المحلية

الاثنين 02 أيار 2016 - 12:31 الديار

بالمستندات: الدامور على نار الانتخابات بين الحقيقة والاتهامات

بالمستندات: الدامور على نار الانتخابات بين الحقيقة والاتهامات

من الجنوب إلى بيروت، ومن بيروت باتجاه الجنوب، لا تستطيع المرور من دون أن تُفتح لك بوابة الشوف، فتستقبلك بلدة ساحلية شهدت معاناة وتهجيراً ومجازر، بلدة لا تبعد إلا كيلومترات قليلة عن العاصمة بيروت، مساحتها حوالي سبعة ملايين متر مربّع، وعدد أبنائها يفوق الـ 20000 أما سكانها فعددهم حالياً نحو الـ 4000 أغلبهم من المسيحيين.

هي بلدة الدامور الشوفية، التي تعتبر ودير القمر "بيضة القبّان المسيحية" وأكبر أقلام الشوف الإنتخابية المسيحية، إذ يبلغ عدد ناخبيها على لوائح الشطب 10000 ناخب، ينتخب منهم حوالي 4500، رئيس بلديّتها المحامي شارل الغفري منذ العام 2004.

البلدة اليوم على أبواب معركة إنتخابية، يتأرجح ناخبوها بين فريق يدعو إلى الإستمرار بشعار الوحدة الذي يرفع رايته مناصرو الغفري، وفريق مطالب بالتغيير شعاره "الدامور هويّتي"، علماً أن الدامور أثبتت أنها حافظت بجهد رئيس بلديّتها وعمله الدؤوب على هويّتها الدامورية المسيحية، وأي تغيير سيحصل في ظل إنماء عمراني شامل لا سابق له في البلدة؟

هذا السؤال لم نطرحه هكذا، بل أتى بعد أن قصدت "الديار" البلدة لترى بأمّ عينها إن كانت الإتهامات التي وجّهت إلى البلدية بشخص رئيسها الغفري عبر الإعلام هي صحيحة أم مجرّد افتراءات.

فُتحت لنا بوابة الشوف، دخلنا البلدة، تحدّثنا إلى معظم الأهالي، تجوّلنا في أحيائها السكنية وفي مشاعاتها، حتى عرفنا حقيقة ما يجري.. فإليكم التفاصيل.

استرداد الأراضي من الغريب إلى أبناء الدامور

بعد تهجير الأهالي عقب الحرب الأهلية اللبنانية، طال بيع الأراضي منطقة الدامور إلى أن أصبح ظاهرة كسائر البلدات اللبنانية.

لكن اللافت اليوم أنه لو تجوّلت في أحياء الدامور وقصدت بيوتها، ستلاحظ أن سكانها الدائمين هم جميعهم من الطائفة المارونية، لا تعصّباً بل نتيجة سعي من رئيس بلديّتها ومواكبة دائمة عن كثب للحفاظ على هويّتها ووجودها الداموري المسيحي إذ يعتبر أنّ أساس العيش المشترك يكمن في حفاظ كل بلدة على هويّتها الأصليّة.

لكن السؤال هو: كيف استطاعت هذه البلدة التي عانت الأمرّين من حروب وتهجير الحفاظ على هويّتها المسيحية المارونية؟

غادرت الحرب وحلّ الدمار ضيفاً جديداً على الدامور، صعد الأهالي إلى البلدة ليكتشفوا أن منازلهم أضحت ركاماً، فما كان بوسعهم سوى الإستسلام لهذا الوضع المأساوي وبدأ كثر ببيع أرضهم اعتقاداً منهم أنّ الدامور لن تعود عامرة كما كانت، وشجّع على تفاقم هذا الوضع استجابة البلدية التي كانت قبل عهد المحامي شارل الغفري لطلب الأهالي ببيع أرضهم.

لكن فور استلام الغفري البلدية، بدأ يعي أنّ الدامور في خطر وجودي رافضاً الإستسلام للوضع الراهن، فعمل بجهد كبير راسماً خطة بدأت بعرقلة عمليّات بيع الأراضي للغرباء وانتهت باسترداد أكثريّة العقارات المباعة وإرجاعها من الغريب إلى أبناء الدامور، تزامناً مع استجابة الأبناء لهذه الخطة إيماناً منهم بالنهضة التي أحدثها الغفري بعد توليه رئاسة البلدية.

وهذا نموزج يبيّن عدد العقارات المستردّة إلى أهلها أو التي منع بيعها للغريب بواسطة مشترين داموريين.

مشروع المطلّ: لا خوف من تغيير ديمغرافي

أحدث مشروع "المطلّ" الذي يقع ضمن نطاق "قرية المشرف النموذجية" بلبلة في الدامور على خلفية أن هذا المشروع الذي يقع جزء منه في بلدة المشرف، الجزء الثاني في بلدة كفرمتى والجزء الثالث وهو الأصغر مساحة والذي يتضمّن العدد الأقلّ من الوحدات السكنية في بلدة الدامور، سيحدث هجمة غرباء إلى البلدة بحسب المعترضين عليه.

لكن الحقيقة أن هذا المشروع هو على أراضي "شركة المشرف العقارية" التي تمتلك عقارات منذ عام 1960، وهو عبارة عن مجموعة "فلل" سكنية منظمة بطريقة هندسية حديثة وفخمة خلافاً لمشاريع الشقق السكنية الموجودة في منطقة "الدلهمية" المحاذية للدامور مثلاً والذي هو عبارة عن أعداد كبيرة من الشقق الصغيرة وليس الفيلات.

بمعنى آخر، إن من يأتي ليتملّك فيلا في "قرية المشرف النموذجية" سيكون حتماً من المتموّلين الكبار الذين لا يشكّلون خطراً ديمغرافياً على البلدة، على غرار مشروع "بيت مسك" في قضاء المتن الّذي يتملّك معظمه غرباء عن بلدتي ساقية المسك و بحرصاف من دون التأثير ديمغرافيّاً على البلدتين.

وتجدر الإشارة إلى أنّ البلدية لم تضع نفسها في موقع الدفاع عن هذا المشروع، لكن الأكيد أن كل ما يحكى عنه من المعارضين يتضمّن مغالطات كبيرة تتجلى باستعمال عامل التخويف من هجمة أغراب وطوائف متعدّدة إلى البلدة علماً أنّ ثلثي قرية المشرف النموذجية يتملّكها أناس من غير طوائف.

ولا بد من التذكير أنه سبق وقدّم المعترضون نفسهم دعاوى إلى القضاء بغية توقيفه قوبلت بإسقاطها قضائيّاً، علماً أنّ المرجع الذي ينظر في تملّك الأجانب هو القضاء اللبناني وليس البلدية.

يذكر أنّ قرية المشرف النموذجية تتضمّن نادياً رياضياً، نادياً لركوب الخيل، مسبحاً، ملعب "tennis"، حدائق عامة، مدرسة راهبات الكرمليت، جامعة رفيق الحريري وهي مجهّزة بطريقة أمنية لافتة. والصورة هي خير تعبير عن ذلك.

من طلب فصل السعديات عن الدامور.. ولماذا؟
تناقضات أخصام الغفري ومحاولة تشويه صورته دفعتهم لاستعمال كل الوسائل، فتارةّ يتّهمونه بتغيير هوية الدامور المسيحيّة وتارة أخرى ينعتونه بالـ"المتعصّب دينياً" ويتّهمونه بأنه هو من قدّم طلباً بفصل بلدة السعديات - ذات الأغلبيّة السنية - عن الدامور.

لكن، خلافاً لما أشيع، فإن بعض أهالي السعديات هم الذين تقدموا بطلب فصل حيّهم عن الدامور علماً أن رئيس البلدية وأبناء الدامور أيّدوا تفهمهم لمطلب أبناء السعديات من الناحية المبدئيّة والانسانية، أسوة بما طالب به أهالي الناعمة لاستحداث بلدية لهم مستقلة عن بلدية حارة الناعمة.

يذكر أنّ السعديات تبعد جغرافياً حوالي 6 كيلومترات عن أحياء الدامور الأساسيّة أو ما يُعرَف بالكتلة السكنيّة الأساسيّة، كما تملك كل بلدة بيئة خاصة بها.

عدا عن ذلك، إنّ رئيس البلدية يعتبر أهل السّعديات من أهل الدامور تاريخياً ، خصوصاً أنّ رقم سجل العائلات في السعديات هو 3 ما يعني أنّهم من أقدم العائلات الداموريّة.

وهذا المستند يُظهر الطلب الذي قدّمه أبناء السعديات والذي يعبّر عن رغبتهم بفصل بلدتهم عن الدامور.

منح بطاقات دخول مجانية إلى المسابح

سهام الاتهامات صوّبت نحو رئيس البلدية بموضوع البحر والمسابح أيضا، فاتّهم بأنه يغلق البحر بوجه أهالي الدامور، لكن الحقيقة عكس ذلك، فاذا ألقيت نظرة على الخريطة أدناه، تلاحظ أنّ الجزء الذي تمّ اغلاقه من البحر ووضع سياج فاصل هو للحد من دخول العامة اليه، وهو ملك خاص، تمّ إغلاقه بناءً على طلب المالكين، خصوصاً بعد تكرار الحوادث على أحد شواطئ الدامور (وهو ملك آل حنوش من سن الفيل)، يوم كان متاحاً للجميع، علماً أنّ بعض المعترضين كانوا تقدموا بدعوى قضائية بغية فتح طريق الى أملاك آل حنّوش لكنّ الدعوى ردّت.

تبقى طريق واحدة (باللون الأصفر) وهي جزء من البحر تمّ فتحه أمام أبناء الدامور من قبل البلدية، عدا عن منح البلدية بطاقات عائلية مجانية تتيح لأبناء الدامور طوال فصل الصيف دخول المسابح مجاناً الأمر الذي يساهم في تشجيع الداموري على البقاء في أرضه والإستفادة من خيرات بلدته.

يذكر أنّ أكثر من 1200 عائلة داموريّة قد استفادت خلال موسم صيف 2015 من الدخول مجاناً الى المسابح الخاصة وقد سجّلت أكثر من 16000 دخوليّة.

سعي البلدية لتشجير المشاع بالكامل وتنفيذ خزان مياه

تعدّدت الروايات بشأن مشاع الدامور، وكان آخرها اتهام البلدية بحرق الأشجار فيه. لكن بعد زيارتنا المكان، تبيّن لنا كما يظهر في الصور أدناه، أنّ البلدية منذ العام 2006، قامت بإعادة تشجير مشاعات الدامور التي حُرقت في فترة الحرب والتهجير، وذلك بالتعاون مع وزارة البيئة ومؤسسة UNDP وجمعية جذور لبنان، وزرعت أكثر من 10 آلاف من شتول الصنوبر وسنديان الخروب وغيرها في خراج البلدة من ضمن مشروع متكامل لإعادة تشجير ما دمرته الأحداث.

يذكر أنّ الدامور هي بغالبيّتها أرض مشاع وتعمل البلدية على تشجيرها بالكامل كونها عامل أساسي يساهم في تشجيع السياحة البيئية والتنمية المستدامة.

كذلك، تنفّذ البلدية حالياً خزان مياه ضخم بواسطة وزارة الطاقة والمياه ومديرية مياه بيروت وجبل لبنان، يخوّل سكان الدامور الإستفادة منه علماً أن المياه متوفرة على مدار 24 ساعة في اليوم بالبلدة.

تنظيم وجود اللاجئين السوريين في الدامور

تعاملت الدامور مع وجود اللاجئين السوريين في بلدتها بطريقة جد منظمة ولافتة، اذ فرضت على كل عائلة سورية تريد أن تسكن في الدامور، أن تملأ استمارة تتضمن معلومات شخصية عنها، عنوان سكنها، وصور. وعندها، تعطي البلدية لكل سوري مقيم في الدامور بطاقة يبرزها، وذلك تحاشياَ للمشاكل في البلدة.

تسهيل تشييد دير مار يوسف للرهبنة المارونيّة

تمتاز الدامور بأيادي شبابها البيضاء من جهة، وبيد بلديتها الممدودة دائماً لهكذا مبادرات من جهة أخرى.
اذ قام الأخوان ميشال وطوني نصر بترميم دير مار يوسف للرهبنة المارونيّة، بعد أن دمّر عقب الحرب الأهليّة اللّبنانية، وجرى ترميمه بتسهيل ومساعدة البلدية.

الإسعاف بدون مقابل

خصّصت بلدية الدامور داخل مبنى بلديتها مركزاً للصليب الأحمر اللّبناني، وقد حصلت البلدية على سيارة إسعاف تقدمة من البروفسور أمين قزي الذي شيّد مع زوجته الدكتورة كريستينا مركز الدامور الطبي DMC وهو مجهّز بأحدث التقنيات الطبيّة، وهذه السيارة تؤمّن خدمة نقل المرضى بدون مقابل.

تضع الآن بلدية الدامور اللمسات الأخيرة على المبنى الجديد للبلدية الذي سيتم افتتاحه في 6 أيار المقبل.

بكل موضوعية، ذهبنا وتحرّينا في الدامور عن كل الأمور التي تُثار، عارضين على القارئ الحقيقة الكاملة بالمستندات والأرقام، بعيدين كل البعد عن التجريح والأقاويل الفارغة.. ويبقى لكم حرية التقييم.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة