ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
من ينظرُ إلى مواقع التواصل الإجتماعي، بخاصّة «تويتر»، تتكوّن لديه مشاهر أن مسألة إلتحام التيّار الوطني الحرّ وحركة أمل جسديّاً فيها وجهة نظر! بل يتسنّى له رسم صورة سوداويّة عن طبيعة العلاقة التي تفصلهما، ويمكنُ ملاحظة مدى عمق الفجوة بين مناصري الطرفين، اللّذان ما برحا خانة الخلاف مناوبين على خوضِ معارك «داحس وغبراء» إلكترونيّة، وفي بعض المرّات تُخاض على أسبابٍ تافهة يقفُ خلفها «مراهقين مع هواتف».
لكن العلاقة «من فوق» تختلف جذرياً عن العلاقة «من تحت». يُصبح من هو تحت وقوداً لحروب «غب الطلب»، أو في أقرب الأحوال إلى «خروفِ عيد»، بحيث أن كليهما، «التيّار» و «الحركة»، دخلا في منخفض جوي مستقر نسبيّاً يُلفح بكتل هوائيّة تُبرّد العلاقة ما يُوصل إلى «تجانس وتناغم وتعاون» يطبع بعض الجوانب، كنموذج لجنة المال والموازنة مثلاً التي يواظب رئيس مجلس النّواب نبيه برّي على التنويه بها في كُلّ مناسبة، ثم إنسحاب هذا الجو على أمور أخرى تتربع في الحقل السّياسي.
ولعلَّ السّياق الذي جرى إتّباعه مؤخّراً، أوحى عن طبيعة هذا الهدوء الذي أزالَ الكثير من التراكمات التي طبعت العلاقة السّابقة، فلا يُمكن إغفال عمليّة تبادل «الأسرى» التي جرت بين محطتي otv و nbn، حيث أن الأولى استقبلت وزير المال ومعاون برّي السّياسي، علي حسن خليل لتتبعها الثّانية بعد أيّام بتخصيص «لقاء شيّق» مع وزير الخارجيّة رئيس التيّار الوطني الحرّ، جبران باسيل، الذي أعلن من على متن «الرحلة الخضراء»، أن العلاقة مع «حركة أمل من أحسن إلى أحسن».
الهدوء الذي تُنسج تفاصيله و تحاكُ خيوطه تحت طبقة من الضجيج، إنعكاسَ بشكلٍ إيجابي على جولة باسيل المقرّرة إلى قرى جنوبيّة تقع في قضائي النبطية و مرجعيون، وما يميّزها أنها تحضر بالتوازي مع مشهدين متناقضين سادا عقب زيارتي باسيل إلى الجبل وطرابلس.
في الجنوب، لا مكان للإطارات المُشتعلة وقطع الطرقات على وزير في الحُكومة، ولا مجال لحدوث عراضات مسلّحة وإطلاق نار أو مقاطعة، رغم بعض الخلافات السّياسية أو التّراكمات النّاتجة عن خلافات أو خطابات سابقة، كتلك التي شهدتها بلدة رميش قُبَيل الإنتخابات النيابيّة قبل عام تقريباً.
تبدو الجولة «الباسيليّة» الجنوبيّة أكثر شموليّة وهدوء وراحة، بشهادة جميع الأطراف الذين عبرّوا عن ترحيبهم بـ«صهر العهد». واللّافت أن التيّارات «الإسلاميّة» الشيعية تحديداً، كحزب الله وحركة أمل تسيدا الترحيب، في مقابل شبه صمت سيطرَ على أجواء الحليف المسيحي المفترض، حزب القوات اللّبنانية، الذي غابَ عن السَمع، يقابله حزبُ الكتائب.
في المعلومات، أن باسيل سيجولُ على قرى تقع في قضائي النبطيّة ومرجعيون، وستمتاز الجولة بسلسلة لقاءات شعبيّة ومشاركات إجتماعيّة كثيفة لا تقتصر على الحضور فقط. مصادر «برتقاليّة»، تقول لـ«ليبانون ديبايت»، إن الزيارة في الأساس، هي عبارة عن جولة تفقديّة يقوم بها باسيل على مناصري التيّار في الجنوب، مثلما فعل في جولاته الماضية، أي أنها شأن داخلي برتقالي وليست جولات ذات طابع سياسي.
وتشيرُ مصادر المعلومات، أن باسيل، سيجري لقاءات مع «شباب التيّار» في قرى مرجعيون، ثم يقوم بجولات في القرى المسيحية بالمنطقة، وعند حدود السّاعة العاشرة صباحاً يُشارك بالقدّاس الإسبوعي في كنيسة مار جرجس المارونيّة - القليعة.
لكن لهذا القداس رمزيّة خاصة، حيث أن مسؤولين محليين من حزب الله وآخرين من حركة أمل، وجهت إليهم دعوات للمشاركة، وقد ردّوا عليها بتأكيد الحضور، بشهادة مصادر من الطرفين إستطاع «ليبانون ديبايت» التواصل معها، ما يعني أن الزيارة ومن بوابة القليعة تحديداً، لُفّت بغطاء سياسي كامل من أحزاب المنطقة، خلافاً لما حصلَ خلال زيارات باسيل فى عدّة مناطق، وهو أمرٌ يُسجّل لصالح الجنوب وكافة تيّارات المنطقة.
لكن يبدو أن المقاطعة، إن وجدت، ستقتصر فقط على حزبي القوّات اللّبنانية والكتائب اللّبنانية، بحيثُ أن الأفق لا يظهر أي استعداد معلن من جانبهما للمشاركة، لا في القداس ولا في الاستقبالات الشّعبية التي حُضّرت لباسيل، وهو الأمر نفسه الذي سينسحب على المناطقِ الأخرى.
وما يُعد لافتاً، طبيعة الإستقبال الذي يُحضَر لباسيل في النبطيّة، بحيث تؤكّد المعلومات، أن زيارة وزير الخارجيّة إلى بلدة الكفور، ذات التنوّع الإسلامي (الشيعي) - المسيحي، ستمتاز بمشاركته في عشاء قروي، أي أن الوزير الضيف سيتبادل العادات والتقاليد مع أهالي البلدة والزوار ويشاركهم تناول الطعام. وتعوّل مصادر «التيّار» على هذا النشاط تحديداً، لكونه يقرّب المسافات بين المواطنين والوزير، ويجعلهم على تماس واحد.
وكما هي الحال في القليعة، سينسحب التعاون على بلدة الكفور التي ستشهد أيضاً على إستقبال «الثنائي الشيعي» لرئيس التيّار الوطني الحرّ ومشاركته في برنامج الزيارة، بخلاف الاجواء التي طبعت قبل اسابيع بلدة «حبوش» القريبة، والتي أقدم موتورون فيها على إزالة أعلام «التيّار» البرتقاليّة من أعلى أعمدة كهربائيّة مقابلة لمكتبه.
في الخلاصة، يريدُ المهتمون في الزيارة، إظهارها كحالة مميّزة يجب تعميمها على كافة المناطق التي يفترض أن يزورها باسيل لاحقاً، فالخلاف السّياسي لا يجب أن يتحوّل في أي شكلٍ من الأشكال، إلى منصة لردّات فعل شعبيّة تُنذر بعواقب وخيمة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News