أشار محافظ بيروت القاضي زياد شبيب الى انه "لا بد أن نتوقف عند التبدلات التي حصلت في مرحلة الحرب وما بعدها، وأدت إلى نزوح من المناطق إلى محيط العاصمة، وخاصة في الضواحي الشمالية الشرقية والجنوبية لبيروت، ومن ثم تركيز البحث على بيروت كمدينة، وصولا إلى وسط بيروت، الذي يرمز إلى كل ما حصل في لبنان منذ تأسيس هذه الدولة أي منذ حوالى 100 عام، وتحديدا منذ عام 1920 حتى اليوم، فهذا الوسط هو مختبر ونموذج عن المناعة وإعادة الإعمار والقابلية للحياة والاستمرار".
ولفت شبيب خلال مؤتمر عن "قدرة المدن على الصمود في مرحلة ما بعد الصراع" عقده مركز الأبحاث والدراسات والتوثيق التابع للمعهد العالي للأعمال ESA، بالتعاون مع معهد "التغيير البيئي" في جامعة أكسفورد، والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى، الى انه "تسبب عدم التخطيط بحالات نزوح كبيرة في مرحلة ما بعد الحرب. فصحيح أن عملية إعادة إعمار مهمة أنجزت في مجال البنية التحتية، لا سيما في مجال الطرق والجسور والأنفاق وإعادة إعمار الوسط التجاري الذي يعتبر تجربة ناجحة بالمعنى العمراني، لكن لم تتم إعادة النظر بتصنيف الأحياء والعقارات وأوجه استعمالها بشكل يتناسب مع ما حصل من تغيرات وتبدلات خلال الحرب وحاجات العاصمة ومحيطها".
وقال: "تبين لي من خلال مراجعتي لتاريخ بيروت الحديث أن الخطة الوحيدة الجدية الشاملة التي وضعت ونفذت فعليا في قلب العاصمة تعود إلى أكثر من مئة عام، وهي الخطة التي تم على أساسها تقسيم وسط بيروت وتنظيمه بالشكل القائم عليه اليوم، أي ساحة النجمة والشوارع المحيطة التي تشكل وسط العاصمة. وتعود هذه الخطة إلى أواخر القرن التاسع عشر وإلى عام 1894 تحديدا خلال فترة السلطنة العثمانية، وهي وضعت ولم تنفذ في حينه، بل بدأ تنفيذها في عام 1916، حين علقت المشانق في ساحة الشهداء في ظل الحكم العسكري العثماني بعد دخول السلطنة الحرب العالمية الاولى، وتم تنفيذ الخطة جزئيا بالقوة. ثم توقف تنفيذها خلال المراحل المتقدمة من الحرب العالمية الأولى، ولم تستكمل وتنجز إلا مع الحاكم العسكري الفرنسي في عام 1924، حيث تم تقسيم بيروت وتنظيمها بالشكل الذي نراه اليوم، وتمت إعادة إعمار الوسط التجاري على أساسها بعد الحرب الأهلية".
وأشار إلى أن "وسط بيروت أعيد إعماره بشكل ناجح وجميل، ولكن عند كل أزمة اقتصادية وأمنية يهتز ويفرغ من المواطنين"، وقال: "لم تتم إعادة صياغة نسيج اجتماعي واقتصادي متنوع وحقيقي قابل للاستمرار بغض النظر عن الظروف، في قلب بيروت التجاري والسكاني. وانطلاقا من ذلك، بدأنا العمل في اتجاهات ومحاور مختلفة منذ 4 سنوات حتى اليوم، وانطلقنا من الخط الممتد من وسط بيروت، مرورا بطريق الشام، وصولا إلى المتحف وميدان سباق الخيل وحرج بيروت، هذا الخط الذي كان يشكل مكان افتراق خلال الأزمة الوطنية، حولناه إلى مكان للالتقاء والتلاقي ليشكل محور التقاء أهل بيروت واللبنانيين".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News