المحلية

الثلاثاء 17 آذار 2020 - 09:00

"كورونا" يهزم 8 و14... ويوحّد مواقف المعسكَرَيْن

"كورونا" يهزم 8 و14... ويوحّد مواقف المعسكَرَيْن

"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

8 و14 آذار، مناسبتان أسّستا لخلافٍ لبنانيٍّ داخليٍّ مُستحكَم سيطرت تردداته لسنواتٍ طويلةٍ فارضة ايقاعها التقسيمي على المستويَيْن الحزبي والطائفي.

اليوم وخلال اسبوعٍ واحدٍ، مرّت ذكرى المناسبَتَيْن من دون أي ضجيجٍ اعلاميٍّ يُذكر ولا حتّى توقعات استباقية تتعلق بالنوايا المستقبلية لكل فريق منهما ومصيرهما السياسي خصوصًا بعدما حفلت الفترة الأخيرة بتسريباتٍ من هنا وهناك، تتعلق بالعودة إلى الاصطفافات والتخندق خلف متاريسٍ جديدةٍ وإن حول قواعدٍ مُستحدثة.

٦ أيام فصلت بين المناسبتَيْن، لكنها فترة زمنية قاسية حيث فرض فايروس "كورونا" نفسه كلاعبٍ أوحد على الساحة اللبنانية بكل تنوعها السياسي والاجتماعي والمذهبي والصحّي لدرجةٍ أنّه أدخل الخوف والرعب إلى قلوب المعنيين الحقيقيين بإحياء هاتين المناسبَتَيْن، ما قلبَ المشهد اللبناني برمّته من خطاباتٍ استفزازيةٍ ولهجاتٍ تصعيديةٍ، إلى وحدةٍ في الموقفِ وسط كلمةٍ موحّدةٍ جمعت تحت سقفها أصحاب المواقفِ المتباعدة على قاعدة أن المعركة اليوم في كيفيّة مواجهة الوباء القاتل، فخفتت الأصوات تبعًا لمقولةِ "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة".

هزم "كورونا" الانقسام السياسي كما المذهبي في البلاد وحلّت مكانه وحدة الإلتفاتِ إلى الصحّة العامة. اتهامات ورسائل ظهرت بين السياسيين في بداية معركة مواجهة الوباء سواء من باب تحميل المسؤولية أو نفض اليد منه، لكن بقيّة الأيام وتحديدًا تلك الممتدة بين تاريخي 8 و14 الحالي، كانت كفيلة للقيام بعملية استدارة وتوجيه البوصلة نحو المعركة الحقيقية، وبالإثبات الفعلي والدليل القاطع تمكنت السياسة في لبنان من طيّ صفحة الماضي والتركيز على مكافحة الوباء.

وحدة الموقف في عملية مواجهة كورونا، ظهرت في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عندما اعتبر أن "الظرف ليس للمزايدة والسجال السياسي، إنما للتعاون بين الجميع"، وكذلك بالنسبة إلى رئيس حزب القوّات اللبنانية المُتهم الأبرز من الفريق الآخر بأنه الوحيد الذي يسعى إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء من خلال محاولة إحيائه تركيبة "14 آذار"، لكنه أظهر أهميّة لافتة لصحّة اللبنانيين بقوله أن "هذه الأيام لا تحتمل اللغات السياسية والدبلوماسية والمحاباة باعتبار أن هناك لبنانيين من المفترض أن يبقوا على قيد الحياة إلا أنه إذا لم تتخذ التدابير اللازمة فسيلقون حتفهم لا سمح الله وهذا الأمر هو جريمةٌ يحاكم عليها القانون".

وعلى مسار وحدة الموقف نفسه تجاه الوباء الذي بدأ ينتشر بشكلٍ مُخيفٍ من دون أن يستقرَّ عند مذهبٍ محدَّد أو يستوطن منطقة دون أخرى، أكد الرئيس سعد الحريري أن "الوضع لا يحتمل أي مزايدات والتعامل مع كورونا يتطلب أقصى الجدية"، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط اذ رأى أن "المطلوب هو تجهيز المستشفيات الحكومية والخاصة ووقف كل الرحلات الجوية وضبط الحدود، وذلك لمواجهة فيروس كورونا المستجد".

من هنا نرى أن المواجهة جماعية ولا تتوقف عند فريقٍ سياسيٍّ من دون آخر. الجميع ربما أيقن أن الوقت ليس لتصفيةِ الحسابات السياسية ولا لنبش الماضي والعودة إلى زمن الكباش واحتلال الساحات.

وباءٌ تمكّن من فعل ما عجز عنه أهل السياسة في دعواتهم "الفلكلورية" إلى الوحدة ونبذ الخلافات، فتمكّن من تعطيل أهم مناسبَتَيْن كرستا الخلافات المذهبية والسياسية منذ العام 2005، بغض النظر عن طبيعة المرحلة التي مرّ بها لبنان منذ ذاك التاريخ حتّى اليوم، وبغض النظر عن الأسباب أو المسبّبات التي أدت إلى ولادة هذين المعسكَرَيْن.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة