"قانون العقوبات والإمتثال: أي تداعيات على القطاع المصرفي؟ وما هي تحديات هذا القطاع؟" كان محور ندوة حوار بيروت عبر أثير اذاعة لبنان الحر، من مقر نادي الصحافة- فرن الشباك مع الإعلامية ريما خداج حمادة التي استضافت القاضي عباس الحلبي، ومستشار مجموعة بنك لبنان والمهجرحاليا وعضو لجنة الرقابة على المصارف وعضو الهيئة المصرفية العليا في مصرف لبنان سابقا د.أمين عواد. كما شارك في الحوار، ناشر موقع "Lebanon Debate" ميشال قنبور،رئيسة تحرير موقع الاقتصاد كوثر حنبوري ورئيس تحرير مجلة تحقيقات "Online" محمود جعفر.
بداية اكد القاضي عباس الحلبي على أن "الوضع السياسي المكشوف في لبنان يعطي فرصة أكبر لحدوث خضات أمنية، ونقول هذا دون التقليل من دور الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني ولكن الأمن في لبنان جزئيا هو سياسي، وبالتالي فإن الخلافات السياسية وتعطيل المؤسسات تمهد الطريق أمام الأحداث الأمنية".
أما فيما يتعلق بالقطاع المصرفي فاعتبرالحلبي ان "الولايات المتحدة لديها القدرة للتأثير على الدول وذلك من خلال عملتها (الدولار) والتي تعتمد عليها وتستخدمها كل دول العالم لذلك لا خيار أمام لبنان سوى الإمتثال لهذا التشريع لكي نبقى جزء لا يتجزّأ من النظام المصرفي العالمي .. خاصة أن إقتصادنا يعتمد كثيرا على التحويلات بالدولار .. ونستورد معظم حاجاتنا من السلع والمواد من الخارج".
ولفت الحلبي الى أن "التشريعات الأميركية دائما يكتنفها الغموض .. بمعنى ان النص غير واضح بالتفصيل، فهم يتركون أمامهم دائما هامش للتحرك، وللتفسير الضيق أو الواسع لفقرات القانون وما حصل مع بعض المصارف اللبنانية في المراحل الأولى من تطبيق القانون هو أنها ذهبت للتفسير الواسع للقانون وهذا ما أدى الى الضجة الكبيرة التي حصلت , ولكن هذا الأمر إختلف تماما بعد صدور تعميم مصرف لبنان الذي يوضح كيفية تطبيق القانون الأميركي الجديد".
وأضاف "نحن الآن في مرحلة جديدة نص عليها تعميم مصرف لبنان وفق آلية تطبقها المصارف، وأنا برأيي لا يوجد خوف على السيادة لأن المصارف تلتزم بالقرار الذي يصدر عن سلطة لبنانية، أي هيئة التحقيق الخاصة."
من جانبه قال مستشار مجموعة بنك لبنان والمهجر د.أمين عواد أن "كل دول العالم تلتزم بالقوانين الصادرة عن الولايات المتحدة، وخاصة تلك المتعلقة بالصعيد النقدي والمالي .. فأميركا لديها القدرة على إلزام الدول بتطبيق قوانينها من خلال عملتها .. بعد ان قررت معظم الدول الإستغناء في خمسينيات القرن الماضي عن الذهب كغطاء للعملات الوطنية وأصبح الدولار هو الغطاء لمعظم عملات العالم .. أصبحت أميركا أكثر قدرة على الضغط من خلال عملتها".
وأضاف "لبنان ملزم أكثر من غيره بتطبيق القانون الأميركي وذلك لسببين .. السبب الأول هو أن إقتصادنا مدولر، ونحن نعتمد على الدولار حتى في تعاملاتنا في الأسواق الداخلية .. والسبب الثاني هو أننا البلد الوحيد في العالم الذي لديه مقاصة بالدولار الأميركي".
كما قال: "القطاع المصرفي من أقوى القطاعات الإقتصادية ولكن التدخل السياسي يضعفه، والأهم أن لا تترك السلطة النقدية تدافع لوحدها عن الإقتصاد دون السلطة السياسية."
وفي سؤال لخداج عن سبب إستهداف "بلوم بنك" دون غيره من البنوك، وعن صحة مقولة تعرض مصرف كبير للتهديد بعد الحادثة التي تعرض لها "بلوم بنك" قال مستشاربلوم بنك عواد أن "هناك بعض البنوك التي بدأت بتطبيق القانون الأميركي فور صدوره وقبل تعميم مصرف لبنان .. ومصارف أخرى لم تبدأ بالتطبيق إلا بعد صدور التعميم .. وبعض المصارف إعتبرت من خلال الإجتهاد بان مؤسسات معينة يشملها القانون وبالتالي يجب إقفال حساباتها .. و"بلوم بنك" هو أحد تلك البنوك"
تابع "أن الطرف الذي قام بهذا العمل استغل الشحن النفسي، وأنه كان يجب أن يقوم الحوار بين مصرف لبنان من جهة، والشخص المتضرر اي حزب الله من جهة ثانية، والجزء الذي يطبق القانون أي جمعية المصارف من جهة ثالثة ، فلو تم الحوار بين تلك الأطراف بدل أن يكون حوار صحفي لم يكن لتحدث هذه البلبلة، ولكن أستطيع أن اؤكد أن الجو أهدأ بكثير مما كان عليه، وأن حزب الله ليس المستفيد من هذه العملية."
وسالت رئيسة تحرير الاقتصاد كوثر حنبوري :"أمين عام حزب الله أكد أن الأموال لا تأتيهم عبر القطاع المصرفي اللبناني بل عبر قنوات ومرافق مختلفة فهل يمكن ضبط هذه القنوات ؟؟ ".
وأجاب القاضي عباس الحلبي على سؤال حنبوري فقال أن "هذا السؤال لا يجب توجيهه للمصارف بل للسلطة السياسية اللبنانية التي أصدرت منذ وقت قريب 4 قوانين من ضمنها مراقبة عمليات نقل الأموال عبر المرافق والمعابر في لبنان .. فهذا الأمر أصبح موجود تشريعيا، ومن واجب السلطات الرسمية تطبيقه وليس المصارف".
أما فيما يتعلق بالتحديات التي يواجهها القطاع المصرفي قال د.أمين عواد "تحديات القطاع المصرفي عديدة والتحدي الأكبر هو الإمتثال، والمشكلة الأكبر هي الإتفاقية التي صدرت عن مجموعة الدول المتقدمة اقتصاديا والتي تلزم ابتداءا من شهر 7 عام 2018 أن يصبح هناك معلومات حول التبادل الضريبي بين كل الدول ومن بينها لبنان الذي وقع على هذا التعهد، مما يتعارض مع قانون السرية المصرفية."
وشدد عواد على أهمية قانون السرية المصرفية الذي أدى الى تقدم في القطاع المصرفي في حالات معينة خاصة في فترة الثورات العربية، ولكنه اعتبر ان اليوم لم يعد هذا القانون كما كان عليه خاصة بعد أن اصبح هناك قوانين عالمية مهمة وجب على لبنان الإلتزام به.
أما في موضوع ثبات الليرة اللبنانية قال الدكتورعواد "أولا، يوجد تاريخ لثبات الليرة اللبنانية حيث مرت 23 سنة على ثباتها، ثانيا ان احتياطي مصرف لبنان دون الذهب يبلغ حوالي 37.5 مليار دولار، بالإضافة الى احتياطي 9,22 مليون اونصة ذهب، كما أن الحاكم المصرفي أصدر مجموعة من الأدوات المالية التي مكنت مصرف لبنان بزيادة احتياطاته عما لا يقل عن 3 مليار دولار، ما يطمئن حول هذا الموضوع."
وفي موضوع التضخم المالي قال: "حاليا لا يوجد تضخم مالي، بل أنه يوجد اليوم انخفاض بالأسعار، والسنة الماضية كانت نسبة التضخم حوالي 0%، ويجب أن يخلق تضخم مالي من أجل ان يتحقق النمو الإقتصادي".
كم قال "إن لبنان محكوم عليه أن يقوم على المبادرات الفردية، ويجب ان يكون هناك مبادرات تقوم على تفعيل الإقتصاد، لأن هذا التفعيل يزيد الإنتاج، يزيد التوظيف والإنفاق وبالتالي يؤدي الى تحسين العجز. وان حاكم مصرف لبنان قام بمبادرات عديدة في السنوات الخمس الأخيرة منها ما يعرف بحوافز الإنتاج التي أدت الى زيادة الإستهلاك ودعم مختلف القطاعات الإقتصادية".
وأن "القطاع المصرفي يمول القطاعات ولكن هذه المسؤولية هي مسؤولية الحكومة اللبنانية، وان غياب التكافؤ لا يسمح بوضع خطة متكاملة تشمل كافة القطاعات".
وعند سؤال ميشال قنبور عن كيفية التصدي للدين العام وعن الرقم الرسمي للدين، كان جواب الدكتورعواد "ان الرقم الرسمي بلغ حوالي 70 مليار دولار، وأن الحل يقوم على مصدرين: فائض أولي وفائض ثانوي واليوم المشكلة هي أن الفائض الأولي حتى أصبح فيه عجز، وهذا الفائض يتحسن اذا خلقنا نمو اقتصادي".
وبالنهاية قال القاضي عباس الحلبي "اننا اليوم في عدم استقرار سياسي والعملة ليست مرتبطة بشخص ولكن مع منهجية مدروسة يمكن حل العجز المالي، بالإضافة الى ضرورة حل الهدر العام".
وخلال الحديث قال ناشر موقع "Lebanon Debate" ميشال قنبور "هناك عدة تحليلات حول التفجير الذي إستهدف بنك لبنان والمهجر .. فمنهم من يقول أن طرف ثالث يستغل الوضع، ومنهم من إعتبر أن حزب الله يوجه رسالة للمصارف من خلال هذا العمل .. ولكن دون الغوص في التحليلات فإن المصارف اللبنانية إلتزمت بالنهاية بالقانون الأميركي وبلوائح الأسماء التي أصدرتها الإدارة الأميركية".
من جهته إعتبر رئيس تحرير مجلة تحقيقات "Online" محمود جعفر ان هذه الضجة التي نراها حول القانون الأميركي والعقوبات ستختفي مع الوقت، لافتا الى أن الأمور أصبحت أكثر وضوحا بعد صدور التعميم الخاص من مصرف لبنان.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News