام أوكرانيا.

كما أن بعض الدبلوماسيين الأوروبيين أثاروا مسألة انضمام دولة كبيرة وفقيرة نسبيا مثل أوكرانيا، التي ستصبح خامس أكبر دول الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان حال ضمها بشكل رسمي، مما قد تنال نصيب أكبر من الإعانات الأوروبية من بقية دول التكتل.

وتساءل العديد من الدول الأعضاء عما سيعنيه ترشيح أوكرانيا لعملية توسيع نطاق الاتحاد الأوروبي بشكل عام، لا سيما وأن دول أخرى مثل تركيا تقدمت بطلب في عام 1987 وظلت رسميا مرشحة.

وتشارك كل من صربيا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية وألبانيا والبوسنة في محادثات العضوية مع الاتحاد الأوروبي منذ سنوات.

في الأسبوع الماضي، زار زعماء أكبر ثلاث اقتصادات في الاتحاد الأوروبي - ألمانيا وفرنسا وإيطاليا - كييف وأعربوا عن دعمهم لترشيح أوكرانيا. في اليوم التالي أوصت المفوضية الأوروبية بمنح كييف صفة المرشح.

ماذا هو موقف روسيا؟
لا ترغب روسيا بنيل أوكرانيا عضوية الاتحاد الأوروبي، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

واعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنّ موافقة الاتّحاد الأوروبي على منح أوكرانيا ومولدافيا صفة مرشّحَين لعضويّته تُشكّل "إشارة قويّة جدًا حيال روسيا".

وقال ماكرون: "كلّ ذلك ندين به للشعب الأوكراني الذي يُقاتل دفاعًا عن قيَمه وسيادته ووحدة أراضيه. ندين به أيضا لمولدافيا، انطلاقًا من وضعها السياسي وانعدام الاستقرار الذي تتعرّض له والسخاء الذي عرفت أن تُثبته".

وبعد زيارة بعض قادة الاتحاد الأوروبي لكييف الأسبوع الماضي، أرسلت روسيا تحذيرًا للدول الأعضاء بقطع التدفق إلى أهم خط أنابيب للغاز الطبيعي في أوروبا لمدة يومين على التوالي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز.

وقال الكرملين زورا إن أوكرانيا ليست دولة حقيقية وأنها تريد إدخال جارتها إلى دائرة النفوذ الروسي بالقوة.

وصرح فسيفولود تشينتسوف، رئيس بعثة أوكرانيا لدى الاتحاد الأوروبي، للصحفيين هذا الأسبوع أن التحرك نحو العضوية يبعث برسالة قوية إلى روسيا مفادها أن أوكرانيا بلد حقيقي مستقل ويمكنها أن تختار مستقبلها بنفسها.