المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الجمعة 25 آب 2017 - 01:00 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

"أبو عجينة" يخبز الدولة بالأفراح!

"أبو عجينة" يخبز الدولة بالأفراح!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

منذُ خسارتِهِ في الانتخاباتِ البلديّةِ الماضية؛ اختفى رئيس بلديّة عرسال السّابق علي الحجيري "أبو عجينة" عن السّاحةِ حتّى اندثرَ صوته الذي طالما صدحَ خلال الأزمات المُتعاقِبة التي شَهِدَتها البلدة، ليظهرَ مُجدَّداً بشكلٍ غامضٍ على قارعةِ عودةِ الدولة اللّبنانيّة إلى عرسال من بوّابةِ الرئيسِ سعد الحريري.

ابتعدَ الحجيري عن ضجيجِ وسائلِ الإعلام مُستقِرّاً في منزِلِهِ الرّيفيّ دون أن يبرحه إلّا في زياراتٍ أو جولاتٍ داخلَ بلدتِهِ. "طلب رأسه عشائريّاً" قوّض تحركاته ولم تُسعِفُه جميع الوساطاتِ إن يبلغ أبعد من مِنطقةِ مدينة الملاهي، فتحوّل الرجلُ إلى سجينٍ داخلَ قريته!

تنفّس "أبو عجينة" الصّعداءَ حين قرّرت الدولة أن تحطّ الرِّحال للمرّةِ الأولى منذ إعلان دولة لُبنان الكبير في عرسال. قرّرَ حضور المُؤتمرِ الصّحفيّ للرئيس سعد الدين رفيق الحريري في مبنى بلديّةِ عرسال، فعَبَرَ الطّريق سيراً على الأقدام مع حفنةٍ من أصدقائِهِ، إلى أن التقطتهُ إحدى وسائل الإعلام أملاً في "سكوب" ما. ظهر الحجيري على الشّاشة طِوال عشرة دقائق تقريباً منتشياً بعد أن تحرّرت الجرود، ومُندفِعاً مع الأهالي المُؤيّدين لتيّار المستقبل صوب مبنى البلديّة الشّاهدةِ على صولاتِهِ وجولاتِهِ ومواقفهِ النّاريّة التي لم تُستثنِ حتّى الجيش!، من أجل استقبال الرئيس سعد الحريري تعلوه الرّايات الزرقاء التي تظلّل فيها طِوال أعوامِ الاضّطرابات، وساهم إلى حدٍّ كبيرٍ في تأجيجها.

أطلق الحجيري المواقف وكأنّه رجلاً سياسيّاً من الطراز الأوّل. استقطب وسائل الإعلام التي كادت حتّى الأمس القريب تنسى اسمه. استغلّ الحادث مُطلِقَاً جملة مواقفٍ لا تدلّ سوى على خلفيّةٍ اختارها لنفسه. اعتبر كلّ من في الجرودِ أو كان في الجرود "يتقاسم أدوار التآمر على عرسال" (كما قال). لم يُفرّق بين جبهة نصرةٍ أو داعش أو حزب الله أو حتّى الجيش اللّبنانيّ.. "كلّهم مُحتلّون" ردّدها أكثر من مرّة مع تشديدهِ على رفضِ شكر حزب الله الذي لولاه، لما كان الحجيري أو سِواه من المُنتشين نصراً إن تمكّنوا من الوصول حتّى أول اللّبوة!

عموماً، دخل الحجيري دخول الفاتحينَ إلى مبنى البلديّة مُحاطاً برجالِ الأمن الذين حضروا لمواكبةِ الزيارةِ وتأمينِ الحماية للزائرين، لكن سقطَ من بالِهم أنّ هناك مطلوبينَ سُطِّرَت بحقِّهم بلاغات بحثٍ وتحرٍّ يجوبونَ عرسال ذهاباً وإياباً ويجب الإطباق عليهم وجلبهم للمثولِ أمام قوس المحكمة. سقط من ذِهن "الأمن" أنّ الحجيري مطلوباً، وبحقّهِ قرارٌ اتّهاميّ صادرٌ عن المحكمةِ العسكريّة في شهرِ تموز 2015 وينصُّ على طلبِ عُقوبةِ الإعدامِ لهُ ولـ36 مُتّهمَاً بالاعتداءِ على الجيشِ في شُباط 2013.

القرارُ الصادرُ يومها عن قاضي التحقيقِ العسكريّ فادي صوان بعد معاينتهِ الأدلّة المُتّصلة بجريمةِ قتلِ النقيب بيار بشعلاني والمعاون أوّل زهرمان، وتداول شريطِ فيديو آنذاك، يُظهرُ الحجيري وابنه مع عددٍ من أهالي بلدةِ عرسال يُحيطونَ بعناصر الجيش المُعتدى عليهم. وبغية جلبِ المطلوبين للقضاء، سَطَّرَ صوان مذكّرة بحثٍ وتحرٍّ بحقِّ جميعِ المُتورطين يضافُ إليهم 16 اعتُبِروا من عِدادِ المجهولين!

لكنّ القرار أعلاه، ذهب أدراجَ الرّياح إنْ لم نَقُل سُوِّي بالأرض حين دخل الحجيري القاعة "ضيفاً عزيزاً" يحضر مُستمِعاً بإسهابٍ لخطابِ الرئيس سعد الحريري ووعودِهِ. الأكيد أنّ الحجيري لُفّ بهامشٍ من الغطاءِ السّياسيّ الذي يستحقّهُ عن جدارةٍ بعد أن اختِير ليكونَ رأس حربةٍ في المُواجهة كخطِّ دفاعٍ أوّل يأتي خدمةً لغيرِهِ. أغدقَ الحريري الموجودين وعوداً. أثبت وجود الدولة في البلدة التي غابت عنها حين كانت بأمسِّ الحاجة إليها. غادر الحجيري تماماً كما دخل دون أيّ ضجيجٍ، وغادر الأمنيون والعسكريون معه تاركين خلفهم من تورّط يوماً بدماءِ ضابطٍ وكمنَ لهم في شُباط 2013 أثناء مُزاولتِهِم مهمّة توقيفِ أحد الإرهابيين.

نجحَ الحجيري بخَبْزِ الدّولة وعَجْنِها على الهواء مباشرةً وجعلها مُثيرةً للضحكِ والمَسخرة، مُدخِلاً إيّاها بفرنٍ ذي حرارةٍ مُرتفعة أحرقَ وجهها، كما اسودّت وجوهٌ يوم تُرِكَت دماء العسكريين تسيلُ دونَ عِقابٍ كُرمةَ لعيونِ السّياسيين.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة