"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
نالت حكومة الرئيس حسّان دياب ثقة المجلس النيابي بغض النظر عن العمليّة الحسابيّة التي اعتمدها الرئيس نبيه بري لانعقادِ نصاب الجلسة قبل الوصول الى النتيجةِ النهائيّةِ و"فوز" دياب بـ 63 صوتًا.
بعيدًا من البيان الوزاري والنوايا المعقودة على العمل وسرعة التنفيذِ وبعيدًا من وعودِ المئةِ يومٍ والإسراع في الاصلاحاتِ، ثمّة أمرٌ مُهمٌّ يجب الركون اليه في بدايةِ انطلاقِ مسيرةِ الرئيسِ دياب الحكوميّة وهي ضرورة ابتعادهِ وإبعادهِ عن المقارنةِ بينه وبين الرئيس سعد الحريري وإلّا سيغرق الأوّل في بحرِ الثاني السياسيّ والشعبيّ مع كلِّ ما راكمه منذ العام 2005 حتّى اليوم لأسبابٍ كثيرةٍ.
لعلّ أبرز هذه الأسباب: الثقة المحلية كما الخارجية التي يتمتَّع بها الحريري والتي وضعته على رأسِ العديدِ من الحكوماتِ المتعاقبة، بالإضافةِ إلى الشعبيّة الكبيرة التي يتمتَّع بها داخل طائفتهِ والأهمّ أنّه رئيس أكبر كتلةٍ نيابيّةٍ سُنيّةٍ في المجلسِ النيابي ورئيس تيّارٍ سياسيٍّ له انتشاره الواسع في لبنان.
هذا كلّه، سيمنح الحريري هامشًا واسعًا من الحريّةِ ومن ممارسةِ اللعبةِ السياسيّةِ الأصحّ من وجهةِ نظرهِ وتيّاره وجمهوره، ذلك على عكسِ الرئيس دياب الذي سيكون مُلزَمًا بتطبيقِ سياسةِ حلفائهِ وإلّا لن يجد من يأخذ بيدهِ في الأزماتِ داخل طائفتهِ وتحديدًا الذين يرون أنّه وصلَ الى رئاسةِ الحكومة على بساطِ ريح حزب الله.
في مقارنةٍ أخرى بين دياب والحريري، لن ينسى الأوّل الطريقة التي أوصلته الى رئاسةِ الحكومة في جلسةٍ هي حتى السّاعةِ مشكوكٌ بشرعيَّتها على عكسِ الحريري الذي حازت حكومته على نسبةِ أصواتٍ من المجحفِ مقارنتها مع الأصواتِ التي نالها دياب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحضور النيابي في كلا الجلستَيْن، والأبرز من هذا وذاك، رضوخ الحريري لمطالبِ الناسِ ورفضه مواجهةِ الشارعِ، مفضِّلًا الاستقالة عليها.
هنا، يؤكد مصدرٌ وزاريٌّ، أنّ أكبرَ غلطةٍ ارتكبها رئيس الجمهورية ميشال عون، أنّه استسهلَ الاستغناء عن شريكٍ سُنّي لا بديل عنه في الوقتِ الراهنِ، وستكشف الفترة المقبلة هذه الغلطة.
أيضًا وأيضًا، يُسجَّل للحريري أنّه وضعَ نفسه بالإضافةِ إلى الظروفِ التي لعبت دورها في حينهِ، في مكانةٍ سياسيّةٍ مُتقدِّمة مَكَّنته من أن يكونَ الطرف الأساسي في عمليّةِ التسوية التي أبرَمَها مع الرئيسِ ميشال عون والتي أفضَت إلى ما أفضَت اليه بغض النظر عن الطريقةِ التي سارَت بها الأمور لاحقًا، لكن لا بدّ وأن يُسجَّلَ للحريري هنا، بأنّه دخلَ الى السرايا الحكوميّة من "بيت الوسط" وليس من باب القصر الجمهوري كما حصلَ مع الرئيسِ دياب.
من الآن وصاعدًا، سيحاول دياب أن يُنجِزَ ما لم يُنجِزه الحريري وسيسعى إلى تحقيقِ ما عجزت عنه حكومة "الشيخ سعد"، فالرجل سيعتبر نفسه في سباقٍ مع الحريريّة السياسيّة لا مع الوقتِ الذي سيُداهمه بفترةِ المئةِ يومٍ والتي لن تكون كافية له ولا لحلفاءٍ مصنَّفون دوليًا إمّا في خانةِ الإرهابِ أو الفسادِ. والبعض يسأل ربما، كيف سيواجه دياب المعارضة وتحديدًا معارضة أهل البيت السُنّي، والعراقيل التي سيضَعها "الحلفاء" في وجههِ تمامًا كما يحصل في الحكومات كلّها.
المؤكَّد، أنّ دياب وفي حالِ ظهرَ الخلاف على سطحِ العلاقاتِ مع حلفائهِ في الحكومة، سيستند بداية إلى دار الفتوى التي سبَقَ وأنذَرَت المرشح السّابق لرئاسةِ الحكومة سمير الخطيب أن لا بديل عن الحريري سُنّيًا.
كما سيفتعل دياب السجال مع رئاسةِ الجمهورية على خلفيّةِ الصراعِ على المحسوبيّاتِ، وكذلك، سيركن في سجالهِ هذا الى المكان الديني السُنّي الأبرز وإلى الشارعِ.
وفي الحالتَيْن، قد يجد دياب نفسه أمام أمرٍ واحدٍ، الاستقالة الفعليّة أو التلويح بها في حالِ شعرَ أنّ ما يحصل معه، هو تمامًا ما حدثَ مع ذاك اليهودي الذي أسلَمَ صباحًا وماتَ في المساءِ، فلا اليهودية تقبَّلته، ولا الاسلام اعترفَ به.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News