المحلية

الاثنين 15 تشرين الأول 2018 - 01:17 LD

قراءَة هادئَة في ضجيج 13 تشرين...

قراءَة هادئَة في ضجيج 13 تشرين...

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

كنّا على شاشات التلفزَة في ذلك النّهار. سقط القصرُ. بَكينا بكاءً جَماعيّاً. لَم يحدث منذُ اعتِقال رجالات الإستقلال منذ خمسٍ وسبعينَ سنةً مِن عمرِ الدولَة أن استباحَ جيشٌ غَريب صَرحاً بحجم القصر الجمهوري. كانَت فرنسا جاهِزَة لإنقاذ ماء الوجه. ماءُ وجوهِنا جَميعاً. كَم مِن جَثامين لشهداء الجيش ما زاَلت مَطمورَة في محيط القصر؟ لستُ أدري. كلّ يوم تمرّ سيّارات زوّار القصر فوقَ جَثامينِهم. سيّارات مفيَّمَة ومكيّفَة. شُهَداءٌ مِن دونِ أضرِحَة. أُمّهات مِن دون أبناء.

كلّ الأحزاب التي تشيطَنَت في الحَرب تتذكّر ملائِكَتَها. القوّات اللبنانيَّة تُحيي القَداديس. حزبُ الله يفتتحُ بِالشهداء صلاةَ الفجرِ والظهيرَة والمَساء. حتّى الأمّهات اللواتي لَم يتحزّبنَ يُضئنَ الشّموع. مَن يضيئُ شمعة لِشُهَداء 13 تشرين؟

أصغَينا بإمعان إلى إحتِفاليَّةِ المناسبَة. منصَة لِتَعزيز الذاتِ السياسيَة. لا بأس. ولكن منصَّة بلا شَمعَة. ذِكرَى بلا عبرَة. موقِف بِلا دَمعَة.

استِحضارٌ للشّهداء كَجِزء مِن عناصِر المَواكَبَة السياسيّة. الشهداء يفاوِضون أيضاً لتشكيل حكومَة لبنان. لَم يُسأَلوا. هناكَ من يمثِّلُهُم. ألا يَكفي؟ المَوت سلعَة لبازار حكومي. بزّات الجيش لِصناعَة رَبطات العُنُق. منتَهَى النسيان...

حزبُ الله يبحَثُ عَن حذاء شَهيد. أمينُهُ العام يقبِّلُ أحذِيَةَ الشّهَداء. منتَهَى الوَفاء. وَجنات أمّهات شهداءِ الجيش تبحثُ عَن قبلَة. مِن يقبِّلُ الأمهات الأرامِل والثَكالى؟

قبلَ مَعبَر "نَصيب" وقبلَ تَحّدي ناتنياهو وقبلَ عَودَة النازِحين إلى مناطِق آمِنَة. المَطلوب مَعبَر إلى المَدافِن الجَماعيَة. لا يكسبُ احترامَ أحدٍ مَن لا يكسبُ احترامَ شهدائِه. صناعَةُ الكَرامَة لا تمرُّ بتجارَة المَوت. إمّا هذه أو تِلك.

لجنَة لمتابعَة المَفقودين والمغَيّبين والمَدفونين والمَخطوفين والمعتَقَلين. مِن هنا البدايَة لا مِن المَذاييع.

ثَماني عشرَةَ سنة مرّت عَلى تشرين. تمَّ استِحضار الشّهداء بِنجاح. أدّوا واجِبَهم القومي بعدَ استِشهادِهِم. واكَبوا يومَها مِن عتمَةِ الأرض جهود فرنسوا ميتران. استقلّوا الفرقاطَة الفرنسيَّة وأبحَروا. أرادوا العودَةَ منذُ ثلاث عشرَة سَنَة. استحلَفوا جاك شيراك بشهداءِ الجمهوريَّة الخامسَة. كانت الرحلَة مكتظّة. لَم يُسمَح لَهم بالصعود عَلى مَتنِ العَودَة. بقيَ شُهداءُ الجيش في المَنفى.

وحدُهُ رئيس الجمهوريَّة يعرِفُ عَدَدهُم. في نزهتِهِ في باحَةِ القصر يصلّي لَهُم بِصَمت. يعرِفُهُم الرئيس ويَعرِفونَه. لا صَلاة إلا في قلبِ القائِد. كلّ مَن هُم دونَه يتلونَ صلاةَ استسقاء. أمطارٌ مِن الكَراسي ستهطلُ عليهِم. الرئيس متمرِّدٌ على صلاة السلطَة. كلُّ ما دونَهُ إفخارستيا لقداديس السلطة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة