"ليبانون ديبايت" - المُحرِّر السياسيّ
عندما قرّرَ حزب الله نصب قبضاتِ صواريخهِ الحراريّة المُوجّهة في مسرح "سهل الخيام" لرسمِ "مشهدية تدمير الأسطورة" خلال احتفال انتصار تموز - آب 2006 الـ11، كان فعليّاً يُطلق صواريخه بأكثر من اتّجاه ويرسم معادلةً جديدةً وضع رسالتها المُعبّرة في صندوق سيجري تعميمها على أكثر من جهة. عهد عن حزب الله عمله ضمن إطارٍ واسعٍ من السريّة، حتّى إنّه أحاط -ليس فقط عناصره بل عتاده- بكنفٍ من السرّيّة حفاظاً عليهم، لكنّ الأمور تغيّرت بعد دخول الغِمار في سوريا، فباتَ الحزب منفتحاً أكثر على الردودِ المُباشرة التي لم يستثن خدمة لها "الاستعراضات" بالسلاح الثقيل.
خلال سريان مفعول احتفال "زمن النصر" في سهل الخيام، اختار حزب الله استعراض منصّة صاروخٍ من نوعِ "كورنيت" كتعبيرٍ عن مشهدية "تدمير الميركافا" التي قادها الشهيد "علي صالح" من وادي الحجير خلال ذلك الصيف الحارّ، وذلك أمام الجموع الغفيرة. لا يمكن فصل "المشهدية" عن سياق التحدّي القائم اليوم بين حزب الله (من جهة)، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي (من جهة)، وبعض الداخل اللّبناني (من جهةٍ أخرى)؛ بل إنّ الخطوة بكلّ مضامينها تأتي قبل تصويتِ مجلس الأمن الدوليّ على تقرير الموفد الدوليّ حول تطبيق بنود القرار 1701 وإمكانيّة تعزيزه وإجراء تعديلاتٍ "جوهريّةٍ" عليه.
اختار حزب الله التوقيت الدقيق والمناسب جدّاً لاستعراض القدرات وتمرير الرسائل التي لا تخلو من نارٍ وسخونةٍ، إذ ينكبّ الأميركيون والفرنسيون ومعهم بعض الداخل اللّبنانيّ على دراسة الطُّرق الأنجع صوب اعتماد آليّة تعديلٍ للقرار 1701 ليشملَ تفويضاً لقوّات "اليونيفيل" لكي تعمل في منطقة جرود شمال شرق لبنان إلى جانب منطقةِ "جنوب اللّيطانيّ" التي أراد القَرار أن تكون "منزوعة السلاح".
ألزم الـ1701 الجانب اللّبنانيّ "نصاً" بعدم ظهور سلاح أو مسلّحين تابعين لحزب الله في منطقة جنوب النهر (اللّيطانيّ)، مُبقياً على عبارة "انتهاء العمليات الحربيّة" بديلةً عن "وقف إطلاق النار" الذي ما زال غير ساري المفعول، ما يُبقي الباب مفتوحاً أمام استئناف المرحلة الثانية من "العمليات". تحدّت المقاومة القرار "بشكلٍ قاسٍ وحاسمٍ" في مناسبتين؛ الأولى يوم نظّمت العلاقات الإعلاميّة جولةً على الحدود ظهر خلالها مسلّحين باللّباسِ العسكريّ، والمرّة الثانية يوم أوّل من أمس، إذ كانت منصّات "الكورنيت" بارزةً وواضحة وتُزيّن مسرح الاحتفال على مقربةٍ من الخطِّ الأزرق وفي قلب منطقةِ عمليّات اليونيفيل.
أراد حزب الله توجيه رسالة "حارّة" إلى المجتمع الدوليّ ومن يقف خلفه، بأنّ له وحدهُ (أي حزب الله) سلطة القرار على هذا المسرح وهو بعيد لا بل يتجاهل كلّ استفزازٍ عبر قرار، وهو يبني بتصرفاته على أساس المصلحة اللّبنانيّة التي لا تُقيمُ وزناً لحماية حدود إسرائيل؛ بل تحرص على إبقائها قلقةً، وهو ما دُعّمَ بموقفِ الأمين العامّ السيّد حسن نصرالله الذي ضمَّنَ خطابه الكثير من عبارات التهديد لإسرائيل، والتي تبلغ "طرطشاتها" حدود المجتمع الدوليّ الذي يُراهن اليوم على مِظلّةٍ لبنانيّةٍ من أجل تمريرِ تعديلٍ ما.
قال حزب الله كلمته يوم الأحد ببالغِ الوضوحِ وبما لا يقبل الشكّ، أنّ أيّ تعديلٍ للقرار 1701 ، أو كلام أميركيّ عن توسيع صلاحياتِ هذا القرار وعديدِ القوّات الدوليّة المصحوبِ بارتفاع نبرة السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة نيكي هايلي وزميلتها صاحبة "التصعيد الكلاميّ" في بيروت، إليزابيث ريتشارد، لم يؤتَ ثمارهُ ولن يؤتيها بما خصّ التضييق على حزب الله أو حِرمانه من "رئة الشرق"، لا بل إنّ رسالته أوحت أنّه "أسقط القرار تحت أقدامه ولم يبقَ منه شيء لكي يُعمّم في البقاع"، فمثل ما جرى نصب الأسلحة علناً وفي مِنطقةِ عمل اليونيفيل، دون أيّ تردّد، سيُنصبُ ما هو أثقل منها في الجرود، لتتوسّع دائرة حدود الجبهة الزاحفة نحو الجليل.
هذا ميدانياً أمّا سياسيّاً، فقد تواتر لـ"ليبانون ديبايت" أنّ حزب الله أوصل إلى الرئيس سعد الحريري "عبر القنوات المناسبة" رفضه المُطلق لإجراء نقاشٍ أو قَبول أيّ طرحٍ له علاقة بتعديلِ بنود القرار 1701 أو توسيع صلاحياتٍ مهمّة اليونيفيل لتشملَ الحدود الشماليّة والشرقيّة. وعلمَ أنّ الرسالة نفسها نقلتها دوائر حركة أمل إلى الرئيس الحريري.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News