متفرقات

placeholder

الوكالة الوطنية للاعلام
الجمعة 10 شباط 2017 - 12:48 الوكالة الوطنية للاعلام
placeholder

الوكالة الوطنية للاعلام

رحمة: كونوا أمناء لعيش الإنجيل

رحمة: كونوا أمناء لعيش الإنجيل

ترأس راعي أبرشية بعلبك - دير الأحمر المارونية المطران حنا رحمة قداسا احتفاليا، لمناسبة عيد مار مارون، في كنيسة العائلة المقدسة في الكويت، عاونه فيه لفيف من الكهنة بمشاركة ابناء الجالية اللبنانية في الكويت.

وألقى رحمة عظة جاء فيها:"من بلاد الأرز قدمت لأحييكم في يوم عيد أبينا العظيم مارون، وقد امتلأ قلبي شوقا كبيرا للقائكم مذ اتصل بي، كل من أخي الحبيب الخوري ريمون عيد، خادمكم وراعيكم، ورئيس مجلس رعيتكم جوزيف إسطفان ليدعواني باسمكم للاحتفال معكم في هذا اليوم الذي صنعه الرب. فلبيت الدعوة بسرور وغبطة لعلمي بهذا التقليد السنوي الغالي على قلوبكم والذي فيه تحتفلون بقداس عيد شفيعِ كنيستنا مع أحد الأحبار الموارنة الذين يأتونكم، بناء على دعوتكم، من إحدى الأبرشيات المنتشرة في العالم".

وقال:"ها أنا اليوم معكم، وقد جئتكم من لبنان، وتحديدا من أبرشية بعلبك - دير الأحمر المارونية التي نصبتني الكنيسة راعيا لها منذ سنة ونصف السنة، هذه الأبرشية التي تتميز باحتضانها دير مار مارون على نهر العاصي حيث تم انتخاب أول بطريرك على رأس الكنيسة المارونية. يعتبر هذا الدير مقرا أولا لتلاميذ مارون في لبنان ومنه انطلقت رسالة كنيسة هذا الراهب القديس لتصل إلى ما هي عليه اليوم ليس في لبنان فحسب، بل في أصقاع العالم أجمع".

وتابع:"من هذه الأبرشية قدمت إذا حاملا إليكم بركات ذاك المقام العظيم وصلوات المؤمنين، دلالة على تضامن الكنيسة ووحدتها في الصلاة والعبادة والتضرع. وأعدكم أنكم ستكونون أوائل المدعوين لزيارة ذاك المقام المقدس الذي استطعنا، بعد جهد جهيد، أن نستعيد ملكيته، ونحن حاليا في صدد طرحِ الصوت للتعاضد ودعم خطة الترميم وإزالة الأذى الذي كان قد أصابه في المرحلة الأخيرة بسبب الإهمال والفوضى ليستعيد جهوزيته وحياته لاستقبال الحجاج والمؤمنين".

وأعلن:"يطيب لي أن أنقل إليكم فرح إخوتكم اللبنانيين ببزوغ فجر جمهوري ووطني جديد. وكم نتأمل خيرا بقيام لبنان القوي خلال هذه المرحلة من تاريخ لبنان المعاصر بعد أن شله الفساد وحكمته سياسة الانقسامات لفترة طويلة. ويمكنكم أن تتخيلوا غبطة مسيحيي لبنان هذا العام لاحتفالهم بعد طول انتظار بعيد أبينا وشفيعنا مارون مع رئيسهم الجديد فخامة العماد ميشال عون الذي أطالبكم بالصلاة معنا لأجله ليتمكن مع سائر المسؤولين في البلاد من سياسة الوطن أفضل سياسة".

واضاف:"يجمعنا اليوم قديس عظيم، حمل اسمه لكنيسته متفردا بهذا الامتياز. فمن هو هذا الرجل؟ أناسك هو أم مرسل أم الاثنين معا؟ تعالوا نغوص لبرهة في التأمل بسيرته فنستل منها ما يغنينا ويغذينا في يوم عيده العظيم. ولد القديس مارون نحو سنة 350م، في شمال سوريا في مدينة كفر نابو، أي في قورش حاليا، شمال شرقي أنطاكية. وهو آرامي العرق وسرياني اللغة، كما يدل اسم مارون. وهو لفظة سريانية آرامية تعني السيد. في عام 398 هجر مارون الحياة العامة واعتزل في كالوتا على جبل في المنطقة القورشية شمالي غربي مدينة حلب. وقد وصفه ثيودوريطس قائلا: مارس مارون التقشف وضروبا من الإماتات، تحت جو السماء، متعبدا ومجتهدا في الأصوام والصلوات والليالي الساهرة والركوع والسجود، والتأمل في كمال الله ومتى اشتدت العواصف كان يلجأ إلى خيمة نصبها هناك من جلد الماعز. وابتنى لنفسه صومعة حقيرة يلجأ إليها في ظروف نادرة".

وقال:"أقام على المعبد الوثني المهجور لله نبو فحول ما فيه الى عبادة الله الحقيقية. ونظرا الى تقشفه ومواعظه وموهبة الشفاء صار الناس يتوافدون إليه من القرى والبلدات المجاورة، والتف الناس حوله في المغاور والكهوف والصوامع، ينتظرون تفقده إياهم فيصغون بلهفة الى عظاته وإرشاداته الموجهة الهادية في مجاهل الحياة النسكية. وفي العام410 توفي القديس مارون فقامت معركة عنيفة بين السكان المجاورين للاستيلاء على جثمانه، وكانت الغلبة لبلدة متاخمة مكتظة بالسكان وهي براد فعليا.هذا ما قامت البطريركية المارونية بتثبيته رسميا عام 2010. وفي 452 شيد الامبراطور البيزنطي مرقيانوس ديرا بجوار بلدة معرة النعمان تكريما لهذا القديس العظيم. وانتسب كثيرون إلى هذا الدير فسموا رهبان دير مار مارون، كما انضوى أيضا عدد لا يستهان به من الراهبات، ولعل أشهرهن القديسات مارانا وكيرا ودومنينا".

وتابع:"بعد أن بشر تلامذة مار مارون اهل لبنان تركز كيان المارونية في لبنان وراحت تتبلور يوما بعد يوم روحانية ذاك الذي صار أكثر من رجل، بل أكثر من راهب قديس، إنه الكنيسة المارونية. وأصبحت هذه الروحانية تراث روحي يشد الموارنة إلى الإنجيل، إلى السيد المسيح الإله المتجسد، وكان القديس مارون مثالهم في عيش الإنجيل ببساطة وإخلاص، وبتفان وبطولة. وقد تم نقل ذخائر هامة القديس مارون من إيطاليا إلى لبنان العام 1999، بناء على طلب البطريركية المارونية، وأودعت في دير ريش موران، دير هامة مارون. ومع ان الموارنة بعيدون عن جثمان القديس مارون، إلا أن بركته تشملهم بذخائر هامته المقدسة".

وأردف:"يبقى السؤال ماذا يعرف الموارنة اليوم عن روحانية مارون؟ وأين هم من متطلباتها؟ وإذا كان الماروني فخورا بمارونيته ومتمسكا بها إلى أبعد الحدود، فهل يجوز أن يجهل ميزات هذه الكنيسة أو أن يكون في عيشه اليومي بعيدا كل البعد عن مسلكها والروحانية؟ وهل صارت المارونية في نهجها وميزتها حبرا على أوراق التاريخ أم هي ما تزال جذابة بإشعاعها النسكي والكنسي؟ أقول هذا بالاستناد إلى المقدسات المارونية الثلاثة: العائلة والوطن والأرض التي استشرس الموارنة على مر التاريخ في الدفاع عنها معتبرين أنها قيم إنجيلية لا تمس، وقد استشهد لأجلها قوافل من الرهبان والمؤمنين رافضين الإنحراف عنها".

وقال:"لكن حالنا اليوم ليست كما ترضي قلوب موارنة الأمس، فضرب التفكك عيالنا وغلب عليها طابع العصرنة وباتت تحكمها إيديولوجيات العلمنة المنحرفة وفلسفات تحديد النسل المتطرف. وصار الموارنة يبيعون أرضهم بحثا عن أماكن أكثر وفرا وراحة ورفاهية. وعمت السلطة أعين الكثيرين منهم، فراحوا يتقاتلون ويتحزبون متناسين أن في الاتحاد قوة وأن الذئاب تنتظر فرصة للنيل من فريستها".

واعتبر رحمة أن "قوة المارونية ليست هي بالعدد ولا بالثروة ولا بالسلطة، بل هي في تمسكها بمبدأ مثلث العيلة والوطن والأرض، وهذا التمسك إنما هو وصية إلهية عرف الموارنة أن يستلوها من الإنجيل المقدس الذي يبين كيف أن الخلاص والفداء إنما يشكلان مع التجسد حقيقة واحدة غير قابلة للانقسام.أفلا يتطلب التجسد وطنا وأرضا وعائلة"؟

وتابع:"إن تطرقي إلى هذه المفاتيح، اليوم، في عيد أبينا مار مارون، ليس للبكاء على الأطلال ولا رغبة في انتقاد الحاضر ورثاء المستقبل، بل هو رغبة صادقة في أن نقوم سوية في فحص ضمائرنا وأن نتيح المجال لهذا العيد أن يترك بصمته في حاضرنا قبل أن يفوت الأوان، فنجدد إيماننا بمدبر هذا الكون رافعين صلباننا لا على قمم جبالنا فحسب بل فوق شهادتنا المسيحية، ونجدد رجاءنا بمستقبل واعد يريده الله لنا ولعيالنا ولأوطاننا وللتاريخ".

وأضاف:"قد تقولون في باطنكم ما بال هذا المطران يحدثنا في هذه الرعية الكويتية عن الوطن والأرض ونحن في وطن ليس لنا وفي أرض غريبة عنا؟ أما أنا فأجيبكم جهرا وأؤكد لبنان كان وطنكم الأول، ولبنان لا يزال وطنكم الأول، لا بل سيبقى لبنان وطنكم الأول. إلا أني حين أحدثكم عن الأرض وعن الوطن، إنما أعني به أكثر من بقعة جغرافية، إني أحكي عن رسالة بل ملكوت".

وقال:"العجب أن اللبناني في الكويت لا يشعر بغربة، ولست أول من قال الكويت وطنكم الثاني، لذلك أستغل الفرصة لأحيي سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، هذا القائد الإنساني كما أسمته منظمة الأمم المتحدة الذي جعل من الكويت بلدا إنسانيا ينعم كل مقيم على أرضه بالحرية الدينية والكرامة، ولأشكره باسمكم وباسم أترابكم اللبنانيين على حسن إدارته ومعاملته والأخلاق. وكم أفرح في الوقت عينه لرؤيتكم مجتمعين في الوحدة والإلفة والتضامن والانسجام، تربطكم محبة لبنان بوثاق لا يبلى ولا تفرقكم الأديان والمذاهب والاختلافات. إلا أن هذه الميزات وغيرها تدفعني إلى تحميلكم أكثر فأكثر مسؤولية حضوركم وشهادتكم في هذا الوسط الكويتي الكبير".

وخاطب أبناء الجالية قائلا:"يا أيها اللبنانيون، ويا أيها الموارنة بالتحديد، احرصوا أن تبقوا على مستوى الرسالة المارونية التي أوكلت إليكم بوصولكم إلى هذه البلاد وعيشكم فيها، فكونوا السباقين في بناء النهضة والحضارة العربية وكونوا أمناء لعيش الإنجيل حيث توجدون، وأعني بها حضارة المحبة والسلام والخدمة الصالحة والأمانة حتى الموت. أليس هذا ما فعله المسيح ابن الله يوم عاش على أرضنا؟ أوليس هذا ما انتهجه مارون في نسكه وتبشيره وحياته وكذلك تلاميذه من بعده؟ بلى أيها الأحباء، لا يمكن للماروني أن يكون رماديا حيث يعيش، لا بل لا يمكنه أن يعيش دون أن يترك وراءه بصمة حضارية تكون لجيرانه مدرسة تحدث الفرق والتطوير".

وختم رحمة:"نعم يا أبناء مارون، أستحلفكم باسمه وفي يوم عيده هذا أن تسهروا كل السهر على بعضكم البعض وعلى من تعيشون معهم فتكونون تلك القيمة المضافة، أي الملح في الطعام، والخمير في العجين، والنور في طرقات هذا العالم، فيغدو لبنان والكويت والعالم العربي بأسره واحة للسلام الحقيقي وباحة للعيش المشترك وساحة لعيش الإيمان بالله ومساحة لفرح الملكوت آمين".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة