"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
العدّ التنازليّ الذي يفصلنا عن معرفةِ مصيرِ الانتخابات الفرعيّة، بدأ، إذ تتوجّه الأنظار إلى ثلاثة مقاعد نيابيّة شاغرة، المِقعد المارونيّ في كسروان الذي كان يشغله رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، المقعد العلوي في طرابلس الذي شغر بوفاةِ النائب الراحل بدر ونوس، بالإضافةِ إلى المِقعد الأرثوذكسيّ في طرابلس الذي شُغِرَ نتيجة استقالة النائب روبير فاضل.
هذا الاستحقاق اعتبره البعض بمثابة "بروفا" للانتخابات النيابيّة المقرّر إجراؤها في أيّار من عام 2018، وامتحان أوليّ للقِوى السياسيّة التي تخوض الانتخابات للمرّة الأولى وفق القانون الجديد، وبتحالفاتٍ مختلفةٍ عن سابقاتها نظراً لكثرة التطوّرات التي حصلت في الحقبةِ الأخيرة وتفكّك كثيرٍ من القوى الحليفة، الامر الذي دفع في مكان ما بعض القوى السياسيّة الى محاولة تطيير الانتخابات الفرعيّة او المُماطلة بهذا الملفّ بحجج كثيرة، نظراً لأهميته ودلالاته الكثيرة. إلّا أنّ جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي عُقدت في قصر بيت الدّين برئاسة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء، أعادت تحريك هذا الملفّ في الوقتِ الذي أعدّت فيه وزارة الداخليّة نفسها إداريّاً ولوجستيّاً لإجراءِ الانتخابات.
وكان لافتاً جدّاً، عودة "النائب الرديف" إلى الواجهة، مع تجديدِ رئيس الجمهوريّة في الجلسة طرح الاقتراح الذي كان تقدّم به يوم كان رئيساً لـ"تكتّل التّغيير والإصلاح"، لأن يكون لكلّ نائبٍ، رديفٍ يحلُّ مكانه إذا ما تمّ توزيرهُ أو شُغِرَ مقعدهُ لأيِّ سببٍ كان وذلك عملاً بالفقرة "ه" من مقدّمة الدّستور التي تتحدّث عن فصل السّلطات وتعاونها.
هذا الاقتراح، "ولد" عام 2008، يوم تقدّم النائب إبراهيم كنعان كتكتّل التّغيير والإصلاح، باقتراحٍ دستوريٍّ يرمي إلى فصل النيابة عن الوزارة، إذ تنصّ المادة الأولى منه على إلغاء المادّة 28 من الدّستور واستبدالها بالنصّ التالي: "لا يجوز الجمعُ بين النيابة ووظيفة الوزارة. أمّا الوزراء فيجوزُ انتقاؤهم من أعضاءِ المجلس النيابيّ أو من أشخاصٍ خارجينَ عنه أو من كِليهِما". كما نصّت المادّة الثانية على أنّ تُضاف إلى المادة 41 الفقرة الثّانية التي تقول إنّه: "إذا خلا مقعد في المجلس لسببِ قَبول نائبٍ تعيينه في الحكومة، يحلّ محلّه حكماً في المركز الشّاغر الرديف الذي يكون قد اختاره هذا الأخير على لائحته. وفي مُطلقِ الأحوال لا يجوز أن تتجاوز نيابة الرديف، أجل نيابة العضو الأصيل الذي يحلّ محلّه. إنّ المبدأ المنصوص عليه في هذه المادّة، يطبّق أيضاً في حال وفاة النائب أو في حال فُقدان هذا الأخير لعضويّته في مجلس النوّاب بسبب استقالته أو صُدور حكمٍ بحقّه من نوعِ الأحكام التي تمنعه من الترشّح أصلاً".
وفي هذا الإطار، أشارَ الخبير الدستوريّ المُحامي ماجد فيّاض، إلى أنّ "هذا الاقتراح يهدفُ إلى محاولةِ عدم إرهاق الدّولة، لناحيةِ إجراء الانتخابات الفرعيّة أكثر من مرّة، وفي ظلّ ظروفٍ سياسيّة قد تكون غير مناسبة، وذلك من خلالِ وجودِ نائبٍ رديفٍ يحلُّ مكان ذاك الأصيل الذي شُغِرَ منصبه للأسباب التي نصّ عليها الدستور والسّابق ذكرها، الأمر الذي من شأنه أن يوفّر أيضاً على الدولة إنفاقاً ماليّاً لا يُستهان به، بغية ملء المقاعد الشّاغرة عن طريقِ إجراءِ الانتخابات الفرعيّة".
واعتبر فيّاض في حديثهِ إلى "ليبانون ديبايت"، أنّ "هذا الموضوع، يُثيرُ في المُقابل إشكالاتٍ قانونيّة، فيما لو أُقرّ الاقتراح المذكور، حول ما إذا كان يتوجّب أن يكون الرديف هو من نال أعلى الأصوات بعد النائب الأصيل، أم من ضمن اللّائحة الواحدة التي خاضت الانتخابات في وقتِ إجرائها الأساسي، بمعنى أن يكون من الخطِّ السّياسيّ ذاته واللّائحة نفسها، وغيرها من الاحتمالات، التي يجب معاينتها والتوافق عليها"، لافتاً إلى أنّه "من الأفضل أن يُصار إلى درس قانونِ الانتخاب الجديد بهذا الخصوص في ضوءِ التجربةِ العمليّة والواقعيّة، وهو ما لم يحصل حتّى هذا التاريخ، وسيبقى حتّى عام 2018، إنْ لم يُؤجَّل تطبيقه لوقتٍ أطولَ إلى أن تَستقرّ آلية عملِ القانون الانتخابيّ والذي يختبر الواقع وإفرازاته انطلاقاً من النتائج".
وختم فيّاض، بالإشارة إلى أنّ "هذا الاقتراح لا يمكن تطبيقه في ظلّ القانون الانتخابيّ الحاليّ، لأنّه ليس هناك من نوّاب ردفاء قد فازوا في الانتخابات الأخيرة، إلّا إذا تمّ استلحاقهُ في نصِّ اقتراح القانون، لأنّ من نال النتيجة الأعلى بين المُتنافسين السّابقين من الطائفة والمذهب نفسه هو من سيحلّ مكان النائب الأصيل، وهنا يأتي التوجّس؛ لأنّ إقرار هذا القانون قد يُصبح وسيلةً لمنعِ إجراء الانتخابات الفرعيّة، خصوصاً أنّ هناك بعض القِوى السّياسيّة التي تسعى إلى "تطيير" الاستحقاق في هذهِ المرحلة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News