مختارات

السبت 19 آذار 2016 - 08:20 الراي

الأسد.. خروج من سوريا بعد الخروج من لبنان

placeholder

بدأ الإنسحاب الروسي من سوريا ام لم يبدأ… هل هو مناورة ام انسحاب حقيقي؟ الاكيد ان شيئا حصل يؤكد انه لم يعد من امل لدى موسكو في المراهنة على بشار الأسد .

ليس سرّا ان الاعلان الروسي عن بدء الإنسحاب من سوريا في الرابع عشر من آذار- 2016 ليس حدثا عاديا. هل صدفة انه يأتي بعد الرابع عشر من آذار اللبناني في العام 2005 الذي اخرج القوات السورية من لبنان؟ هل يخرج الرابع عشر من آذار السوري بشار من سورية بعدما اخرجه الرابع عشر من آذار 2005 من لبنان؟

في ايلول الماضي، بدأ التدخل الروسي المباشر في الحرب على الشعب السوري. تحدّثت موسكو، تحت غطاء محاربة “داعش”، عن ضرورة انقاذ بشّار الاسد الذي صار نظامه في حال “موت سريري”. هل كان فلاديمير بوتين يريد انقاذ بشّار الاسد ام المزايدة على رأسه من اجل ثمن تريد روسيا قبضه؟

استطاع فلاديمير بوتين توفير جرعة حياة جديدة لبشار الأسد ونظامه، وذلك بعدما تبيّن ان الميليشيات المذهبية التي ارسلتها ايران الى سوريا، في مقدّمها ميليشيا “حزب الله” اللبنانية، لم تعد قادرة على تنفيذ المطلوب منها. تحرّك بوتين في الوقت المناسب بتنسيق مباشر مع ايران واسرائيل في الوقت ذاته. من يتذكّر ان الجنرال قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني زار موسكو قبيل التدخل العسكري المباشر لروسيا؟

كذلك، لم يتأخّر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن المجيء الى موسكو لتأكيد وجود تفاهم روسي ـ إسرائيلي في شأن كل ما له علاقة بالموضوع السوري من قريب او بعيد. فعندما اكتشفت اسرائيل ان هناك من يحضّر لعمليات تستهدفها تنطلق من الجولان، سارعت الى إغتيال سمير القنطار، وهو درزي لبناني كان في سجونها اثر تنفيذه عملية استهدفت سكّان احدى المستوطنات الاسرائيلية القريبة من الحدود اللبنانية في سبعينات القرن الماضي. لم يكن سمير القنطار سوى اداة ايرانية انتهى مفعولها عندما صار واضحا ان لا شيء يعلو على التفاهم الروسي ـ الاسرائيلي في سوريا.

لم يكن استهداف القنطار بتلك الدقة، سوى نتيجة للتنسيق الروسي ـ الإسرائيلي الذي يعكس رهانا على بشّار الاسد ونظامه في ظلّ شروط معيّنة ولاجل معيّن ومحدّد. بالنسبة الى اسرائيل، ليس هناك افضل من النظام السوري الذي يحترم كلّ الاتفاقات الشفهية بتفاصيل التفاصيل منذ توقيع اتفاق فصل القوّات بين البلدين في العام 1974، باشراف هنري كيسينجر وزير الخارجية الاميركية وقتذاك، ورعايته.

ساد هدوء تام الجبهة بين سوريا واسرائيل واتفق الجانبان، بطريقة مباشرة او غير مباشرة، على ان يكون جنوب لبنان هو الملعب او على الاصحّ “الساحة” التي تصلح لتبادل الرسائل بين الجانبين على حساب لبنان واللبنانين واهل الجنوب على وجه التحديد.

يكمن جديد الاعلان الروسي عن بدء الإنسحاب العسكري من سوريا ، في انّ هناك تطورا طرأ على الارض في وقت بدأت في جنيف جولة جديدة من المفاوضات بين النظام والمعارضة باشراف الامم المتحدة.

ليس سرّا انّ سوريا اكتشفت ان بشار الأسد لم يعد يمتلك قوّات تستطيع الاستفادة من الغارات الجوية التي نفّذتها. وليس سرّا ايضا انّ روسيا تبحث عن ثمن لرأس بشار الاسد.

اكثر من ذلك، ليس سرّا ان إيران ما زالت متمسّكة ببشار الاسد وبامكان اقامة دويلة تحت سيطرته، ذات امتداد في لبنان. مثل هذه الدويلة تؤمن لايران جسرا الى “حزب الله” الذي يسيطر على مقدرات الدولة البنانية والذي يظلّ الى اشعار آخر كنزا ثمينا لا خيار آخر لدى طهران سوى المحافظة عليه. مثل هذا المشروع الايراني قائم على وهم اكثر من اي شيء آخر لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب الى ان ليس في الامكان اقامة دويلة في سوريا ليس فيها اكثرية سنّية مهما اشترت إيران اراضي ومهما قامت بعمليات تطهير ذات طابع مذهبي.

هذا سبب اكثر من كاف لاقتناع موسكو بان ليس في الامكان الذهاب بعيدا في التنسيق مع إيران بدل جني مكاسب تصب في خدمة المصالح الروسية بالاتفاق مع الإدارة الأميركية. في مقدّم هذه المصالح الروسية اغلاق الساحل السوري في وجه اي انابيب للغاز يمكن ان يكون مصدره الخليج العربي ووضع اليد على حقول الغاز السوري التي تشكّل ثروة كبيرة.

انسحب الروس ام لم ينسحبوا، بات مصير بشار محسوما. كلّ ما فعله الرجل انّه لعب الدور المطلوب منه ان يلعبه في تدمير سوريا وتفتيتها وتحويلها مرتعا للميليشيات المذهبية الآتية من لبنان والعراق وافغانستان.

مهما تحدّث النظام السوري عن تنسيق مع موسكو في شأن الانسحاب العسكري الروسي، يظلّ السؤال المطروح هل اقتنع بوتين بأن لا مفرّ من قبض ثمن رأس بشّار قبل فوات الاوان؟

في غياب الاجوبة الواضحة والحاسمة عن مثل هذا السؤال، ما لا بدّ من ملاحظته انّ هناك ارتفاعا لأسعار النفط في الايام القليلة الماضية. مثل هذا الارتفاع للاسعار لا يمكن سوى ان يسرّ الرئيس الروسي الذي يمر بلده بازمة اقتصادية عميقة، كما يعرف قبل غيره انّ روسيا ليست دولة عظمى. يدرك بوتين انّ كل ما تستطيع روسيا عمله يتمثّل في الاستفادة من تخاذل رئيس أميركي اسمه باراك أوباما يختزل مشاكل الشرق الاوسط وازماته بالملفّ النووي الإيراني.

ما ثمن رأس بشار الأسد؟ هل قبض بوتين الثمن او بعض الثمن سلفا؟ هل ارتفاع اسعار النفط دفعة اولى، على الحساب، اقنعت بوتين بان الرهان على بشار الأسد رهان خاسر… هذا اذا كان الرئيس الروسي قبل يوما الدخول في مثل هذا الرهان!

في كلّ الاحوال، قلب بوتين الطاولة على بشّار. لديه حسابات لا علاقة لها بحسابات النظام الذي سارع مجددا الى الاستنجاد بايران. هل نسي النظام ان ايران جرّبت حظها في سوريا ولم تجد في النهاية سوى الإستنجاد بسلاح الجو الروسي؟

للمرّة الالف، ان تعرف كيف تخسر في السياسة والحرب اهمّ بكثير من ان تعرف كيف تربح. تبيّن بكل بساطة ان الأسد الابن لا يعرف لا كيف يخسر ولا كيف يربح. لا يعرف من الربح سوى الإنتصار على اللبنانيين والسوريين. آن اوان إنتصار اللبنانيين والسوريين على نظام لم يجلب للبلدين سوى الدمار والتخلّف والغرائز المذهبية، مباشرة او بالوكالة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة