متفرقات

placeholder

صحيفة المرصد
الخميس 07 تموز 2016 - 12:01 صحيفة المرصد
placeholder

صحيفة المرصد

استعادة قدرة الاقتصاد على تحقيق الازدهار

استعادة قدرة الاقتصاد على تحقيق الازدهار

بقلم موخيسا كيتويى - الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية:

فقد ملايين البشر في جميع أنحاء العالم الإيمان في قدرة الاقتصاد العالمي على تحسين حياتهم. فبدلاً من أن يجدوا نفعاً من فتح الحدود والتبادل الحر للمعلومات والأفكار فهم لا يرون سوى الغموض حول مستقبلهم، وتزايد عدم المساواة ومكاسب إنتاجية ضعيفة. ولا يستفيد من التكنولوجيات الجديدة التي تربط بيننا وتجعل العالم قرية صغيرة سوى عدد قليل جدا من الناس، بينما يواجه عدد كبير للغاية منهم شبح الإرهاب والصراعات والهجرة القسرية وتزايد كراهية الأجانب. وفي ظل تراجع العولمة، فإن هذا المزاج المتداعي يعيق القدرة الكامنة في التجارة والتمويل والتكنولوجيا والاستثمار على تحسين حياة البشر.

إن العالم النامي يواجه الآن رياحاً كبيرة معاكسة تخيم على آفاق النمو، وهو ما يهدد بتقويض مكاسب التنمية التي تحققت بشق الأنفس.

في آسيا، وفي ظل ضعف الطلب الخارجي وتباطؤ التجارة العالمية، من المتوقع أن تتراجع أنشطة الانتاج والتسويق والخدمات، ويبدو جني المكاسب المحققة من التصنيع أكثر صعوبة. كما أن ديون الشركات والأفراد آخذة في الارتفاع، والعديد من الاقتصادات التي شهدت نمواً سريعاً في السابق تواجه الآن ما يسميه البعض "فخ الدخل المتوسط".

أما في أفريقيا، فنحن نشهد تراجعاً حاداً لأدبيات "أفريقيا الناهضة" ذات الأسواق النامية مع انتهاء دورة الانتعاش الكبرى لأسعار السلع الأساسية، وجفاف تدفقات رأس المال، وارتفاع ديون الدول والشركات. ويزداد الوضع تعقيداً بفعل التهديدات الأمنية والدول الفاشلة، بينما تنزح خارج القارة أكبر موجة مهاجرين تشهدها منذ أكثر من 70 عاماً.

وفي أمريكا اللاتينية، يواجه الآن تفاني هذه المنطقة في الاستيعاب الشامل للجميع احتمال ضياع عقد آخر من الزمن؛ حيث أن انخفاض أسعار السلع الأساسية ونزوح رؤوس الأموال وتراجع مستويات معيشة الطبقة المتوسطة تجبر الحكومات على إعادة تقييم منجزات فترة الطفرة الأخيرة وكيفية إعادة تنشيط التصنيع.

أما في العالم المتقدم، فقد أفرزت العولمة مشكلتين هيكليتين كبيرتين ومترابطتين - زيادة عدم المساواة وتباطؤ نمو الإنتاجية. وأثار ركود متوسط الدخل ردة فعل عنيفة ضد الهجرة في أوروبا وهو ما يفسر اللهجة المناهضة للتجارة التي تهيمن على الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة. وكان العديد من الأصوات التي أيدت مؤخراً خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي لناخبين شعروا بخيبة الأمل في العولمة.

كما أن تسريبات المبلغين - مثل قضية "أوراق بنما" - تُضاعف أيضاً من عدم الثقة بين الناس في المؤسسات السياسية والاقتصادية، وتكشف إلى أي مدى يمكن للتجارة والاستثمارات الدولية أن تمتلئ بالتدفقات غير المشروعة والمعاملات الخفية والملاذات الضريبية – وأن يكون ذلك حتى في بعض الأحيان بالتواطؤ مع زعماء سياسيين.

هذا المزاج العالمي القاتم يبعث على قلق دولي كبير. ونحن في الأمم المتحدة نتصدى لهذا التشاؤم الحالي بثلاثة منجزات رئيسية متفائلة أفرزها العمل المتعدد الأطراف وتم التوصل إليها العام الماضي في 2015، وهي مؤتمر تمويل التنمية في أديس أبابا يوليه/تموز الماضي، ومؤتمر القمة في نيويورك المعني بخطة 2030 للتنمية المستدامة في سبتمبر/أيلول، ثم المؤتمر الحادي والعشرون للأطراف في اتفاقية تغير المناخ في باريس نهاية نوفمبر/تشرين الثاني. بالنسبة لنا، فإن تنفيذ هذه الاتفاقات المبرمة العام الماضي في أسرع وقت ممكن هو أفضل سبيل لمواجهة هذا التشاؤم المتزايد الذي نشهده.

وعلينا أن نوجه هذا التفاؤل الذي تولّد في العام الماضي نحو استعادة قدرة الاقتصاد على تحقيق الازدهار من خلال إحداث تغيير في النموذج والنهج المتبعين. ولهذا فإن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر المتفق عليها في العام الماضي ضمن خطة 2030 تكتسي أهمية كبيرة. إذ تقدم هذه الأهداف لنا خطة لما ينبغي أن يكون عليه اقتصادنا ومجتمعاتنا وبيئتنا في عام 2030. وإذا أخذنا هذه الأهداف على محمل الجد، يمكن لها أن تصبح معياراً فعالاً لرصد تعميم الازدهار العالمي.

وسيكون المؤتمر الدولي الرابع عشر للتجارة والتنمية في نيروبي في يوليه/تموز الحالي مؤتمراً محورياً في دفع خطة 2030 قدماً. إن التعاون الدولي في التجارة والتمويل والتكنولوجيا والاستثمار هو من المرتكزات الرئيسية لأهداف التنمية المستدامة. وفي نيروبي ستتوصل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتفاق جماعي حول الانخراط الدولي في هذه القضايا على مدى السنوات الأربع المقبلة. وفي نيروبي سيتناول زعماء العالم كيفية إعادة تنشيط نمو التجارة العالمية، بما في ذلك من خلال تجارة الخدمات والتجارة الإلكترونية والاتفاقات الإقليمية. وسوف يتحركون أيضا نحو المزيد من التعاون الدولي في مواجهة التهرب الضريبي، وإصلاح إدارة الاستثمارات، وتحسين الإدارة الدولية للديون.

وهناك أيضاً دور هام في نيروبي للمديرين التنفيذيين والمستثمرين وقادة الأعمال، ولذلك سوف يحشد منتدى الاستثمار العالمي التابع لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية المزيد من الاستثمارات المُنتجة في البلدان والقطاعات التي هي في أمس الحاجة إليها.

وسيتم في نيروبي أيضاً إطلاق التقرير الإحصائي الأول لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية بشأن أهداف التنمية المستدامة. وسيكون هذا التقرير المعنون "حقائق وأرقام التنمية والعولمة" أول تقييم من الأمم المتحدة يضع معايير قياسية لفجوات وثغرات التجارة والتمويل والتكنولوجيا والاستثمار، والتي يتعين سدها بحلول عام 2030.

إن العالم بأسره مدعو للانضمام إلى الجهود التي سنبذلها في نيروبي للمساعدة في إحياء الروح البناءة التي تؤدي إلى الازدهار والكرامة وضمان حالة أفضل لكوكب الأرض. إذ يمكننا معاً أن ننشط التجارة والتمويل والتكنولوجيا والاستثمار باعتبارها عناصر إيجابية في القضاء على الفقر وعدم التخلي عن أحد. ويمكن لجهودنا الجماعية في هذه المجالات أن تنعش لدينا روح المشاركة الدولية. دعونا نعمل على تفعيل دور أهداف التنمية المستدامة في مراقبة شمولية وتعميم النمو العالمي وإحياء الأمل في الازدهار للجميع الذي تمنحه لنا العولمة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة