مختارات

دافيد عيسى

دافيد عيسى

نور نيوز
الاثنين 21 كانون الأول 2015 - 09:52 نور نيوز
دافيد عيسى

دافيد عيسى

نور نيوز

"أوجه شبه" بين "القوّات اللبنانيّة" و"حزب الله"...

placeholder

لقد اردت في مقالتي اليوم ان اخرج من اجترار الكلام السياسي والرئاسي نفسه والذي اصبح ممجوجاً ومتشابهاً الى حد كبير والكتابة عن موضوع غالباً ما افكر به وربما يفكر به كثيرون من اللبنانيين غيري وهو «اوجه الشبه بين القوات اللبنانية وحزب الله».

صحيح ان «القوات اللبنانية و حزب الله» يقفان على طرفيّ نقيض في السياسية. ولكل حزب مشروعه وتطلعاته ورؤيته لمستقبل لبنان ودوره ... لكن للحزبين اللذين تُباعد بينهما اختلافات في المشاريع السياسية والتحالفات الإقليمية، اوجه شبه كثيرة تكاد تكون اكبر من اوجه الشبه الموجودة بين اي حزبين آخرين في لبنان:

اولاً: «حزب القوات اللبنانية» هو «حزب مقاوم» وكذلك فان «حزب الله» هو «حزب مقاوم». وبغضّ النظر عن هوية هذه المقاومة وما إذا كانت «مسيحية او اسلامية» ... فإن ما يجمع بين الحزبين الخصمين في السياسة ان «المقاومة» كانت قضيتهما ومبرّر وجودهما وكلّ منهما حارب وقاتل من اجل قضية يؤمن بها واستشهد من اجلها «ليحيا لبنان».
ثانياً: «القوات اللبنانية وحزب الله» يتشابهان في نوعية وهوية جمهورهما وناسهما. فالمنضوون والملتزمون والمناصرون يتحدرون في اغلبيتهم من مجتمعات الاطراف والأرياف والجرود والجبال اللبنانية حيث الطبيعة القاسية التي تمدّ اهلها بصلابة الموقف وشجاعة القتال، وحيث منظومة القيم والمبادئ ما زالت قائمة وفاعلة اكثر، واهمها الصدق في الوعد والإلتزام بالعهد وحب الارض والدفاع عنها.

ثالثاً: «القوات اللبنانية وحزب الله» ليسا جزءاً من منظومة الفساد المالي والإداري في البلد وليسا متورطين في فضائح وقضايا فساد عمّت مؤسسات الدولة. ولذلك يصعب توجيه الإتهام اليهما في هذا المجال، وخصوصاً ان الحزبين لم «يتنعّما» بخيرات الدولة والسلطة ولم يدخلا في لعبة المحاصصة.

فإذا كانت قوى سياسية وقوى وميليشيات الحرب التي دخلت او اُدخلت الى الدولة وجرى ادماجها فيها بعد اتفاق الطائف، اخذت من الدولة الكثير الكثير، فإن «القوات اللبنانية» ورغم انها كانت من مؤيدي الطائف، حُرمت من منافع ومغانم السلطة واعتقل قائدها وسجن وصدرت بحقه احكام سياسية.

وكذلك فان «حزب الله» لم يكن موجوداً عندما وُضع اتفاق الطائف ولم يلتحق بالنظام المنبثق عنه الا متأخراً بعد العام 2005 وبالرغم من ذلك فانه حتى الآن لا يتقن «لعبة السلطة» بمعناها اللبناني للكلمة.

رابعاً: «القوات اللبنانية وحزب الله» لم يأخذا في الحكومات المتعاقبة والمجالس النيابية المنتخبة على اساس قانون الستين الحجم السياسي الذي يناسب تمثيلهما الشعبي ويتطابق معه. واما الوزارات السيادية والوزارات الخدماتية الكبرى فإنها ظلّت حكراً على الأحزاب والقوى السياسية الأخرى وبعض «حيتان السلطة والمال» ...
لكن يبقى الابرز والاوضح في اوجه الشبه بين «القوات اللبنانية و حزب الله» هو في «مبدئية» من يقودهما... فهما يتعاطيان السياسية ويقيّمان العلاقات مع حلفائهما ويتخذان المواقف السياسية من خلفية مبادئ ثابتة واللألتزام بالعهد والوعد .

وهذا ما كشفته «التسوية الرئاسية» الاخيرة ... التي حفلت بالمفاجآت المتعددة الأطراف، بحيث لم يكن احد يتوقع ان يختار رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري رئيساً من فريق 8 اذار دون التنسيق مع حلفائه المسيحيين. وكذلك لم يكن احد يتوقع ويتصوّر ان يرفض السيد حسن نصرالله ترشيح رئيس هو حليفاً اساسياً ومن الفريق السياسي نفسه. كما لم يكن احد يتوقع ان يحصل اصطدام سياسي بهذا الحجم داخل فريق 14 آذار بين الحليفين ورفيقي الدرب الطويل والاكثر تمثيلآ داخل 14 اذار «سعد الحريري وسمير جعجع» ... من هنا يتبين:

ان السيد حسن نصرالله كان مبدئياً في إلتزامه مع حليفه العماد ميشال عون وفي إلتزام وعده و«دينه له».
وكذلك فان الدكتور سمير جعجع كان مبدئياً ايضاً في تحالفه وإلتزامه مسيرة ومبادئ 14 آذار...

وهنا وفي هذا المجال تحديداً لا بد من الاشارة بانه صحيح ان اصرار العماد عون على ترشيحه يلائم «حزب الله» وتتقاطع فيه المصالح السياسية كون الحزب لا يريد انتخابات رئاسية قبل الاتفاق على تسوية سياسية شاملة تعطي الفريق «الشيعي » في الدولة ضمانات عملية ومشاركة في الحكم وفي مقدمها قانون انتخاب وفق الاقتراع النسبي وهو بنظر «حزب الله» يعادل باهميته اتفاق الطائف ويوازيه لانه يعيد تركيب السلطة على اسس جديدة ويسمح بتعديل بعض بنود الطائف عبر مجلس النواب.
لكن هذا كله لا يلغي ان السيد نصرالله لن يتخلى عن تحالفه مع العماد عون طالما ان عون لا يزال مرشحاً للرئاسة .

وكذلك اثبت سمير جعجع مرة جديدة، وفي تجربة تُذكِر بتجربة ما بعد الطائف في بداية التسعينات، انه منسجم مع نفسه وقناعاته ومبادئه ولا يغيّر ولا يبدّل فيها حتى لو كلّفه الأمر «السجن السياسي»...

كما قد يجد بعض السياسيين في سمير جعجع المبدئي انه لا ينتمي الى «نادي السياسة اللبنانية» وما فيها من تكيّف وتأقلم وتدوير زوايا وانه لم يتعلم من التجارب الماضية ولا يتّعظ.
بعد كل ما ذكرنا من اوجه شبه تجمع فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا عدم التطلع الى النصف الملآن من الكوب والبدء في حوار بين الحزبين يريح الوضع الداخلي ويخفف من الاحتقان؟

ولماذا لا يلتقي «حزب الله والقوات اللبنانية» اسوة بالآخرين ؟ وما هي الأسباب التي تمنع ذلك وتبقيهما في حال « قطيعة» ؟ فإذا كان العماد ميشال عون، حليف «حزب الله» حاور «تيار المستقبل» وهو يحاور اليوم الدكتور جعجع ووقع معه ورقة تفاهم... وإذا كان سعد الحريري، حليف سمير جعجع، وابن الشهيد رفيق الحريري يحاور«حزب الله» منذ مدة ولا يزال في عين التينة، واذا كان الرئيس نبيه بري والدكتور سمير جعجع يتحاوران ويتناغمان مباشرة وغير مباشرة في بعض المواقف السياسية، فلماذا لا يقوم حوار بين «حزب الله والقوات اللبنانية» ولماذا لا يحصل إنفتاح ولقاءات بين الحزبين اسوة بالآخرين؟.
اما آن الأوان لدى الطرفين لمعالجة مشكلات الحاضر والتطلّع الى مستقبل افضل بين هذين الحزبين؟
انها مجرد وجهة نظر ....

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة