"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:
لم تكن مزحة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الموجهة لوزير التربية والتعليم في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة خلال حفل إطلاق الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني عابرة. توجه الحريري لحمادة قائلا "معالي الوزير سجّلي اسمي بشي مهنية, اذا ما مشي حال الحكومة منروح منشتغل".
سلطت هذه العبارة الضوء على أهمية هذا النوع من التعليم الأساسي لبناء البلد وتطور اقتصاده لأنه ينمي حس الابداع ويزيد مهارة اليد العاملة، في الوقت الذي يعتبره البعض مجرّد محطة هروب من الفشل في مدارس التعليم الأكاديمي.
في جولة على شكاوى التلامذة والأهالي الذين اختاروا التعليم المهني لأولادهم بدل الأكاديمي ظنا منهم انه أسهل ويركز على الحس الابداعي والمهارات اليدوية أكثر، أشارت والدة تلميذ مختص في ميكانيك السيارات في احدى مهنيات منطقة جبيل الى انها "هربا من المواد التعليمية المتكدسة والمنهج الصعب في المدرسة الأكاديمية نقلت ابني الى الاختصاص الذي يميل له, نظرا لتعلقه بالسيارات. وحتى لا يحمل حقيبة مدرسية وزنها يساوي وزنه بسبب كثرة الكتب والدفاتر اختار اختصاصاً مهنياً ليكون التركيز على المواد التطبيقية واليدوية".
وأضافت "لكن تفاجأنا بأن المنهج يساوي بصعوبته وعدد مواده, ذلك الأكاديمي. ومادة الرياضيات لميكانيك السيارات لا تختلف كثيرا عن تلك التي تعطى في الصفوف الاكاديمية. ابني ذكي والمنهج الصعب الذي يدرس في المدارس اللبنانية يشعرنا بأن أولادنا فاشلون, فهل هناك أمل أن يتغير هذا المنهج ويتطور؟".
صرخة الأم ليست الوحيدة, حالها حال العديد من الأهالي الذي عانوا نفس الأمر بعد نقل اولادهم بحجة الفشل من الأكاديمي الى المهني ليكتشفوا صعوبة المنهج ذاتها.
ولفت جهاد ابن الـ16 عاما الى انه يعمل مساندا لوالده في تصليح الأدوات الكهربائية وهو مبدع في هذا المجال. لذا اختار الانتقال الى التعليم المهني الذي أثقل كاهله اكثر من الأكاديمي بسبب صعوبة المواد وتعقيدها. "للوهلة الأولى اعتقدت اني لا أبرع في تصليح أو توصيل الكهرباء, واني لا أملك أي خبرة", قال جهاد.
الفرق الوحيد بين التعليم المهني والأكاديمي هو التركيز على المواد التي يحتاج لها الاختصاص سواء كان في المجال التمريضي او المحاسبة أو الميكانيك أو غيره, بحسب تلميذة متخرجة باختصاص الفنون الفندقية. وأضافت "من الضروري تحميل المنهج المهني هذا العدد من المواد لأنه أتاح لي امكانية اكمال اختصاصي في الجامعة".
مديرة احدى المدارس المهنية التي تتضمن مركز تدريب في أكثر من 12 اختصاصاً رأت أن مشكلة الأهل والتلامذة تكمن في اعتبارهم التعليم المهني للفاشلين وأسهل من غيره. "لكن النظر بهذه السلبية الى التعليم المهني والتقني ليس مقبولا, لأنه يوازي بأهميته التعليم الأكاديمي وعلينا تغيير الذهنية واعطائه الأهمية التي يستحق. والبلد بحاجة الى شبّان وشابّات فنّيّين ومهنيّين, كذلك سوق العمل"، على حد تعبيرها.
وأكدت ان الأيام المقبلة وما تحمله من مشاريع وخطط تحتاح الى كادر بشري يساعد على التنفيذ. لكن هذا لا يمنع الحاجة دائما الى تطوير المنهج في لبنان, ورفع جودته ليتماشى مع التطورات، لأن المناهج التعليمية سواء كانت اكاديمية او مهنية يجب ان تتجدد باستمرار لتتلاءم مع المتغيرات الحاصلة في المعارف وسوق العمل. وأملت ان يتم التوجه نحو صياغة حديثة للمناهج تعتمد على توصيف المهنة وعلى إكساب الطالب المهارات اللازمة لتأديتها في جميع المعاهد والمدارس المهنية على حد سواء.
أما عن الاختلاف في المدارس على الرغم من اتباعها المنهج نفسه, فاعتبرت ان الموضوع لا يختلف عن المدارس الأكادمية التي تعتبر من مستويات مختلفة وبعضها متطور أكثر وخصوصا الفارق بين الرسمية والخاصة. وشددت على ضرورة توعية التلامذة والأهالي على ماهية التعليم المهني والتقني بكافة اختصاصه, حتى لا يظن أحد ان المهنية للفاشلين او الراسبين في المدارس الأكاديمية، لأن التلميذ الذي يتسجل في المهنية يدخل بذهنية أنه آت الى مدرسة ذات مواد سهلة ولديه ساحة للمرح بدل الدراسة الجدية باختصاص يميل له.
وتوجهت برسالة الى جميع الطلاب الراغبين بالانتقال الى المعاهد أو المدارس المهنية "لا تنتظروا مواد أكثر سهولة, بل فقط تتلاءم مع اختصاصكم الذي اخترتوه. واذا فشلتم بالدراسة الأكاديمية لا داعي لتتخلوا عن طموحكم أو الاستسلام, ولكن لا يمكن ايضا اعتبار المهنية هروبا من الفشل, بل فرصة جديدة للابداع في مجال معين".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News