في وقت كان البلد خلال الأسابيع الأخيرة منشغلاً بمناقشة مشروع الموازنة في مجلس الوزراء، وكانت أخبارها تستحوذ على عناوين الصفحات الأولى للصحف، وتحتل صدارة نشرات الأخبار في المحطات الإذاعية والتلفزيونية، كان العمل جارياً على قدم وساق لتنفيذ خطة الكهرباء الجديدة التي أقرها مجلس الوزراء في 8 نيسان الفائت، والتي تؤدي عملياً، في حال طبقت بطريقة صحيحة، إلى تحقيق الهدف المنشود من مشروع الموازنة، وهو المساهمة بفاعلية في خفض العجز.
فهذه الخطة التي تتمحور حول تحسين إنتاج الطاقة الكهربائية وزيادته وتنويع مصادره، تركّز كذلك، من خلال اعتماد نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، على الإفادة القصوى من قدرات القطاع الخاص لزيادة كفاءة قطاع الكهرباء وفاعليته، وخفض العبء التشغيلي والمالي الذي يشكله على الدولة.
ويشكّل تفعيل الجباية وخفض الهدر الفني وغير الفنيّ وتركيب العدادات الذكية، جانباً من الأهداف الاستراتيجية الرئيسية للخطة، إذ تصبّ في خانة زيادة الإيرادات والحدّ من النفقات.
وقد بدأت الخطة تؤتي ثمارها عملياً في هذه المجالات، إذ تمكنت الشركة الوطنية للخدمات الكهربائية NEUC، وهي إحدى شركات تقديم خدمات التوزيع المتعاقدة مع مؤسسة كهرباء لبنان، من تحقيق خطوات مهمة في هذا الاتجاه.
وشرحت المديرة العامة للشركة السيدة كارلا عون، أن NEUC التابعة لـ"مجموعة دبّاس"، هي الأولى بين مقدّمي خدمات التوزيع التي تمت المصادقة على عدّاداتها الذكية بعد إجراء التجارب التقنية عليها.
وأعلنت أن الشركة تولّت خلال الشهرين المنصرمين تركيب هذه العدّادات للمشتركين أصحاب المحطات الخاصة على التوتر المتوسط، كالمصانع والمراكز التجارية والمستشفيات ومحطات ضخ المياه وسواها، في ثلاث من خمس مناطق تقع ضمن نطاق عمل الشركة. أما المنطقتان الجغرافيتان المتبقيتان فسيتم تركيب العدّادات الذكية لمحطات التوتر المتوسط فيهما بنهاية الشهر الجاري.
وأوضحت السيدة عون أن تركيب العدّادات الذكيّة سيشمل كذلك المشتركين على التوتر المنخفض، أي الأفراد، إذ ستعمل الشركة على تركيب نحو ثلاثة آلاف عدّاد في شهر تموّز، من ضمن التجارب الميدانية الإضافية، مما يرفع مجموع العدادات التي يتوقع أن تكون الشركة ركبتها خلال صيف 2019 إلى نحو 30 ألفاً.
وسيبدأ التنفيذ الكامل لخطة تركيب العدّادات الذكية في الفصل الأخير من السنة الجارية، على أن ينجز المشروع بأكمله في سنة 2021، ومن المقرر أن تركّب NEUC بموجبه أكثر من 200 ألف عدّاد في منطقة جبل لبنان الجنوبي ودائرة الشياح.
وأوضحت عون أن للعدادات الذكية الكثير من المميزات والفوائد المباشرة للمستهلكين وللبلد ككلّ، وأبرزها تمكين المشتركين من التحكم باستهلاكهم بشكل أفضل، ومن توفير التكاليف، وإتاحة إمكان القراءة الدقيقة مِن بُعد، والمساعدة في كشف التلاعب والعبث بالعدّادات أو محاولة سرقة الكهرباء في الوقت الفعلي، وتأهيل غرف العدادات بلوحات جديدة وآمنة.
كذلك يؤدّي تركيب العدّادات الذكيّة تلقائياً إلى تحسين الشبكة، مما يعود بالفائدة على المشتركين. ويساهم تركيب العدّادات الذكيّة في تحسين إيرادات الدولة من الكهرباء، من خلال الحدّ بشكل كبير من حالات سرقة الكهرباء والعبث بالعدّادات.
وليس أدلّ على ذلك من أن إيرادات مؤسسة كهرباء لبنان من أعمال الجباية التي يتولاها مقدّمو خدمات التوزيع، ارتفعت لتبلغ مستوىً قياسياً هو 60 مليون دولار في الشهر، إذ أن الجباية بلغت نسبة 92 في المئة في كل أنحاء لبنان منذ انطلاق مشروع مقدّمي خدمات التوزيع، بحسب الإحصاءات، إضافة إلى زيادة ملحوظة في عدد المشتركين.
وقد تكثّف عدد حملات نزع التعديات عن الشبكة الكهربائية منذ إطلاق خطة الكهرباء الجديدة، وفي الأشهر الستة الأخيرة وحدها، تمّ نزع 9563 تعدياً على الشبكة وتنظيم 1621 محضر ضبط ضمن نطاق عمل الشركة الوطنية للخدمات الكهربائية، أي في منطقة جبل لبنان الجنوبي ودائرة الشياح، وتعاونت الشركة في ذلك مع مؤسسة كهرباء لبنان وأحياناً مع القوى الأمنية.
ورأى عدد من الخبراء، أن النتائج التي حققها حتى الآن مشروع مقدّمي خدمات التوزيع أثبت نجاح نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث تبيّن بوضوح أن هذه الشراكة تشكّل خياراً مشجعاً يمكن أن تعتمده الدولة في سعيها إلى تنفيذ إصلاحات هيكلية تحدّ من تضخّم قطاعها العام وتفعّل أداءه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News