Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
لا "بيعة عامة" لجعجع: سقوط مشروع "تزعّم المعارضة"
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الاثنين
29
نيسان
2024
-
7:22
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
لا يمكن إطلاق تسمية على "لمّة" معراب التي حملت عنوان: "1701 دفاعاً عن لبنان" سوى أنها حفلة "علاقات عامة"، ضمّت بالدرجة الأولى نواباً "قواتيين" أو ذي ميول "قواتية" أو من المنضوين في خانة "استراتيجية معراب". أفصح ما عبّر عنه "اللقاء" الذي دام زهاء الساعتين، عداك عن إظهار البغض الشديد ل"حزب الله" وفكرة المقاومة بشكل عام، و "السردية" الدائمة حول تحميلها كل المسؤوليات وإعفاء "إسرائيل" من أي مسؤولية أو إصدار عبارة انتقاد واحدة، كان اتّباع نواب "القوات" التعليمات بحذافيرها، كـ"انفلاشهم" بين الجموع لتغطية العطب البنيوي الذي تسبّب به غياب التنوع الطائفي والسياسي، من سُنّة ودروز وشيعة وحتى مسيحيين لهم وزنهم. وهنا، لا يخرج نواب "القوات" عن الدور والقواعد التي ترسمها قيادتهم لهم. حيث أنهم "ينفذون ولا يعترضون".
أما بخصوص باقي من حضر المعلوم عنه تداعيه بعد المناداة بالـ"صفيرة"، فكان مطلوب حضوره أصلاً لإتمام المراسم المحضرة سلفاً. من بعدهم كرّت سبحة الحضور الباقي، من ناشطين ومغردين ومحللين و "شتّيمة" لم يشكلوا حالة يُعتدّ بها يوماً، إلى حملة ألقاب سابقة هم اليوم أقرب ما يكون إلى "سياسيين" صف حادي عشر منهم إلى سياسيين بالفعل.
عملياً، لم يكن في بال رئيس حزب "القوات" من تنظيم اللقاء والدعوة إليه سوى أمراً واحداً: تزعّم مشروع المعارضة لمواجهة الحزب. لذلك سار على النهج نفسه الذي سار عليه حلفاؤه السابقون في تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و "الإخوان المسلمين" الذي راهنَ عليهم ذات مرة: طلب "البيعة" العلنية من المعارضين.
في الحقيقة إن كل ما حصل وجرى من "اللقاء"، من ألفه إلى يائه، لم يكن نتاج أفكار جعجع أو "قوّاته"، ولا الدائرين في فلكها، ولا "الناشطين" والمحللين الذين "ألصقهم" في قلب الصورة وهم أبعد ما يكونون عن فكرة الإنتاج بدليل ما يقدمون. إنما ما ترجم هو كناية عن أفكار لبعض الحلفاء الخارجين، أمثال السعودية وسفيرها في بيروت وليد بخاري، الذي يقف، باعتراف نفرٍ غير قليل من أصدقاء معراب، خلف المسؤولية عن "شطحات" قائد "القوات" الأخيرة، وتحريضه الدائم على افتعال "مناوشة سياسية داخلية دائمة" للوصول إلى عدم انتخاب رئيس ما دام الميزان "طابش" لمصلحة "الممانعة".
وهنا يُستحضر كل الأداء الذي سجل في أعقاب جريمة قتل المسؤول القواتي باسكال سليمان. أيضاً، لا يمكن إعفاء أدوار أداها محسوبون على السعودية وسفيرها ومقربون منهما. هؤلاء الذين سبق أن وضعوا جعجع في صورة أن السعوديين "لا يعجبهم" كل المسار الجاري في لبنان. على الأغلب، استحضر جعجع إحدى قراءاته ليتوصل في ما بعد إلى تفسير فحواه أن الرياض وواشنطن ليستا على الموجة نفسها. فقرر اختراع موقع له، أقرب إلى السعوديين وأدائهم.
يفهم إذاً أن جعجع وضع نفسه بالتصرف، أو ربما وضعته السعودية بالتصرف. يُفهم أيضاً أن جعجع الذي نقل عنه سابقاً امتلاكه 15 ألف مقاتل، ويقول اليوم إنه عزّز قواه بكتلة نيابية تتألف من 19 نائباً مسيحياً "مجهرياً" في ما يخص قضايا المسيحيين أكثر من مقارعة "حزب الله"، يريد أن يقول إنه قادر على "تعديل" التوازن الداخلي، مستثمراً حضوره ووزنه النيابي، في محاولة التأثير على الخريطة السياسية، واختراع مواجهة تأتي بالتزامن مع المواجهة التي يخوضها الإسرائيليون في مواجهة الحزب. وحتماً، لم تعد الرياض تلك الدولة التي تمضي شيكات "على بياض" إنما باتت أقرب إلى أصحاب نظرية "خلينا نشوف". بمعنى: "إدع الناس ونل بيعتهم، وأمض بالمشروع ثم نرى".
مشكلة سمير جعجع في كل ما يجري أنه يعيد الكرّة نفسها مرّة أخرى. يراهن على تحولات دولية علّها تأتي في مصلحته، لكنه يجهل أنه قد يصاب بخيبات أمل كتلك التي مرّ بها سابقاً حين خذلته الدول نفسها، سواء في إضعاف "حزب الله" عبر السياسة أو الحرب لا فرق. مشكلة سمير جعجع، اليوم وكل يوم، التي يعيها أو لا يعيها، أنه يضع المسيحيين في مشروع لا يهمّهم، أو يمتّ إليهم بصلة، إلاّ لنفر قليل منهم، بقدر ما يهمّهم أكثر إيجاد حلول لملفات إجتماعية، كتحرير مستقبل التعليم من تأثير المؤسسات التربوية الكاثوليكية وسطوها على جيوب المسيحيين. قد يهمهم أكثر إنشاء مستشفيات وصروح تعليمية وإصلاح التوظيف، والوقوف إلى جانب العائلات في القطاعات شتى، وتأمين مساعدات لتثبيتهم في أرضهم ومنع هجرة شبابهم، أكثر من الإنضواء في مشروع مقارعة حزب، يحذر المثقفون منهم من تأثيراته التي قد تنقلب على المسيحيين سلباً.
مشكلة سمير جعجع أنه غارق في وهم دائم إسمه "اختراع عدو". رجل لا يحيا من دون أعداء. مشكلته العظيمة، إنه استردَ تمثيل المسيحيين. وبدل استثماره في الإنتاج، يوظفه في خانة التعطيل، ويمضي في العرقلة تحت مسمّى المعارضة، أو يضع "بيضاته النيابية" في سلة دول خارجية، يزعم أنه عبر "نقاوة" التمثيل المسيحي يستطيع حرمان الحزب من "الميثاقية".
مصيبته، أنه غير مقروء بالنسبة إلى الأطراف التي تعتبر شريكة له. صورة "البيعة" التي أرادها على متن "لقاء" في معراب، جاءته منقوصة بفعل تخلف أركان في المعارضة يفترض أنهم ينضوون وإياه في الخانة نفسها. قد يكون عوّل على دورٍ ما للحزب التقدمي الإشتراكي، ليجد أن الأخير استحضر قبل ساعات من "لمّة معراب" صورة ما يريده جعجع بالضبط: "بيعة لمواجهة مكوّن". فوجد رئيسه "الفخري" النائب السابق وليد جنبلاط أنه ليس في وارد "التحمّس" مرة أخرى. ليتدخل لدى قيادة الحزب طالباً إعادة النظر في مشاركتها.
لم يكن جنبلاط وحده من "صفع" جعجع. الشيعة من المعارضين ل"حزب الله"، والذين راهن عليهم "قائد القوات" في إحداث "تيار ثالث" داخل الطائفة، كانوا على رأس من خذلوه. لم يجد مسؤول قواتي واحد معمماً شيعياً أو "منظّراً" يزين "اللمّة". أقرب المقربين إلى جعجع والمنظور إليه كـ"مرجع" لعموم المعارضين الشيعة، السيد علي الأمين، لم يطق الإحراج الذي قد تتسبّب به مشاركته في أثناء قصف قريته والقرى "العاملية" المحيطة بها من قبل "إسرائيل". ولربما شعر، كغيره، أن جعجع يسعى إلى قيادة "مشروع" ليس في صدده الآن.
الفعل نفسه أداه السنّة. بصرف النظر عن تواجد أشرف ريفي وفؤاد مخزومي "القواتيين فطرياً"، نفس القراءة "الشيعية المعارضة" "بصمتها" شخصيات سنّية، عثرت على مضامين تُحاكي رغبة جعجع "تسيّد مشروع" كان يفترض أن يؤول إليهم، ففضلوا تجنبه وفي حساباتهم أن "الطائفة" برمتها ترزح تحت ضغط إعادة تموضع في شأن القضية الفلسطينية.
ولو أن المقاربة مختلفة، لكن حزب الكتائب ورئيسه سامي الجميل لم يخرجا عن قاعدة بصماها ضمنياً: "رفض تزعّم جعجع لأي معارضة". وإصرارهم على عدم منح جوائز لمعراب.
أسلوب دأب عليه "التيار الوطني الحر"، لكن الكتائب لم تعهده في لحظات كهذه. فالجميل، كان وما زال تحت تأثير "كف" أكله، اليوم من جراء لقاء معراب وقبله "فرط" القوات لدعوة سبق أن أطلقها بعيد "حادثة الكحالة" لتشكيل جبهة مواجهة ل"حزب الله". ما دام أن معراب لم تعطه، لماذا يعطيها؟ شأنه شأن غيره.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا