افتتحت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين الجلسة الرئيسية لمؤتمر "الحكومة المفتوحة والتكنولوجيات الحديثة في المنطقة العربية" الذي تنظمه "الإسكوا" في بيت الأمم المتحدة، في ساحة رياض الصلح، في حضور مشاركين من الدول العربية.
والقت عز الدين كلمة شددت فيها على ضرورة "أن تلج الحكومة اللبنانية الى مجال الحكومة المفتوحة في أسرع وقت ممكن، وأن يتم العمل على تحضير البنى التحتية الضرورية لهذا المشروع بالتعاون مع منظمة الاسكوا. هذا الاقتناع تكرس لدي خلال الأشهر القليلة الماضية التي توليت فيها موقعي كوزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية حيث كنت على تماس واحتكاك مباشرين مع الكثير من الوزارات وأقسام الإدارة العامة في لبنان ولمست بشكل مباشر حجم أزمة الثقة القائمة بين المواطن والإدارة العامة في لبنان، مما ساهم في اهتزاز صورة مؤسسات الدولة كافة، وليس فقط الحكومة لدى المواطن اللبناني. وليس عبثا جاءت تسمية هذه الحكومة حكومة استعادة الثقة، وجوهر الحكومة المفتوحة هو معالجة هذه الأزمة وصولا إلى تمكين المواطنين من المساهمة في صنع القرار ورسم السياسات وتقديم المعلومات التي تخص القضايا المختلفة. الأمر ليس ترفا إنما ضرورة، وخصوصا أنه من المسلم به أن إرساء الحكومة الرشيدة وبناء المؤسسات العامة والفعالة والخاضعة للمساءلة هي متطلبات ضرورية لإقامة مجمعات يسودها السلام، وهي من أدوات تحقيق التنمية المستدامة".
وتابعت: "يمكن الحديث عن ورشة عمل على هذا الصعيد، وسأذكر بعض التفاصيل لكونها تتقاطع مع ما ورد في دراستكم من معايير ومعطيات ومقومات للحكومة المفتوحة، وهي جزء من المعطيات التي أخذتها الاسكوا في الاعتبار في استبيانها الذي نتج منه تصنيف لبنان من الدول التي لديها خطط جزئية مرتبطة بالحكومة المفتوحة، أبرز هذه الأمور استكمال مسودة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ووضع خطة تنفيذية وتطويرية من العمل عليها في اللجنة الفنية المكلفة من رئاسة الوزراء، وسنقدمها مساء اليوم للجنة الوزارية".
ولفتت عز الدين إلى أنه صدر خلال شهر كانون الثاني من هذا العام قانون حق الوصول الى المعلومات، وهو اقتراح قانون من وزارة التنمية للشؤون الإدارية تبنته في ما بعد اللجان النيابية المختصة، والواضح أن هذا الإنجاز يحسن تصنيف لبنان لجهة مؤشر ogp الشراكة في الحكومة المفتوحة لتصبح 4/4 في ما يخص هذا المؤشر، كما أننا في صدد متابعة سلسلة من المشاريع الإصلاحية على مستوى الإدارة العامة من خلال إعادة هيكلية بعض الوزارات واقتراحات لاستحداث وحدات إدارية جديدة، كما نعمل على تطوير برامج قياس الأداء وبرامج دعم الحوكمة والمساءلة والشفافية. أما المشروع الذي يحظى هذه الفترة بالمتابعة اليومية والحثيثة، فهو الإعداد للمؤتمر الوطني الأول عن التحول نحو الحكومة الرقمية بإرساء أسس متينة للتحول الرقمي، وهي المقاربة التي نحاول من خلالها إرساء رفع مستوى الكفاءة والفاعلية للعمليات والإجراءات في القطاع الحكومي وتقليل تكاليفها وتقديمها الكترونيا بفاعلية وسرعة ودقة في الوقت المناسب، وتحقيق التكامل بين المشاريع الحكومية والقطاعات الخاصة وتسهيل التعاملات بينهما بما يخدم الاقتصاد الوطني. وقد أكدت الدراسة التي أعدتها الاسكوا ما سمته "التقاطع المشترك بين الحكومة الالكترونية والحكومة المفتوحة في البيانات والرسائل"، وهو ما يمكن أن يدفعنا الى اعتبار الحكومة الالكترونية خطوة اساسية في اتجاه الحكومة المفتوحة".
وقالت: "إننا في لبنان نواجه تحديات كبيرة في مسيرتنا نحو الحكومة المفتوحة، فلبنان يعاني المشاكل في الإدارة العامة التي تعاني بدورها منسوبا غير مقبول من الترهل والقصور وغياب مفهوم الخدمة العامة، مع وجود خبرات عالية للأشخاص والموظفين الى درجة يمكن فيها أن نتحدث عن تصلب في شرايين المؤسسات العامة، إلا أن تجاوز هذه التحديات ضرورة، وما ورد في الدراسة يدفعنا أكثر لبذل كل الجهود لإنجاح مشروع الاسكوا في لبنان. فالحكومة المفتوحة بمعاييرها معطياتها ومؤشراتها يمكن ان تشكل أحد العلاجات المهمة للامراض المزمنة التي تعانيها الإدارة اللبنانية. ونحن نتحدث عن مشروع يتأسس تقنيا ويرتكز على التطور التقني وثورة الاتصالات، وينطلق من معطيات الشفافية وقابلية الوصول الى المعلومات والتجاوبية، هو مشروع يسعى لتحسين التفاعل بين الحكومة من جهة والقطاع الخاص والمجتمع المدني الأهلي والجمهور من جهة أخرى، ويعيد الاعتبار الى مفهوم الخدمة العامة للقطاع العام الذي يتعرض من فترة الى اخرى لهجوم، ولا يتوقف البعض عن السعي لتحجيمه والتعاطي معه كعبىء على الدولة الحكومة المفتوحة اليوم تنطلق من مفهوم الخدمة العامة حيث الحكومة وسيلة لتسهيل الوساطة والتسوية، وهو ما يشجع المواطنة الفاعلة. أما الهدف فهو المصلحة العامة، والمواطن مواطن وليس زبونا او مستهلكا، والقيمة للإنسان أولا والإنتاجية ثانيا. للمواطنة اولا قبل القطاع الخاص وان تتشكل قناعة للموظفين في القطاع العام بأنهم يعملون في حكومة يملكها مواطنون وليس كمالكين لعمل تجاري".
أضافت: "ما أحوجنا في لبنان إلى هذه الثقافة التي إذا نجحنا في زرع بذورها سنكون قادرين على التغيير والتطوير والانتقال من دولة الطوائف والاحتكارات والمصالح الضيقة الى دولة المواطنة والقانون والمصلحة العامة. وقد ورد في دراستكم أن الحكومة المفتوحة تقوم على 3 أسس: تعاون مفتوح وإشراك مفتوح وابتكار مفتوح بين المواطن من جهة، والحكومة من جهة أخرى، مما يشجع على مشاركة المواطنين في صنع القرار ويؤمن للجمهور أدوات تسمح بإخصاع الحكومة للمساءلة. اسمحوا لي أن أستعير ثلاثية التعاون المفتوح والإشراك المفتوح والابتكار المفتوح لأقول إننا في أمس الحاجة اليها اليوم في لبنان في موضوع قانون الانتخاب الذي يشكل المدخل الأساسي لأي إصلاح سياسي واداري واقتصادي واجتماعي في لبنان، وهذا القانون اليوم يحتاج الى عقول مفتوحة وقلوب مفتوحة وتعاون واشراك وابداع ليفتح أمام البلد والأجيال المستقبل الأفضل، بعيدا عن مشاريع قوانين ترفع منسوب التوتر الطائفي والمذهبي وتعيد البلاد عشرات السنين الى الوراء وتضع لبنان على حافة المجهول".
وختمت: "المطلوب قانون قائم على النسبية منسجم مع نصوص الدستور يؤمن الانصهار الوطني وصحة التمثيل وعدالته، ويفتح مسارات الإصلاح ومكافحة الفساد وتطوير بنية الدولة ورفع مستوى الكفاءة والفاعلية للحكومة اللبنانية".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News