ليبانون ديبايت - عبدالله قمح:
غُرِزَ تشريع الحشد الشعبي العراقي كالمِسمار في جسد بعض اللبنانيين الذين إنبروا ينتقدون القانون الصادر عن مجلس النوّاب العراقي أكثر من المعارضين العراقيين أنفسهم! ودون الغوص كثيراً في أسباب هذه المعارضة، يمكن في نظرة صغيرة فهم وتفسير كل هذا الكم من الهجوم وأسبابه ومن أي خلفية يأتي ومن هو المعارض أو الجهة المعارضة التي بادرت أولاً إلى الحديث حتى إستُنسِخَ الخِطاب بالكامل من قِبل بعض سياسيينا.
"الحشد الشعبي" الذي أُسِسَ من قِبل المرجِعيّة الدينيّة العراقيّة وبات مُنذُ أيّام مؤسّسة قانونيّة شرعيّة في العراق بعد سنّ قانون في مجلس النوّاب يكفل شرعيّته، هو شأن عراقي بحت سقط من مبادئ أصحاب نظرية "السيادة والإستقلال" وعدم "التدخل بشؤون الآخرين" فأضحى مادةً دسمةً لفرض الرأي على دولة ذات سيادة، تعيش حرباً، هي أدرى بكيفيّة إنهاءها وكيف سيكون شكل وأسلوب معالجتها.. لكن لماذا كل هذا الضجيج المُفتعل؟
بكل وضوح صوّر البعض "الحشد الشعبي العراقي" على أنه نُسخة من حزب الله والعكس صحيح، وذهب البعض في تسويق "سيناريو الرعب" حد إعتبار أنّ هُناك حشدٌ شعبيٌ ممكن أن يقوم كمؤسسة في لبنان. جرى التصويب على عدّة عناوين، كان أولها "سرايا المقاومة" التي نشأت أساساً قبل ظهور "الحشد" بأعوام طويلة. لم يُفلِح أصحاب النظرية، فصوّبوا نحو مادة دسمة سميت "حماة الديار" وهي جمعيّة مدنيّة شبابيّة نشأت قبل فترة، فصوّبت عليها الأسهم على أنها نموذج قيد التشكّل عن "حشد شعبي عراقي" حتى سُحب العلم والخبر منها.
تردّد مصادر سياسية مطلعة، أن رمي السِهام أساساً موجه نحو حزب الله التي ترى فيه الجهات المناوئة له، خاصة تلك التي تجاهر بالعداء للحزب، نموذجاً عن حشدٍ شعبي خاصةً وأنها تدرك في العمق أن هذا الحشد لم ينشأ أصلاً إلّا من رحم حزب الله ونموذجه وفكره العسكريين وبدعمٍ إيراني، فباتت في غمرة الأحداث ترى نجاعةً تحريضية في ربط مسألتي حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق ببعضهما ومحاولة إستغلال ذلك في تصوير أن الحزب خرج من عباءة المقاومة وبات يقاتل تحت "راية طائفية" كما يحب للبعض أن يصوّر "الحشد".
لبنانياً، ووفقاً لهذا التصور، يعتبر حزب الله قانونياً، إذا إتخذنا بعين الإعتبار أفكار هؤلاء في الإشارة إلى نوايا إنشاء حشد شعبي لبناني، وإذا إتخذنا في الأساس أن الحشد أصله من جسد حزب الله. الحزب مرخص قانونياً في لبنان، لديه كتلة برلمانية وازنة وممثّل في الحكومات منذ 2005 حتى اليوم، لديه نسبة تأييد واسعة من شريحة شعبية غير محصورة فقط داخل الغالبية الساحقة في الوسط الشيعي بل تتعداه إلى حلفاء مسيحيين، سنة، ودروز، والأهم، أن سلاحهُ مشرّع بحكم مقاومته لإسرائيل وذلك من خلال عدة بيانات وزارية تعطيه هذا الحق، إضافة إلى ما شرّعته الإتفاقيات الدولية التي تحفظ حق الشعوب في المقاومة وتحرير الأرض، كما ومن خلال العقيدة العسكرية التي يقوم عليها الجيش اللبناني.. إذاً، فإن الحزب الذي يصوَّر على أنه "حشد"، هو مقونن ويعمل في لبنان بشكل رسمي وشرعي واضح، فلماذا كل هذه الضجة المفتعلة؟
الواضح، أن من يقرع طبول الحرب هنا لا يريد لهناك (في العراق) أن يتكرّر نموذج حزب الله الناجح، فهزيمة "داعش" في بلاد الرافدين على أيدي أشخاص تحركوا بفتوى دينية بات جلياً، كذلك وعلى نفس المستوى، لا يريد هذا البعض أن يستنسخ حزب الله نجاح "الحشد" في هزيمة "داعش" في العراق، أو يستغل ذلك على مستوى تعزيز قوته الأقليمية، خاصة وأن هذا البعض يراهن على إضعاف حزب الله في الأقليم بشتى السبل.. الواقع المرير بالنسبة لهؤلاء يكمن في رؤيتهم لتعاظم قوة حزب الله وإمتداد ذراعه العسكري إلى العراق، وهم لا يفقهون من لعبة السياسية سوى التحريض والشتم واللعب على مسمّيات فضفاضة وإدخال "عِيدان" في التفاصيل اللبنانية، فقط من أجل الهرتقة خدمة لمن يرزح تحت وطأة الهزائم المتتالية في الأقليم..
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News