ناديا بساط.. اسرِقي وجِيبي

بَيناتنا، لدى ناديا بساط ما يكفي من جمال الصوت والوجه والشكل، لتسرق دور بطولة في عمل درامي «إكسبرس»، أو تقديم برنامج فنّي ترفيهي «فَرفور» تعتمد فيه على قوى اختصاصيّي الأزياء والمكياج لتدخل قلوب المشاهدين من دون أن تضطر للتفكير في ترك بَصمة في المشهد الإعلامي... ويكفيها أن تصمت وتقوم الكاميرا بالباقي.

لكن لا، بساط تحبّ أن تتكلم، ويبدو أنّ المشاهدين يحبّون حديثها، خصوصاً إذا كان فيه شيء من الثقافة والمعلومات العامة والترفيه وكلّ ما يحتويه برنامجها الجديد «مين بيعرف».

ومن المؤكّد أنّ في قرارها خوض غمار هكذا برنامج في هذه الحقبة، راهنت ناديا بساط «All In» بخطوتها هذه، بعد أن أثبت الجمهور اللبناني لشركات الإحصاء، وفي أكثر من تجربة، نفوره من البرامج الثقافية وتفضيله برامج الترفيه التي تشغّل أقلّ عدد من الخلايا العصبية في دماغه.

البرامج الثقافية تكون عادة ناشفة وباردة ويستصعب المشاهد بَلعها، لكن «مين بيعرف» جَمعَ الثقافة بالترفيه بـ شْوَيّة وجوه معروفة ومواضيع لطيفة، حتى وَفّر توليفة إعلامية يتمّ فيها تمرير المعلومة إلى المشاهد من دون أن يتمّ وَعظه أو إرشاده أو حتى إشعاره بالدونية بسبب قلّة معرفته... يعني باختصار، عرف البرنامج كيف يضع فائضاً من الكريما على قطعة الكاتو الناشفة حتى يتلذّذ المشاهد بالتهامها وطلب المزيد منها بعد أقلّ من أسبوع...

جمع البرنامج في موسمه الأول عدداً من الوجوه السياسية والإعلامية والصحافية والفنيّة والتمثيلية، ونظّم مباريات ثقافية بين أولاد الكار نفسه، وتوّج في آخر كلّ حلقة صاحب أكبر قدر من المعلومات وسرعة البديهة، وكلّ ذلك في جوّ ترفيهي وتنافسي على شاكِلة «بيّي أقوى من بيّك»... والفائز الحقيقي في البرنامج هو المشاهد الذي يحصل على حصّة الأسد من الترفيه والثقافة.

مشاهدة «مين بيعرف» لا تسهّل على متابعيه نَيل شهادة الدكتوراه في الإنتروبولوجيا ولا كشف أسرار توليد الكهرباء من الهيدروجين، ومن المؤكّد أنّ مقدّمة البرنامج لن تفوز بجائزة أوسكار على أدائها الإعلامي... لكنّ الأهم من هذا كله أنّ ناديا بساط عرفت كيف تكون الكَرزة على قالب اللعبة التلفزيونية المحترمة، وحصل المشاهد على مادة تلفزيونية ترتقي بالترفيه اللبناني درجة في سلّم الإعلام الواعد والموجّه نحو البناء عوض الهدم.

وفي النهاية، نتمنّى من قلوبنا أن يكون البرنامج مسروقاً عن فكرة أجنبية كما يُشاع، حتى يكون في البلد شيء واحد مسروق فعلاً ويستفيد منه المواطنون.