أشار وزير الإعلام ملحم رياشي إلى "الدور الذي قام به الروح القدس خلال مراحل المصالحة المسيحية المسيحية فكان حاضراً دائماً على الطريق التي سلكناها، ولولا وجوده لما تمّت المصالحة لأنّها ليست المرة الأولى التي نحاول التوصل فيها إلى مصالحة بين القوات والتيار".
وتابع بالقول خلال مشاركته مع النائب ابراهيم كنعان في لقاء بعنوان: "ثنائية ضيّقة أم تفاهم لبناء وطن؟ نظمته جامعة الروح القدس - الكسليك ، بمناسبة مرور عام على تفاهم معراب : "اعتبر الكثيرون أنّ المصالحة المسيحية-المسيحية هي حدث عابر في تاريخ لبنان وخطوة بسيطة تضع حدّاً للخلافات والمشاكل والسُباب في الجامعات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ولم يكن أحد يعلم، حتى نحن، الحجم الاستراتيجي لنتائج هذه المصالحة. ولم يكن أحد يعلم أن قوّة المسيحيين هي بوحدة المسيحيين، ووحدة لبنان وقوته هي من قوة المسيحيين. ما حصل أعطى قوة ودفعاً للبنان لأنّ لبنان، بالأساس، هو فكرة مسيحية... وتكمن الأهمية الفعلية لهذه المصالحة بجعل لبنان الوطن النموذج القادر، من جديد، أن يلعب دوره لأنّه، وقبل المصالحة، إذا قلنا للمسلمين، السنّة والشيعة، تصالحوا سيقولون لنا تصالحوا أنتم المسيحيين أولاً. أمّا الآن، فأصبحنا قادرين أن نجمع المسلمين فيما بينهم وأن نصالحهم".
وأردف قائلاً: "بدأنا نلتمس نتائج هذه المصالحة منذ 60 يوماً فقط، وهي تتمثل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهذه المصالحة التي عمرها سنة ونيف ليست ملكاً لأحد، ليست ملك ابراهيم كنعان ولا ملحم رياشي ولا حتى ميشال عون وسمير جعجع بل هي ملك لكلّ واحد منّا. وصحيح أنّها ملك المسيحيين ولكنها ليست حكراً عليهم. هي ملك لكل الناس ولأجل كل الناس. وصحيح أنّ المصالحة تمت بين أهم وأكبر قطبين مسيحيين إلاّ أنّ انعكاساتها وتداعياتها شملت كل لبنان من خلال انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة، فعاد قصر بعبدا إلى نشاطه وعاد مجلس النواب إلى ممارسة مهامه بديناميكية كبيرة".
ورأى الوزير رياشي أن "30 سنة من الصراعات والنزاعات، منها الدموية ومنها المعنوية، قد مرّت... ولكن اتُّخِذ القرار من قبل سمير جعجع وميشال عون لكسر وإسقاط جدران الفصل بين المسيحيين. ونحن كنّا شركاء في تنفيذ هذا القرار ونقله إليكم. فبعد سنوات من العذاب، أسقط الألمان جدار الفصل في برلين بعد زيارة للبابا يوحنا بولس الثاني. كذلك فعل الأميركييون والأوروبيون عندما أسقطوا جدران الفصل التي أقامتها الحروب الأهلية بين الإخوة. فبنوا دولة جديدة ووجهوا تحية إكبار وإجلال إلى شهدائهم الذين بدمائهم حافظوا على بقاء إخوتهم. وعندما أُسقطت جدران الفصل في لبنان، كانت روح البابا يوحنا بولس الثاني وروح المسيح حاضرتين في هذا الاختبار الكبير الذي خضعنا له ونجحنا بجزء أساسي منه، ألا وهو أن نكون جزءاً من هذه المصالحة لدرجة اعتبار من يريد أن يخرج منها خائناً للبنان، للقضية اللبنانية، للنموذج اللبناني في المنطقة وللمسيحيين والوجود المسيحي في لبنان والشرق".
وأضاف: "يحق لي أن أعلن، اليوم، من هذه الجامعة، بلسان أشعيا النبي "إنها سنة رضىً لدى الله"، لأنّ هذه السنة، بالفعل، ليست كما السنوات السابقة، إنّها سنة خير وحصاد، وقد حان وقت الحصاد. في بداية نشاطنا التصالحي، كنا نقول دائماً "لكل شيء وقت"، وكانت الناس تستعجلنا لكنها كانت تحفزنا أكثر، في الوقت عينه. ومن كان يشكّك في هذه المصالحة كان يحمسنا أكثر للمضي قدماً والوصول إلى النتائج المرجوة. هذا وبدأت النتائج تتبلور في 2 حزيران 2015 عبر لقاء بين العماد عون والحكيم في الرابية وإعلان ورقة النيّات التي تضمّنت مقدمة و16 بنداً وخاتمة إضافةً إلى جملة كان لي الفخر أنني قلتها هي "إنّه وقت يعمل فيه للرب". وكونوا على يقين أنّه لولا إرادتنا في الاستمرار في هذا الشرق وعزمنا للقيام بدور فاعل في الزمن القادم لم يكن هناك مصالحة ولا من يتصالحون. كانت السفينة على وشك الغرق بمن فيها، فيما نحن كنّا نتسابق كيف نقتل بعضنا البعض".
كما أكّد أنّ "المصالحة كانت البداية الجديدة لمستقبل الأجيال القادمة. وكان يوم 18 كانون الثاني تاريخ ثانٍ بكل ما لكلمة "تاريخ" من معانٍ عميقة وحقيقية. هو تاريخ عودة المسيحيين إلى الوطن، هو تاريخ عودة السلطة إلى أيامها المجيدة، هو تاريخ عودة الشرق إلى بداية إشراقة جديدة وإنّ حضور المسيحيين في لبنان سوف ينير الشرق مع المسلمين ومع جميع شركائنا في بناء هذا الشرق. لا يستهين أحد منكم بتاريخ 18 كانون الثاني لأنّه لولا المصالحة المسيحية- المسيحية لا يمكن لأحد أن يرى قوة المسيحيين ومن خلالها قوة لبنان ومن خلالها قوة الشرق. ولولا هذه المصالحة أيضاً لاستمرينا برحلة الفراغ من دون رئيس للجمهورية ولا مؤسسات. قد يعتبر البعض أن هذا الإنجاز هو إنجاز تقليدي ولكنه بالفعل إعجاز لأنّها المرة الأولى في لبنان يقوم زعيم مسيحي بإنكار ذاته لأجل خدمة قضيته ويتنازل عن حقّه برئاسة الجمهورية لزعيم آخر تخاصم معه لسنوات طويلة وذلك إنطلاقاً من قناعته بأنّه لا يهم من يرفع العلم بل المهم أن يرتفع العلم. وعندما ارتفع العلم انتصر سمير جعجع تماماً مثلما انتصر ميشال عون".
واعتبر أنّ "الرجال الاستثنائيين لا يمرون مرور الكرام في التاريخ بل هم من يصنعونه. ولا أوافق أساتذة التاريخ عندما يقولون أنّ "الشعوب تصنع التاريخ" بل الشعوب تساهم في صنع التاريخ من خلال قادة تاريخيين استثنائيين أمثال ميشال عون وسمير جعجع بمشاكلهم معنا ومع بعضهم وببطولاتهم لأجلنا ولأجل لبنان. ولولا وجود هذين الرجلين لم يكن تاريخ لبنان يُكتب، اليوم، بحروف من الذهب".
وقال إنّ "2 حزيران كان بداية نيّات تخللها تشكيك وشك ولكننا كنا نراهن ونقول بأن من يشك من حقه أن يشك لأنه كان يزيدنا عزماً وحافزاً لتأكيد هذه المصالحة. وعلينا أن نميّز بين المشككين والشكاكين. من حق المشككين أن يشككوا وأن يعطوا بعض الملاحظات وأن يلعبوا دور محاميي الشيطان إلاّ أنهم، في نهاية المطاف، "بصموا بالعشرة" للمصالحة ولصالح انتصار المسيحيين الذي أدّى إلى انتصار لبنان. ولعلّ خطاب القسم كان الدليل المادي والحيوي الأكبر على أهمية المصالحة وإصبعاً في عيون الشكاكين، ووصول الرئيس سعد الحريري إلى سدة رئاسة الحكومة إصبعاً ثانياً في عيونهم. أمّا الإصبع الثالث فكان جولة رئيس الجمهورية إلى الدول العربية التي تشكّل البعد العميق والأساسي للبنان ولصداقاته العربية. وكانت لهذه الجولة، بدءاً من السعودية وقطر، أكثر من غرضٍ، من أهمها دعم اللبنانيين العاملين في هذه الدول والذي بيلغ عددهم حوالى نصف مليون نسمة.
وبعد هذه الزيارة، أعادت هذه الدول فتح أبوابها أمام اللبنانيين وقررت أن تنفتح من جديد على لبنان لأنّ هذا الأخير وضع حجر الأساس لإعادة بناء الدولة. إنّ انتصار الدولة هو انتصار للمسيحيين ووجود الدولة هو انتصار للمسيحيين. ويبقى المدماك الأول للدولة هو وجود رئيس للجمهورية وأن تستقيم المؤسسات. وأكثر ما نركّز عليه حاليا هو المصالحة وأقول لكم "أوعى خيّك".
وجاء في ختام كلمته: "أتوجّه إلى كل من اعتبر أن القوات اللبنانية والتيار الوطني يسعيان، من خلال المصالحة، إلى احتكار الساحة المسيحية وإلغاء الآخرين بالقول: أنتم على خطأ لأننا أردنا أن نعيد مجداً كان إلى زوال ولا نملك أي نية لإلغاء أي أحد".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News