Beirut
16°
|
Homepage
هل من دور مختلف للعراق في لبنان؟
ايـلـي خـوري | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 17 نيسان 2024 - 7:13

"ليبانون ديبايت" - ايلي خوري

يتمتع العراق بموقع جغرافي وسياسي يمكنه من أداء أدوار سياسية إيجابية تجاه أزمات المنطقة، وهو ما تمّ تفسيره أخيراً في أكثر من جانب ونموذج. لكن يبقى السؤال الأساسي، هل من إمكانية لدى العراق لتحول الدور الإيجابي إلى عامل مؤثر في بعض القضايا التي تعانيها المنطقة بما فيها لبنان؟

قبل بدء "طوفان الأقصى" والتحولات التي أدخلها على صعيد المنطقة بشكل عام، كان العراق يولي أهميةً لدور ما على صعيد دول الجوار متجاوزاً الأزمات السياسية المتناسلة التي ما برحت تعصف به.


على سبيل المثال لا الحصر، كان للعراق دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وبين الأولى والولايات المتحدة الأميركية في جوانب كثيرة. وفي ما بعد وما قبل، إمتد دوره نحو سوريا حيث ساعد في ملفات حيوية تعني الأخيرة ودولاً خليجية كالإمارات والمملكة العربية السعودية. وقد أسهم الدور الإيجابي العراقي في وضع حجر في سياق التأسيس للقاءات بين دمشق وخصومها.

ومع بدء "طوفان الأقصى"، حاول العراق إستثمار دوره كطرف مقبول من الجميع، لتقريب وجهات النظر بين الدول العربية المتخاصمة أو المتباعدة. ومن خلال وزنه، حاول "الدوزنة" بين الفعل الدبلوماسي المساند للقضية الفلسطينية والأداء العسكري الذي شهده العراق للمرة الأولى في مسار "إسناد غزة" من خلال كتائب المقاومة فيه. هكذا كان دور العراق مهماً للغاية، لكنه انحرف في مكان مع دخول الأميركيين عنصراً فيه، أدى إلى "خلط أوراق داخل العراق"، أوصل الحكومة العراقية بالتعاون مع الجمهورية الإسلامية الايرانية إلى فرض رأي وموقف على بعض كتائب المقاومة العراقية، ما أدى إلى وقف استهداف القواعد الأميركية، ليس حماية للأميركيين، إنما إنقاذاً للعراق من الدخول في موجة قتال أهلي جديدة مع تبيان وجود انقسام عامودي تجاه النظرة إلى الوجود الأميركي، وهو ما استفادت منه الدولة من خلال نقل النقاش مع الأميركيين إلى مستوى دولة – دولة، حيث ذهب السوداني باتجاه تبنّي رؤية تدفع نحو وضع جدول زمني لإنهاء الوجود الأميركي في العراق تحت مسمّى قوات التحالف، وفرض على الأميركيين الدخول في نقاشات حول تقرير مصير هذا الوجود، وهو ما نقله أخيراً إلى تحديد موعد له في البيت الأبيض منتصف الشهر المقبل، ما يفيد العراقيين في نقل النقاش إلى رأس الإدارة الأميركية.

هذا النشاط على أهميته، يترافق مع نشاط داخل العراق وعلى صعيد المؤسسات. ففي استطلاع رأي أجرته قبل مدة مؤسسة "غالوب" الأميركية، ظهر أن الحكومة العراقية الحالية، تنال غطاءً شعبياً من خلال إجراءات إصلاحية تعتمدها، سواء في المؤسسات السياسية أو الأمنية، إلى حد زادت من ثقة العراقيين بها، وأدت إلى ظهور أنماط مختلفة في "الترشيد" داخل الدولة واعتماد الشفافية باباً لإبرام الإتفاقيات، سواء الداخلية أو الخارجية مع الدول الأخرى، والأهم البدء بقطع "آفة" دأب عليها العراق منذ سقوط النظام البائد وهي الزبائنية. ويترافق ذلك مع خطط لدى الدولة لترشيد مسألة الأجهزة الأمنية من دون المس بخصوصيتها أو دورها، على أن يترافق وأهداف الدولة.

على مستوى آخر بدأ يلاحظ أن العراق أخذ ينفتح بشكلٍ واضح على الإستثمارات، سواء الداخلية أو الخارجية. وبعيداً عن موضوع السياحة وتعاظم بناء الفنادق وتشييدها في العراق لاسيما ضمن المناطق التي تستقطب سواحاً بأعداد هائلة (لاسيما السياحة الدينية)، يلاحظ في بغداد مثلاً، أن مشاريع الترفيه والتنمية، بدأت تسلك طريقها عند ضفاف نهر دجلة، من خلال تشييد مشاريع ترفيهية – سياحية نوعية وواعدة، مشابهة لواجهات بحرية موجودة في دول الخليج العربي وفي بيروت. ويتخلل هذه الإنتقالة أنشطة ترفيهية وحفلات غنائية. وتخطط بغداد للإستثمار في هذا النموذج على المدى البعيد، وتحويل العراق لاسيّما ضفة نهر دجلة كـ"واحة فنية مركزية"، وهو أداء ينظر إليه على أنه وضع قدم في مشروع نقل العراق إلى خانة أخرى، تعيد لهذا البلد رونقه التقليدي، وتخرجه من تصنيفات أمنية عكست في كثير من المراحل ضرراً به أبعد عنه السياحة بشكل خاص.

لكن هل من الممكن أن تتحول هذه الحيوية العراقية، إلى حيوية ذات وزن سياسي أكبر، بحيث تتوسع بإتجاه فعل دور إيجابي في منطقة تشهد عادةً تقلبات وتحتاج إلى أدوار كل الدول لحل مشاكلها؟
بنظر البعض، ما ينغص هذه الفكرة، إنهماك الدولة العراقية في ترتيباتها الداخلية. فمنذ فترة غير قصيرة، تؤدي المماحكات والمشاكل السياسية العراقية الداخلية إلى عدم تطور هذا البلد تجاه الإنغماس بقضايا المنطقة، على الرغم من أن هذه المشاكل نفسها، لم تمنعه من أداء أدوار تسووية كما ذكرنا في المقدمة. وعلى ما يبدو، من بين خطط الحكومة الحالية منح العراق دوراً إيجابياً مختلفاً والعمل على تكريسه.

إحدى إطلالات العراق على الدول القريبة، تظهر في لبنان، حيث أن البعض يعطي صورة حول استثمار مجاني غير مقبوض تتولاه بغداد في بيروت، سواء من خلال المساهمة في حل المشاكل التي يعانيها هذا البلد على صعيد الطاقة، من خلال إتفاقيات مبرمة من أجل تأمين مادة "الفيول" المعتمدة من جانبه في الإنتاج، أو من خلال توجيه الفئات العراقية نحو السياحة الطبية أو الدراسية في هذا البلد. إنطلاقاً من ذلك، لا بدّ أن يتحول استثمار من هذا النوع، في المستقبل، إلى عامل إيجابي، أولاً بالنسبة إلى العراق حيث يكون له حضور مؤثر في حل مشاكل لبنان، وبالنسبة إلى لبنان الذي حكماً سيستفيد من هذه الإنفتاحة.

أما الآن وبالنسبة إلى لبنان الذي يعاني من حرب في الجنوب، ومشاكل سياسية متنوعة على رأسها الخلاف حول رئاسة الجمهورية، إذ يعاني لبنان من فراغ على المستوى الرئاسي منذ حوالي عامين، تظهر بوضوح أدوار تتألف من مجموعة خماسية دولية بينها 3 دول عربية، وهي السعودية، قطر وقصر، إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة. وقد سرى حديث في السابق حول احتمال توسيع هذه اللجنة لتضم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتصبح سداسية كونها طرفاً مؤثراً. تأسيساً على ذلك، ثمة من ينظر إلى العراق، ليس كطرف مطروح إدخاله أو مرشح دخوله إلى الخماسية، إنما من زاوية قدرته على التأثير، من خلال حركة تتولاها سفارته في بيروت. ويعتقد أن هذا الامر غير بعيد، ويحتاج إلى ترتيبات. ومع اتساع الدور العراقي الإيجابي على الصعيد الإنساني – الخدماتي في لبنان، من المفيد تحوله إلى دور إيجابي على المستوى السياسي، لجهة حضوره ومدى الإحترام الذي يناله سواء من السياسيين أو من الشعب اللبناني، ما يشكل عاملاً مساعداً للدول العربية الباحث عن مساعدة لبنان حول إنتاج رئيس، وعاملاً مساعداً للبنان من جانب شقيق وقف إلى جانبه طيلة أعوام الأزمة الحالية التي يعاني منها.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"أخطر أيام الحرب"... فارس خشان يكشف عن "فصيل جديد" سيُزيل اسرائيل: يا "سيف الله" المدمّر! 9 تفاصيل "مثيرة" كشفها مقتل سوري في الدورة... شارع عقيل خارج "الدولة"! (فيديو) 5 المنخفض الجوي وصل لبنان... وتحذيرٌ لمناطق ستنال حصّة الأسد! 1
صراخ نساء وأطفال وسط البحر اللبناني القبرصي: ناجٍ من الموت يروي التفاصيل وموقف كبير للجيش! 10 "صرلك سنوات بتقول ما بينعاش مع المسلمين"... تسجيل صوتي "مسرّب" لِسعيد! 6 "الزواج من الشيعة حرام".. الشيخ حسن مرعب يقصف جبهة وليد اسماعيل: ملايين المسلمين أولاد زنا؟! 2
"امطارٌ وبرق ورعد"... منخفض جوي جديد يسيطر على لبنان! (فيديو) 11 إليكم مواعيد دفع رسوم السير لسنة 2024 7 ساعات قليلة حاسمة... تنازل إسرائيلي متوقّع؟ 3
جماعة خطيرة تُهدّد مسيحيي لبنان… مُخطّط مشبوه لـ 11 شهرًا قبل "الضربة القاضية"! 12 خفايا جريمة "السواطير" التي هزّت طريق الجديدة تُكشف للمرة الأولى… ومشاهد "بوليسية" لتوقيف القاتل! 8 إعلامية لبنانية في ذمة الله 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر