"ليبانون ديبايت" - المُحرّر السياسيّ
ما زال المُهندسون يعملون على حفرِ أساساتٍ قد تقوم عليها علاقة لاحقة بين القوّات اللّبنانيّة وتيّار المردة. التماس بوادر الانفراج أتت من مِعراب عقبَ لقاءِ المُقرّب جداً من الوزير سليمان فرنجيّة، يوسف سعادة، الذي التقى رئيس حزبِ القوّات سمير جعجع بحضورِ مُمثّل "القوّات" في اللّجنة المُشتركة بين الحزبين طوني الشدياق، إذ جرى بحث "شؤونٍ سياسيّة".
وتوقّفت مصادرُ معنيّة عندَ هذه الزيارة وما سبقها، مُعتبرةً أنّ "الوزير السّابق يوسف سعادة هو من أكثرِ المُقرّبين إلى فرنجيّة، وقد يكون لهُ دوراً أساسيّاً في ترتيبِ العلاقة بين بنشعي ومعراب"، نظراً لوجودِ رغبةٍ عند الطرَفين بالتنسيقِ معاً وخصوصاً من الناحيةِ الانتخابيّة، إضافةً إلى تطوّر كثيرٍ من الظّروف التي مهّدت شيئاً فشيء إلى وصول الحزبَين "الخصمَين" إلى نقطة الالتقاء".
ورأت المصادرُ أنّ "من أهمِّ العواملِ التي ستساهمُ في تأسيسِ علاقةٍ جديدةٍ بين التيّارَين المُتباعدَين فكريّاً وسياسيّاً، تتمثّل في الخللِ الواضحِ الذي بدأ يُصيب معراب والرابية، حيث إنّ الاتّفاق بين الطرفَين يقتصرُ فقط على العناوينِ العريضةِ والعامّةِ، فيما تزدادُ الخلافاتُ حول الملفّاتِ المُهمّة، والمشاريعِ والطروحاتِ، ولا سيَّما على صعيدِ الوزراءِ والتوتّر الموجودِ بينهم. إضافةً إلى ذلك، هناك أيضاً العاملُ الانتخابيُّ والاستحقاقُ الأهمّ المُنتَظر في أيّار، والذي حتّى السّاعة يبدو أنّ "التّيّار الحرّ" و"القوّات" منفصلَين انتخابيّاً في كثيرٍ من الدوائرِ واللّوائح وخصوصاً في المناطق المسيحيّة، الأمر الذي سيدفعُ بالقوّات إلى الالتقاءِ مع "المَردة" بلوائح مُشتركة، وهذا ما لن يرفضه فرنجيّة بدوره".
مراقبون سياسيون، حاولوا قراءةَ المشهد القائم من زاويةٍ مختلفةٍ عمّا هو سائد، غامزين من قناةِ "المُستفيدِ الأكبرِ" من فتحِ أبوابِ العلاقة. الإشارةُ هنا تذهبُ نحوَ الزيارةِ التي قام بها نائبُ رئيسِ الحكومةِ وزير الصحّة غسان حاصباني ووزير الإعلام ملحم رياشي إلى بنشعي ولقائهما فرنجية. يومها كان جعجع المُبادر إلى طيِّ الصفحةِ الماضيةِ وفتح صفحةٍ جديدةٍ وهذا ما لم يُخفِهِ الحاضرون.
فرنجية لم يغيّر موقفهُ الذي يلومُ جعجع على ما حصل في اهدن، لكنّ الأخير ربَّما يحاولُ "تصحيحَ المسار وتغييرَ الصّورةِ"، ليذهبَ المُراقبون حدَّ القول إنّ مِعراب هي الأكثر استفادةً في ضوءِ النزاع القائمِ مع "التّيّار". وفي ظلِّ الظلامِ الدّامسِ الذي يُخيِّم على التحالفاتِ الانتخابيّةِ، تبدو هي السّاعية لإيجادِ تحالفاتٍ متينةٍ قد تُستخدمُ في مقارعةِ التّيار السّاعي لاستمالةِ "القاعدةٍ" نحو "تسونامي جديد".
مقدارُ الاستفادةِ غيرُ بعيدٍ عن بنشعي التي تسعى أيضاً للتعويض انتخابيّاً عن حليفٍ خَسِرَته نتيجةَ التَّباعد في ملفِ رئاسةِ الجمهوريّة، وهي قد تجدُ ضالّتها في القوّاتِ التي تتمتّعُ بقاعدةٍ لا يُستهانُ بها، لكنَّ التّحدّي الذي تقف أمامهُ يتعلّق بالسبيلِ الآيل لإقناعِ القاعدةِ الخضراء بالتحالفاتِ الجديدةِ إن حصلت.
عليه، يعمل البنّاؤون على إعمارِ الحائطِ لُبنةً لُبنة وتعبيدِ الطريقِ أمام إمكانيةِ نشوءِ حلفٍ انتخابيّ، والوصول إلى تلكَ الغاية لا بدَّ أن يمرَّ بطريقِ "الورقة" التي تتضمنُ الاتّفاق، وهنا بيتُ القصيد، إذ إنّ النّقاشات واللّقاءات الحاصلة لا يُمكن فصلها عن مسارٍ قد يصلُ إلى توقيعِ ورقةٍ بين الجانبَين على غرارِ "إعلانِ النّوايا" و "ورقةِ التّفاهم".
وثمّةَ من يطرحُ تساؤلاتٍ حول الالتفافةِ الكبيرةِ لجعجع الذي غيَّر وقلبَ مواقفه من فرنجية رأساً على عقب، في حين أنّ فرنجية لا يُمانع في الوقت نفسه من حصولِ هذا التّنسيق، ودوران الأهداف السياسية برئيس "بيك زغرتا" يدفعه إلى ترتيب صفوفه.
الثابتُ في كلِّ ما ورَد، هو أنّه وحتّى السّاعة لم يجرِ الحديثُ بعد عن لقاءٍ قريبٍ قد يجمعُ جعجع وفرنجيّة، إنّما يتمحورُ اليومُ حولَ ترتيبِ العلاقةِ خطوةً ما بعدها خطوة، تماماً كما حصلَ مع "القوّات" و"الوطنيّ الحرّ".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News