"ليبانون ديبايت" - المحرّر السياسي
يقول وئام وهاب أنه "يحب الجيش"... لكنه عملياً يسئ اليه الى درجة التشهير به قبل التدقيق!
الرجل ظاهرة فعلاً، لا شك بذلك. يجذب جماهير مستمِعة منافساً نجوم الشاشة من أهل السياسة. صراحة فوق العادة وجرأة ولسان سليط وكاريزما ومعلومة مرّة "ملغومة" ومرات صائبة.
كثر يعترفون اليوم بأن من يحقّ له التوزير في الحكومة المقبلة، استنادا الى لغة الارقام، هو وئام وهاب وليس طلال إرسلان. كاد الرجل "يطيّر" النائب مروان حماده من مقعده النيابي في "قلعة" وليد جنبلاط. وهو بنفسه كشف أحد أوراقه التي خبّأها منذ انطلاق مفاوضات تأليف الحكومة: أرى نفسي وزيراً من حصة ميشال عون وليس جبران باسيل!
مشكلة وئام وهاب أن "صوفته حمراء". في كل مرة "يفجّرها" في الإعلام يُسأل السؤال التقليدي: ما الذي طلبه وئام ولم ينفذ! ربما الرجل برئ من هذه التهمة، لكنه أمر واقع، أو هكذا يبدو.
مشكلة إضافية. لا ينبش وهاب ملفاً ويكمّل به الى نهاية موعودة باستثناء بعض الملفات كمناقصة الميكانيك. التوقيت والخلفية عاملان أساسيان في أجندة ابن الشوف. يستحيل أن تراه يفتح معركة كسر عظم بوجه من يرضى عنه في السياسة.
أغلب "ضحاياه" همّ ممّن إما لم يجاروه في طلب أو افترق بمرحلة معهم في السياسة. نادراً ما يفقد أعصابه في مواجهة حلفائه تماماً كما حين صوّب مباشرة على "الحاج ساجد" بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية.
في أغلب الأحيان حين يطلّ رجل "الأكشن" ليهجم يبدو كمنّ يسمّع درساً. أصلا يحمل أحياناً كثيرة قصاصة ورق تساعده في "تسلسل" مراحل هجومه. ينسى اسما لم يدوّنه على الورقة، أو يلفظ كلمة بطريقة خاطئة، يضيع "شنكاش" أفكاره أحياناً كثيرة، لكنه يصرّ على تحديد "الهدف": الإضاءة على صفقة أو كشف فاسد أو فضح مسؤول مقصّر أو خلل ما.
كان لافتاً جداً تقصّد وهاب "الإعلان" المسبق على صفحته على "تويتر" قبل أيام عن نيته الحديث "غداً صباحاً على قناة الجديد عن صفقة السيارات للجيش وصفقة "تيترا" لأن الجيش خط أحمر بالنسبة لنا ولأننا نحبه نرفض أية شبهة". مع أن الحلقة كانت ستتناول أكثر من محور لكن وهاب فضّل التصويب على موضوع محدّد. الجيش!
قبل أن يطلّ على الشاشة لم يقصد وهاب وزارة الدفاع ليسمع التوضيحات عن "مضبطة الاتهام" التي وضعت بين يديه. فضّل التشهير قبل التدقيق. بالمبدأ كل ما يمتّ بصلة الى السياسة أو الأمن هو تحت الأضواء، وبالتالي عرضة للمحاسبة. لا أحد منزّه وليس هناك من "قدّيسين" في الشأن العام والامني. ولكن حين تكون "رقبة" دولة واستقرارها وأمنها ومناعتها بين يديّ مؤسسة عسكرية كالجيش، وحين يكون قائد هذه المؤسسة وضباطها في مرحلة انتقالية بين عهد وآخر، بين ذهنية عمل وأخرى، يصبح الاحتياط "واجب وطني"، ما يستدعي منح الوقت اللازم للقيادة الجديدة أن ترسم مسارها في الاداء والممارسة، وبعدها "تجوز شرعاً" المحاسبة أو المساءلة.
تحدّث وهاب عن صفقة شراء سيارات بقيمة 30 مليون دولار مع العلم أنه في معظم جيوش العالم، بما في ذلك سوريا، يتغيّر "فوج" السيارات الموضوع بتصرّف الضباط كل نحو خمس سنوات. باختصار، لا يزال الجيش اللبناني يستخدم حالياً "أسطول" السيارات غير المجدّد منذ سنوات طويلة تتجاوز الـ 15 عاماً. فاتورة تصليح هذه السيارات المتهالكة صارت أكثر كلفة من فاتورة اقتناء سيارات جديدة.
باختصار أكثر، اقتناء سيارات جديدة "من الشركة"، بناء على مناقصة حصلت فعلاً وحصدت السعر الأدنى استناداً الى مواصفات محدّدة لنوعية السيارات المطلوبة ودفتر الشروط، هو أقلّ عبئاً وأكثر توفيراً على المؤسسة. مع العلم، وفق المعلومات، أن قائد الجيش العماد جوزف عون عمد وبعيد تعيينه الى إعادة توزيع سيارات المواكبة على الضباط بشكل عادل بعدما كانت سياسة الاحتكار هي الطاغية!
يَسأل وهاب سؤالاً مهضوماً "ولماذا لا يذهب الضابط الى مهمته أو مكان عمله بسيارته الخاصة؟!". كان ينقص فقط أن يسأل "ولماذا لا يستخدم سيارة أجرة لتشجيع النقل العام. يجدر فقط تذكير وهاب أن من كان "يتوسّط" لهم لكي يدخلوا كتلاميذ ضباط الى الكلية الحربية يستفيدون مع تقدّم رتبهم من امتيازات السائق والسيارة التي توفّر للضباط في الجيش، من ضمن سلّة امتيازات أخرى، لكن معظمها ليس حكماً بطول موكبه وعدد مرافقيه!
واحدة أخرى خلط فيها "شعبان برمضان". تحدّث وهاب عن صفقة "تيترا"، وهو جهاز اتصالات مقفل خاص بالجيش، "إنجابت الصفقة وطلعت ما بتسوى". 42 مليون دولار وما حدن تحاسب"!
الأرجح، يقصد وهاب أجهزة Daltron (شبكة اتصالات تكتية) التي استحصل عليها الجيش في مرحلة العماد جان قهوجي وتبيّن أن فيها عيباً وخللاً، وتكفّلت يومها الشركة المصنعة بإصلاحها ضمن "خطة مساعفة".
أما أجهزة Tetra (نظام اتصال لاسلكي جذعي) فهي في الخدمة ولا عيوب فيها إطلاقاً. الأمر الوحيد الذي طرأ على هذا الملف هو الاستغناء عن خدمات الوسيط أو السمسار (لبناني اميركي) الذي كان يستفيد في السابق من الـ "كومسيون" commission الذي "يحاربه" وهاب، فبات التعاطي مباشراً بين قيادة الجيش والشركة الأم من دون وسيط. ثمّة متضّرر، على الارجح، من "بطالة" السمسار فذهب الى وهاب شاكياً باكياً عارضاً أمامه النصف الذي يلائمه من "خبرية" تيترا التي أسهمت في إقفال باب هدر ضمن المؤسسة العسكرية.
أما حين يتحدّث وهاب عن ملاك العمداء في الجيش فيجدر به محاسبة العهود السابقة التي قصّرت في وضع مشروع إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية منعاً لإحداث هذه التخمة في عدد العمداء من دون وظائف!
وبالطبع، فَهَِم وهاب خطاً "خبرية" ربطة الخبز في الجيش. خلافاً لما قاله، لا تشتري قيادة الجيش ربطة الخبز بـ 1400 ليرة (سعرها في الافران 1500). في بيروت وجبل لبنان يشتري الجيش ربطة الخبز بـ 871 ليرة وذلك بسبب وجود منافسة كبيرة، أما في البقاع والجنوب فربطة الخبز تصل الى 1390 وذلك لعدم توافر عنصر المنافسة بشكل كبير.
وزير الدفاع يعقوب الصراف يشكو من ارتفاع سعر ربطة الخبز أيضاً. يجدر فقط مناقشة المسألة داخل أروقة المؤسسة وليس على الشاشات وتصويرها وكأنها شبيهة بـ "صفقة البواخر"!
يقول الوزير السابق أنه يحب الجيش ويعتبره "خطاً أحمر". لكنه يتجاوز فعلاً الخط الأحمر.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News