ليبانون ديبايت - المحامي نصري لحود
إن تعريف الإرهاب كوسيلة من وسائل الإكراه بلا هدف، تؤدي إلى أفعال عنيفة الهدف منها خلق أجواء من الخوف والهلع لدى فئات معينة، أو استهداف متعمَّد لديانات أو مجموعات مدنية.
لقد عانى المسيحيون في العراق وسوريا ولبنان من الإرهاب بسبب إستهداف الجماعات المتطرّفة لهم، فيما يعاني منه الإسلام حالياً لأسباب سياسية تحكمها صراعات دولية وإقليمية.
لا يمكن لإنسان عاقل ألا يدين ويستنكر الإرهاب التكفيري والتفجيرات التي لا تستثني بشراً ولا حجر، ولا ترأف بطائفة أو مذهب، في أي بلد عربي أو أجنبي. ولا يمكن لأي إنسان يؤمن بالله الواحد إلا أن يكون رأس حربة في محاربة هؤلاء الذين لا يعرفون ديناً ولا محجة حتى وصلوا بإرهابهم إلى مشارف الحرم المكي الشريف، وإلى بيت الله الحرام الذي يقومون بما يقومون به من آثام بإسمه وهو منهم براء!
لن ينتصر إرهاب بإسم الله، على الله وعباده، ولن ينتصر "التكفير" على التفكير والتكبير والتسبيح بإسم الله الواحد.
أثبتت التفجيرات الأخيرة في لبنان (بلدة القاع) والمملكة العربية السعودية والعراق وسوريا وباريس وبروكسيل واسطنبول ونيس بالأمس، أن ليس صحيحاً أن هناك دول أو منظمات من لون أو مذهب معين تدعم الإرهاب، وإلا لما كان هذا الإرهاب ضربها وأصابها في الصميم.
إن ما جرى ويجري في العالم من هجمات إرهابية تودي بحياة أبرياء، يؤكد أن على الدول الكبرى التي بدأ هذا الإرهاب يطرق أبوابها أن تعيد حساباتها وتضع الخطط لمواجهته بكل الوسائل، خصوصاً أنها لم تعد قادرة على الإكتفاء بالإدانة هنا والتغاضي عن الإدانة هناك، لأن الدور قد يأتي إليها وعندها لن تنفع إدانة ولا ندم.
قد تكون بعض الدول التي خطّطت وعملت وبدأت فعلياً في تغيير وجه دول ومناطق محدّدة خصوصاً في دول عربية في الشرق الأوسط، أخطأت في حساباتها، وعليها إعادة النظر بمخطاطاتها والعمل على استئصال ما قد تكون قد زرعته وبات عبئاً عليها.
ما يريحنا في لبنان أن لدينا جيشاً يكافح رغم قلّة إمكاناته ويضبط الأمن ويكشف الخلايا الموبوءة ويفشل مخطّطات الإرهابيين، ويحافظ على الأمن رغم تدفق ملايين النازحين من سوريا، حتى بات يلزم هؤلاء جيش بكامله ليضبط إيقاعهم، فيما الدول التي تبكي علينا لا تزال مقصّرة في دعم الجيش ومدّه بما يمكنّه من الضرب بيد من حديد وإقفال الحدود في وجه تنظيمات من كل حدب وصوب ترابض على حدوده وفي جروده.
إن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل أعباء النازحين السوريين لا أمنياً ولا اقتصادياً بعد خمس سنوات على وجودهم على أراضيه، من دون مساعدات دولية كافية بعدما تركته الدول والمنظمات الدولية يواجه مصير النازحين ومصيره معهم، وهو ما لم يعد قادراً على تحمّله لأن الوضع يلامس حد الإنفجار.
أمام كل ما تقدّم، يمكن القول أن ما ظهر من تلاحم وطني في الكارثة التي ضربت بلدة القاع يحصّن الوضع الداخلي جيداً، ويجعل اللبناني يخاف على أخيه وجاره ورفيقه في المواطنة من دون التفريق بين طائفة أو دين أو مذهب، وهو ما يعطي لبنان وجيشه قدرة إضافية على المواجهة.
لا بد من التأكيد أن كل ما تقدّم يحتّم على القوى السياسية الفاعلة في البلد أن تنسى مصالحها الضيقة وأن تلتفت إلى المصلحة العامة ومصلحة البلد عبر انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت يكون الأقوى في بيئته ليستطيع أن يحمي كل شرائح البلد مما يحاك لهم، وقد بدأنا، ولأول مرة منذ زمن نلمح ضوءاً في آخر النفق الطويل نتمنى أن يتحوّل شعلة نور تضيء البلد وتنهي شغوراً بدأ يولد شعوراً بالقرف لدى اللبنانيين.
يستحق لبنان تضافر جهود أبنائه وأصدقائه العرب والأجانب لإنقاذ مستقبله لأن اجتماعهم يحميه مما يبيّت له، ويبدو أن الجميع اقتنعوا أن الحل موجود ويلزمه تظهير وقد بدأت مرحلة التظهير ونتمنى ألا تطول.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News