دولة الرئيس...
اخاطبك بلغة الصدق والقلب والعقل، وبروح المسؤولية المسيحية والوطنية... واتوجه اليك بكل احترام لأقول لك ما يقوله الناس ويتناقلونه في مجالسهم وسرّهم وعلنهم، متمنيآ ان القى عندك التفهم والصدر الرحب.
دولة الرئيس...
أقر لك كما كل انسان موضوعي بتمثيلك الشعبي لشريحة واسعة عند المسيحيين، وانا مثل كثيرين غيري، احترم هذا التمثيل وهذه الارادة، وان اي نقاش وحوار مفتوح معك لا يمكن ان يتطرق الى هذه الثابتة التي تظل خارج كل نقاش حتى اجراء انتخابات نيابية جديدة واثبات العكس.
اذن لا احد يجادل في تمثيلك، وانما الكلام الذي ساقوله سيكون في مكان آخر، وهو يتعلّق بالطريقة التي تدير بها معاركك السياسية ومن بينها معركة رئاسة الجمهورية، ونتائجها على المسيحيين.
وهنا وفي هذا المجال تحديدآ اريد ان اسألك..
هل يصلك كلام الناس؟ هل تصلك شكواهم وخوفهم على المستقبل والمصير؟ ام هناك من يقيم بينك وبينهم حاجزاً وفاصلاً ؟
دولة الرئيس...
- هل تعلم ان هؤلاء الناس سئموا اغلبية هذه الطبقة الحاكمة وهم متذمرّون ومنزعجون وغير راضين عمّا يجري وقد ترجموا ذلك في الانتخابات البلدية الاخيرة في مناطق لبنانية كثيرة؟
- هل تعلم ان الناس غير معنيين وغير مكترثين بكل هذا "الصراخ من فوق السطوح" لان حياتهم اليومية ولقمة عيشهم اصبحت صعبة المنال وكون الاغلبية الساحقة من اللبنانيين لامسوا خط الفقر، وكون اغلبية السياسيين لا يسألون عن هؤلاء الناس ويتذكرونهم الى عندما يريدون استعمالهم كوقود في معاركهم السياسية الخاصة والعائلية والشخصية؟
- وهل تعلم وهذا الاهم ان اغلبية الناس لا يرون ان هذا هو الطريق الصحيح للخلاص من الدوامة التي يعيشونها وان هذه السياسة لا توصل الى نتائج وانجازات، وهم مقتنعون ان الاستمرار في ذلك سيوصلهم الى خيبة واحباط جديدين؟
دولة الرئيس...
اقول لك دون مواربة، الناس لديهم كمية وافرة من التساؤلات، وليس لديهم من اجابات تشفي غليلهم او تطمئنهم على مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم واولادهم ووطنهم.
واليك عينات ونماذج من هذه التساؤلات:
- الناس يقولون من حق العماد عون ان يطمح لرئاسة الجمهورية ويسعى اليها وهذا حق من حقوقه السياسية، لكن كيف يمكنه الوصول الى ذلك في وقت يخاصم اغلبية القوى السياسية تقريباً ويفتح معهم سجالات ومعارك سياسية، وهل من يريد رئاسة الجمهورية يخاصم نبيه بري وسعد الحريري وسامي الجميّل وسليمان فرنجية وغيرهم من قوى وشخصيات مؤثرة وفاعلة؟
اليس المنطق والعقل يقولان انه من يريد الوصول الى رئاسة الجمهورية يجب ان يكون ابآ لكل اللبنانيين وعليه ان يقرب بينهم ويذلل قدر الامكان من خلافاته السياسية مع الآخرين ويكون حكمآ لا طرفآ في كل الصراعات الدائرة بين القوى السياسية؟
- يقول الناس لماذا يعتبر العماد عون ان كل انسان يطرح اسمه همسآ او تلميحآ او فعليآ لرئاسة الجمهورية خصمآ وشيطانآ وعدوآ يجب محاربته وازالته من الوجود حتى لو كان من اقرب الناس والحلفاء؟
- ويقولون ايضآ، كيف يعتبر العماد عون ان الاكثر تمثيلاً عند المسيحيين هو من يحق له دون سواه بلوغ سدّة الرئاسة ؟ وهم يسألون هل كان الرئيسان شارل حلو والياس سركيس الأكثر تمثيلاً عند المسيحيين؟ ولماذا لم يفلح الاكثر تمثيلآ يومها بيار الجميّل وريمون ادّه في ان يصبحوا رؤساء للجمهورية؟
- يقول الناس ايضآ هل الميثاقية تعني تقاسم مغانم السلطة وتعيين من يطرح اسمه العماد عون في وظائف ومراكز الدولة ام ان الميثاقية تعني مبادئ العيش المشترك والوحدة الوطنية والتوازن الوطني في وظائف ومواقع الدولة وفي وضع قانون انتخاب عادل يحفظ التمثيل الحقيقي والفعلي والمتوازن بين الطوائف والمذاهب اللبنانية؟
- الناس تسأل ايضآ لماذا فتح معارك خاسرة تارة في الانتخابات البلدية وتارة في الانتخابات النيابية وتارة في تعيين قائد جديد للجيش في ظل غياب الممثل المسيحي الاول في البلاد عنيت رئيس الجمهورية والقائد الاعلى للقوات المسلحة وحيث يتعذّر الإتفاق على اسم قائد جيش جديد في مجلس الوزراء بسبب الانقسام السياسي والطائفي وفي عزّ الحرب على الارهاب؟
- الناس يسألون ايضآ لماذا الدفع بإتجاه إسقاط الحكومة اذا كان هذا يوقع البلد في الفراغ القاتل والفوضى الشاملة والمجهول وفي ظل وضع حساس ودقيق تعيشه المنطقة والبلدان القريبة؟
- كما يسألون لماذا يهدد العماد عون باللجوء الى الشارع في بلد مليء بالشوارع، ولكل حزب وفريق شارعه وجمهوره؟
- الناس يسألون: ماذا يريد العماد عون والى اين هو ذاهب بنا والى اين يريد ان يصل وما هو مشروعه السياسي بعيداً عن طموحه الرئاسي؟ وهل العماد عون في صدد إطلاق حرب تحرير سياسية على غرار حرب التحرير العسكرية في آخر الثمانينات، مع نتائج تفوق في سلبيتها وخطورتها ما انتهت اليه التجارب السابقة وتهدد ما تبقى من صلاحيات ومراكز ومواقع عند المسيحيين؟
دولة الرئيس...
في الختام اقول لك بكل احترام... المسيحيون تحديدآ ما عادوا يحتملون ان يكونوا حقل تجارب ومغامرات وما عادوا يحتملون خسائر جديدة والعودة الى زمن الإحباط لأن خسارتك لا تعنيك وحدك او تيارك وانما ترتدّ عليهم جميعآ اصدقاء وخصوم وتُحتسب خسارة لهم ونقاطاً ضدهم.
المسيحييون يريدون تغييراً في السياسيات والذهنيات والمقاربات، يريدون نمطاً جديداً في التعامل مع الأزمات وفي خوض المعارك وفي ابتكار الحلول والمخارج، وهم يتلهفون لرؤية انجازات لا اخفاقات، ويريدون افعالاً وتقدماً وتحسناً على ارض الواقع وما عادوا يطيقون الوعود والشعارات الكبيرة والطنانة والرنانة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News