ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
فجأة، انهارت الهُدنة على جبهة القضاء والأمن، وعادَ المتحاربون المتأهّبون خلف المتاريس إلى تبادل القصف، هذه المرّة أمتازت الرمايات بالعنف، حتى إنها لَمست دك المقامات، وهذا طبيعي ما دام َالسياسيّون الذين اتخذوا سابقاً قرار ضبط الموقف، تراجعَ كلٌ منهم إلى موقعهِ السابق، ليكرّ مجدداً.
المبادر إلى إسقاط الهُدنة كان هذه المرّة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي بيتر جرمانوس، وعلى ما يبدو، قرّرَ استئناف «معركة كشف الأذونات» المعطاة في مجال حفر الآبار الارتوازيّة والبناء المخالف وغيرها، بعدما لمسَ «تمرّداً» قاده مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، قضى بإصدار توجيهات بالامتناع عن الإفصاح عن تلك الأذونات.
ومع ارتفاع لغة المواجهة خلال الجولة الماضية وسط توفر احتمالات تؤسّس لانفلات الوضع من عقله، دخلت السياسة إلى الباحة الخارجيّة للمعركة بحكم تابعيّة الطرفان أو قربهما إلى جهتين سياسيتين «متحالفتين»، أملاً في ايجاد حل للمشكلة وتصريفها قانونيّاً بما يحفظ حق جرمانوس كنيابة عامة عسكريّة و صورة عثمان كمدير عام. وعلم «ليبانون ديبايت» من مصادر متابعة المسار الذي آلت إليه العلاقة بين الطرفين، أن الاتصالات السياسيّة توقّفت في ظل عدم الوصول إلى نقاط مشتركة تخرج الأزمة من بازار المواجهة.
لا بل انّ المواجهة انتقلت على ما يبدو إلى خندق السياسة هذه المرّة مع تعمّد مصادر في قوى الأمن الداخلي تسريب مضمون إدعاء جرمانوس إلى مجموعة صحافيين تولوا اقحام تيّار المستقبل والتيّار الوطني الحرّ واسقاط صفة السياسة على المشكلة، ما أعطاها بعداً آخر.
وفي معلومات «ليبانون ديبايت»، أن التسريب الآتي بشكلٍ فج، ازعجَ التيّار الوطني الحرّ الذي كان يعمل على خط إصلاح ذات البين بالتعاون مع تيّار المستقبل، ولم يكن يتوقّع اقحامه في المشكلة وتسريب خبر الإدعاء، ثم أنّ مصادر البرتقالي، باتت ترى أنّ من يقف خلف التسريب، يتعمّد بشكلٍ واضح توسيع المشكلة والتصرّف على نحوٍ شاذ من دون العودة إلى أحكام القوانين، ويتخذ من بعض الاعلام وسيلة للابتزاز.
ومع سقوط المساعي السياسيّة، عادَ الكباش ليشتعل أقوى ممّا كان، وهو ما اتاحَ لجرمانوس استئناف ملاحقته القضائيّة متوّجاً ذلك في الادعاء على عثمان بجرم امتنعَ المدير العام لقوى الأمن الداخلي، عن تلبية طلب قانوني صادر عن السلطة القضائيّة بوجوب تسليمه لائحة الأذونات. وبحسب ما علم «ليبانون ديبايت»، طلبَ جرمانوس من وزيرة الداخليّة ريّا الحسن إعطاء الإذن بملاحقة عثمان، وما أعدَ لافتاً، اشارة جرمانوس باحتمال توقيف عثمان.
وفي المعلومات، أنّ جرمانوس أعطى مهلة قانونيّة من أجل تنفيذ طلبه، لكن وعلى الرغم من ذلك، تعمّد اللواء عثمان مواجهة طلب النيابة العامة العسكريّة واختيار التمرّد عليها من خلال إصدار برقية طلب أن لا تتمّ إجابة طلبات جرمانوس قبل صدور أمر عن قيادة الأمن الداخلي، ومع انقضاء مهلة طلب التنفيذ ومجاهرة عثمان بإصدار برقية بعدم تنفيذ طلبات، باتَ لزاماً على جرمانوس التحرك.
وقد إستندَ جرمانوس في ادعائه على المواد 374 و 376 و 377 من قانون العقوبات معطوفين على البند الثاني من المادة 24 - قضاء عسكري معطوفة على المادة 29 من أصول المحاكمات الجزائية.
وعلى ذمّة مصادر قانونيّة، ما سيجري الآن ويجب التوقّف عنده، هو كيفيّة تطبيق الآليّة التي طلبها جرمانوس ممثلّاً النيابة العامة العسكريّة، ويفترض في الحالات المماثلة أنّ تلبي وزيرة الداخليّة طلب النيابة العامة العسكريّة ملاحقة الضابط موضع الإتهام، فهل ستُقدم الوزير الحسن المحسوبة على الجهة السياسيّة ذاتها المحسوب عليها عثمان والتي جاهرت قبل أسابيع قليلة عن قرارها بعدم السماح بالتعرض إلى شعبة المعلومات، على توقيع إذن ملاحقة عثمان والسماح في توقيفه؟
تبدو الامور معقّدة قليلاً، وفي ظل كل ذلك، يلوح الصدام في الافق، بل هو آتٍ لا محال في حال بقيت قيمة المواجهة ترتفع على درجات الغليان، وقد نشهد على صدامٍ متفجّر على مسرح القضاء والأمن و بقيمة مضافة في حال لم يجرِ العثور على حل.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News