ليبانون ديبايت - ميشال نصر
ما كان يَنْقُص العهد وسيِّدَهُ سِوى خُروج "إبنه الروحي"، الذي مهد لذلك بإطلالته المُدويّة، مُتحديًا "حصر ارث" العهد" الذي جعل من رئاسة الجمهورية مُسجّلة لنائب البترون، فهو لم يخرج "عن طوعه"منذ كان مُلازمًا في فوج المغاوير، والحياة السياسية اللبنانية ما إعتادت عِبر كل مَراحلها خلافًا بهذا الوضوح بين العمّ والصهر.
صحيحٌ ان الجمهور العوني "ضائع" غير مُدرك لحقائق ما يجري خلف جدران العائلة العونية، إلّا أنّ المُتابعين لروكز يجزمون بأنّ الرجل تغيَّر منذ دخوله "حلبة" البرلمان، فكلامه اللافت والخطير، طبعته تعابير خارجة عن المألوف العسكري واللغة التي إعتاد على إستخدامها، بعدما إستجمع كل معلوماته التي كسبها خلال دراسته الجامعية مُضيفًا إليها خبرته العسكرية ليخرج مُرشحًا جديدًا مضمرا لرئاسة الجمهورية مسقطًا "أحصنة سباقها" بالضربة القاضية.
فكيف حَسَبَها شامل؟ وهل ساعده التيار الوطني الحر في تحقيق هدفه؟
كان واضحٌ منذ اليوم الأول إرادة التمايز لـ "المتقاعد بدرجة مواطن" عن التيار الوطني الحر، دون ان يخرج من تحت عباءة "بيّ الكل"، خصوصًا بعد ان احتلَّ مرتبة "صهر"، وان بسنوات مُتأخرة، خيارٌ ازعج البرتقاليين الذين رأوا فيه "مشروع قسمة"، وخطرًا على "جبران" نظرًا لقرب العميد من العسكريين و"مَونَته" عليهم، وهم الذين يُشكلون جزءًا كبيرًا من القاعدة العونية، مخاوفهم كانت في مكانها، فرغم ترشيح الرئيس عون لشامل في كسروان، إلَّا ان الأخير بقي يَحمل غصّة عدم ترشحه في قضائه، وخاصةً بعد ان تحكم "المهندس" بقدر الحصول على نتيجة "هزيلة" في صناديق الإقتراع ممّا شكل بذلك ضربة لهيبة العسكري وصورته.
استمرَّ العونيون بضغطهم وحملاتهم على وسائل التواصل، الى ان حصل "الانفجار"، وخرج "العميد" من "تكتل لبنان القوي"، خياراته تعارضت مع تلك العائدة لـ "سيد العهد"، من تأييده الثورة، وصولًا الى "مقاطعة" الاحتفال العائلي في القصر الجمهوري بمناسبة الأعياد، هو الذي لم يَزُر بعبدا منذ أشهر، لاحتجاجه على انحياز العم لـ "الصهر الأصغر".
وبعد نجاح عملية "الإحراج والإخراج" التي توكل بها البرتقاليون، اضطر نائب كسروان لمراجعة حساباته بدقة، ليجد نفسه أمام طريق الذهاب دون إياب، فهو لا يتصوَّر نفسه في صفوف الاأحزاب او مُتحالفًا معها، من "حزب الله" الى "القوات" و"الكتائب"....، كما ان أبواب "الجنرال" موصدة بوجهه، فكان خياره الأنسب الثورة التي بَنى معها جسور جعلته يحظى بإحترام مختلف مكوناتها، وقائدًا يتقدَّم صفوفها في معارك التشريع والدفاع عن الحريات، بابٌ سيفتح له المستقبل على مصراعيه يوم تُحقق الثورة مُبتغاها ليتحول إلى مفاوض للرئيس عون وجزءًا اساسيًا في اي حل، وقد يكون في ذلك خدمة مُضمرة للعهد والرئيس، كل تلك المسيرة ما كانت لتنجح لولا "هجوم التياريين" المُركز ضده، والمُستمر حتى الساعة، مما يدعم مشروعه إلى جانب الثورة، فما من خدمة أفضل وان كانت "دون ان يدروا ما يفعلون".
فالعونيون الذين طالما فاخروا "بشامل يلي مسكر خطو"، وبعدما "طفح كيلهم" منه ومن مواقفه التي تدرجت من وقوفه الى جانب الثوار، وصولًا إلى "غمزه" بالأمس من قناة رئيس الجمهورية، "قطعوا هالمرة الحرارة نهائيًا"، بعدما حرق المغوار مراكب العودة، وزاد طين نقمة "الباسيليين" بلَّة اجتماع المغوارين شامل روكز وجورج نادر واتفاقهما على الوقوف معًا الى جانب الثورة، مع نجاح اختبار معركة موازنة 2019 وقبلها سلسلة الرتب والرواتب، التي اعادت الصديقين" اللدودين" الى الخط الواحد، ما قلب معادلات المراهنين على خلافهما وبالتالي حرمان الثورة الشعبية من خزان بشري أساسي عنوانه "العسكريون المتاقعدون".
مسيرةٌ مشتركةٌ بين العميدين قادت الى لقاءات في مكتب روكز انتهت الى اصدار "وثيقة عسكرية" مُتبنية الثورة وقَّعها عشرات الضباط المتقاعدين، ليصبحوا في مقدمة صفوفها كمحرك اساسي لها، مُسقطين كل محاولات تفجير حراك المتقاعدين من الداخل عبر انشقاق من هنا وتململ من هناك، من هنا جاء "خطاب" الأمس تجسيدًا لروحية وثيقة الاتفاق التي وقّعها الضباط، داعين فيها لثورة تحرير المؤسسات والدولة والاقتصاد، والاتكال على الضباط والقضاة.
وفيما كان اركان الحكم مزهوون بإتصالهم الاول بصندوق النقد الدولي، عن بعد، معتبرين ان الثورة دُفنت مع احداث طرابلس الاخيرة، خرج النائب شامل روكز ليُفجر قنبلته.
وبإنتظار لقاء "العديل" بجمهوره نهاية الأسبوع، لِيرد "الكيل كيلين" مباشرة أو بالواسطة، فهل يكون الصهر الثاني حصان الإحتياط للرئيس ميشال عون؟ وهل يجد الباحثون عن ثلاثية الحكم الجديد في العميد المتقاعد ضالتهم؟ أو هو تقاسم أدوار بين الصهرين أم خلاف حقيقي في التوجهات والخيارات؟ وعليه هل تكون المعركة الرئاسية المقبلة بين "شامل" و"جبران"، فيكون ما سمعناه البلاغ الرئاسي رقم 1؟ وحدها الأشهر المقبلة هي صاحبة الجواب الحاسم لمعركة بات الجميع يَستعجلها حتى قبل تاريخها المُحدّد.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News