Beirut
31°
|
Homepage
تناحر "أمني" يسبق التسوية
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 15 أيار 2024 - 7:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

بموازاة مواقف وخطابات وتهديدات عالية السقف يصدرها قادة إسرائيليون، تحضر مواقف وخطابات وتهديدات يوزعها مبعوثون وموفدون وسفراء وشخصيات مقرّبة من سفراء وموفدين، تُحاكي حرباً قريبة قد تُشنّ على لبنان. وفيما تتولى صحف ووسائل إعلام تعمل إمّا بتوجيهات أو بتأثير نشر مضمون هذه الدعاية وتكبير حجمها، يعود أصحاب المصلحة أنفسهم إلى إعادة بث الدعاية على شكل معلومات إضافية. من جهة أخرى، تتعامل المقاومة بطريقة مختلفة. وفي مقابل الإرتقاء كمّاً ونوعاً عند الحافة الأمامية كأحد أساليب الردود على التهديدات، يجد البعض متسعاً من الوقت للتركيز على تحديد القيادة الإسرائيلية موعداً لعودة المستوطنين إلى الشمال قبل حلول العام الدراسي القادم، ليحوّله إلى مادة جذب وعنوان أمني يحاكي ضغطاً على المقاومة. وتصبح مثلاً مساعي الإدارة الأميركية من أجل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان في موعد أقصاه الصيف المقبل (وفقاً لما يتداول) عاملاً يرتبط بظروف إبعاد شبح الحرب، وليس رغبة لواشنطن في غنيمة يمكن تجييرها لمصلحة الديمقراطيين في الإنتخابات. نفس القراءات الخاطئة يسقطها قادة أمنيون على المشهد.

ويصبح، في نظرهم، أن البعد الحالي الذي يغيب عنه التوازن، يمثل أفضل فرصة للتحصيل ولإعادة ترتيب المشهد الأمني ولإقصاء الخصوم قبل حلول موعد التسويات بما تحمله من تغييرات ومتغيرات.


حتى ذلك الوقت، لا مؤشرات حول احتمال حصول انتخابات رئاسية حقيقية. ما هو واضح حتى الآن، وجود دفع قوي من جانب السفيرة الأميركية ليزا جونسون بالتعاون مع إدارتها في البيت الابيض ومع بعض زملائها الناشطين ضمن "اللجنة الخماسية" من أجل خلق ما يمكن تسميته دينامية معينة لانتخاب رئيس. ولأجل ذلك، سيلاحظ خلال الفترة المقبلة أن نشاط السفراء من أعضاء "الخماسية" سيرتفع تدريجياً في موازاة تحرك السفيرة الأميركية تجاه القوى السياسية، لاسيّما رئيس مجلس النواب نبيه بري. ويأخذ في هذا البعد عاملاً مؤثراً يتمثل في حلول الذكرى الأولى لجلسة 16 حزيران الشهيرة. يحضر هذا الكلام في معرض آخر مبني على معطيات وصلت أخيراً إلى شخصيات مهمة في بيروت، يفيد أن الصيف المقبل "لن يكون حاراً" بالضرورة، وسيفتح الباب على حديث جدي حول نهاية الحرب من ضمن تسوية معقولة تجمع بين ملفي غزّة وجنوب لبنان، وسط كلام مصدره دبلوماسي معروف قارب الجزم أحياناً، من أن الصيف سيحمل معه تطورات إيجابية. لذلك أخذت السفيرة الأميركية على عاتقها تدشين حركة مختلفة علّها تؤسس لمبادئ عامة تؤدي لانتخاب رئيس. بموازاة ذلك، تقوم "غرفة عمليات" ببث دعاية لأجل الضغط، تقول إن عدم التوصل إلى صيغة لانتخاب رئيس يكون من الضروري وجوده في أي تسوية سيقابله حرب حكماً.

في المقابل، لا بدّ من ترتيبات خاصة تطال الوضع اللبناني، تبقي الأمور مضبوطة إلى حدٍ ما، بانتظار حلول زمن التسويات. لذلك مثلاً، يقوم مجلس الوزراء المصرّف للأعمال برئاسة نجيب ميقاتي بإدارة الشؤون السياسية من دون معارضة حقيقية تذكر ووسط تأييد وغطاء خارجي واضح. وكذا، يقوم قائد الجيش العماد جوزاف عون بتولي إدارة الشؤون الأمنية والعسكرية. وهنا يحضر توظيف دولي لقائد الجيش بالإستمرار في أداء هذا الدور طالما الفراغ الرئاسي ما يزال يحكم المشهد. وعلى مبدأ الإستفادة المرجوة، يجد "القائد" الزمن الحالي، بأنه أفصل فرصة ممكنة لتغذية مشروع ترشّحه إلى رئاسة الجمهورية، ويقوم باستغلال كل الظروف. وعلى نحوٍ واضح، يفتح المجال أمامه لترتيب أوضاعه ضمن مستويين: الأول، المحافظة على الوضع الأمني الداخلي. وتبرز طبيعة الدور المعطى حيث يتصرف بشكل ينسجم والمتطلبات الدولية، أي المحافظة على الوضع الداخلي ودور الجيش في الجنوب وعدم انغماسه في الحرب والإستمرار بتأمين سبل دعم الجيش. في المستوى الثاني، أبعد المؤسسة العسكرية عن التجاذبات وأخذ ينظم أمورها تاركاً لفريقه مهمة التفرّغ في مجال الإستفادة من كل العوامل لتوفير ظروف تسمح بتعزيز حضوره الرئاسي. وما من شك في أن البعد الحالي يمثل أفضل مجال لقائد الجيش لتمكين الإستفادة رئاسياً. وطالما أن الفراغ الرئاسي ليست واضحة حدود نهايته بعد والقرار باستمرار عون في أداء هذا الدور، يعني حكماً أننا مقبلون على تمديد ثانٍ محتمل ستكون معركته هذه المرة مختلفة، في ظل تقلّص حالات الإعتراض. لذلك لا بدّ أن التمهيد لتشكيل جبهة رفض للتمديد الثاني قد بدأت منذ الآن.

في المقابل يبدو قائد الجيش مرتاحاً إلى المسار الحالي. فلا معارك حقيقية تُخاض ضده، لا من داخل المؤسسة العسكرية ولا خارجها، بل على العكس، تدور المعارك خارج أسوار اليرزة، بين مجموعة من قادة الأجهزة الذين أخذهم التنافس حدّ التبارز في مواقع الأمن وعلى وسائل الإعلام والشروع بفتح ملفات أو تركيب أخرى. وتحضر خلفيات تؤدي دور تعزيزها، ذات علاقة بقرارات التمديد التي تشمل قسماً منهم دون أن تشمل الآخر، ما شكّل ذريعةً لتحرّك غير المستفيدين. ما يزيد الأمور تعقيداً، أن المشهد الأمني محكوم بإعادة تشكيل شخصياته أو إعادة إنتاج صورة الأجهزة بشكل عام، ما يمثل عملياً، تناحراً سياسياً يسبق التسوية الكبرى التي ستطال بشكل أكيد صورة الدولة في المرحلة المقبلة التي تشمل إعادة تشكيل الحالة الأمنية.

تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
منصة لدعم وصول عون إلى بعبدا! 9 لا تهريب للدولار إلى سوريا... ولكن ما يحصل أخطر! 5 بعد أسبوع من المعاناة... ماريو رحل تاركاً غصّة في قلوب محبّيه! (صور) 1
لا تأمين للمطار 10 سابقة من نوعها... مسجد يقفل أبوابه أمام المصلّين! 6 إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 2
"حوادث أمنية مقلقة"... أيادٍ خارجية تعبث بأمن منطقة لبنانية! 11 قرارٌ من بايدن بشأن اللبنانيين في أميركا! 7 المحاولة الأخيرة لهوكشتين... باسيل: أنا مع "الحزب" 3
تموز يودّعنا بطقس معتدل... وتغيّرات "مفاجئة" سيشهدها الـ"Weekend"! 12 حضور مفاجئ! 8 بعد ترحيله من لبنان... فرنسا تتسلّم تاجر المخدرات "البروفسور"! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر