"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
عندما اختار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نائب رئيس الجامعة الاميركية حسان دياب للرئاسة الثانية، ظن واثقاً ان مرحلة جديدة من الحكم ستفتح، لتعطي دفعاً للعهد في خطة اصلاحه، بعدما طال انتظار حكومة العهد الاولى، حلم "الجنرال" ومحطته الاولى في مشروع اقامته لدولة مدنية حديثة.
غير ان الوقائع ومنذ اليوم الاول جاءت مخالفة للتوقعات. فرحلة التأليف ولدت "نقزة" في بعبدا بعدما بدت واضحة رغبة الرئيس المكلف "بتحجيم" رئيس حزب التيار الوطني الحر، معتمداً اسلوب احراجه لاخراجه، فسكتت الرئاسة الاولى على مضض طالبة من "الصهر" الانكفاء لتفويت الفرصة على المصطادين في المياه العكرة، ظناً منها ان سلوك الرئاسة الثانية ناتج عن" نية طيبة" بسبب "جهل" اصول الحكم. والخبرة الدقيقة في هذا المجال.
بادئ ذي بدء، صدم الرئيس عون بأن من اختير لخوض معركة فتح الابواب الدولية والعربية امام لبنان ساهم بفرض مزيد من العزلة لبيروت، ناهيك عن عشرات "الفاولات" الداخلية وصلت به حد فتح معركة" كسر عضم " ضد مطران بيروت للروم الاورثودكس الياس عودة، ما دفع بالبرتقالي الى التصدي للعملية والذهاب بها الى النهاية مدعوماً من "الجنرال" الرافض مد اي كان يده "الى الصحن المسيحي" كما درجت العادة.
وتقول المصادر على هذا الصعيد ان الرئاسة الثانية استهوتها "قعدة السراي" فعمدت الى استنساخ التجارب السابقة، بل ذهبت ابعد من ذلك، ما دفع بالكثيرين من ابناء العهد للترحم على ايام الحريرية.
غير أن الخطأ المميت الذي ارتكبه رئيس الحكومة والذي قصم "ظهر البعير" كان الادارة "المشكوك فيها" لملف التعيينات الادارية، حيث ابرم الرئيس دياب صفقة من تحت الطاولة مع رئيس مجلس القضاء الاعلى، خلافاً لما كان متفقاً عليه مع الرئيس عون، فأتت التشكيلات على حساب مؤيدي التيار الوطني الحر لصالح منافسيه، في رسالة قرأها فريق الرئيس عون بطريقة سلبية.
فحرب "تويتر" بين المستشار والمدير، والتي عكست صراعاً أكبر وأوسع مساحة من طرفيه، جاء فرصة للوزير جريصاتي لأخذ "ثأره" بعدما تم استبعاده بالكامل عن التشكيلات الحالية، بعدما كان "الشيف" الاساسي للطبخة السابقة، من هنا فقد وجد الوزير السابق ضالته في امتعاض رئيس الجمهورية ليرد الصاع صاعين بتعليل "مبكل"، وضع الجميع في المأزق حيث بات من الصعب على جميع الاطراف النزول عن الشجرة، رغم اعتبار المعنيين ان التسريبات عن تهديدات رئيس مجلس القضاء الاعلى بالاستقالة ليست سوى ضغوط اعلامية لا قيمة لها، رغم ان ثمة كلام عن امكان استقالة المجلس كاملا.
إلّا أن تلك القراءة لا تنفي أن رئيس الجمهورية لم يعارض تشكيل النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، عملاً بما تنص عليه القوانين، وإنما أليس أجدر برئيس الحكومة ومجلس القضاء الاعلى اتخاذ التدابير القانونية لتبيان الخيط الابيض من الاسود في مسالة "اعتداء" النائب هادي حبيش ضد القاضية عون، والذي يبدو دخل مجال الصفقات وهو ما لن تقبل به بعبدا.
لكن السؤال الابرز يبقى لماذا "حشر" الرئيس عون نفسه في الزاوية، وقدم لخصومه مادة جديدة لمهاجمته، طالما ان وزيرتي الدفاع والعدل محسوبتان من حصته كانتا قادرتان على لعب خط الدفاع الاول عنه، وقدرتهما "على عرقلة" المرسوم، بدلا من "الجفاء" الذي حكي عنه بينهما.
اشتباك التعيينات، فرض أمراً واقعاً على بعبدا وجدت نفسها ملزمة به، بعدما باتت ساتراً يطلق اطراف الحكومة من خلفها النار ضد الخارج ومعارضة الداخل، من حزب الله بداية، وصولا ًالى رئيس الحكومة العامل بجهد على تصفية تركة الشيخ سعد الحريري كاملة، وهو ما استدعى خروج المجلس الشرعي ببيان عنيف اللهجة.
وهنا تُطرح اشكالية اساسية تقود الى ما هو ابعد ومن "التكتكات" السياسية الداخلية، تبدأ بقرار مواجهة قانون "قيصر" ولا تنتهي بإرادة افشال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي في الحالتين مواجهة واضحة وصريحة مع الاميركيين، سيصيب رد واشنطن عليها الرئاسة الاولى بوضوح. فهل المطلوب دفع الرئيس عون الى الصدام مع واشنطن ليدفع النائب باسيل الثمن؟
وهل أصبحت حكومة الدياب عبئا على العهد؟ وهل اقتنعت بعبدا بأن لا حول ولا قوة لها بعد "دس النبض" حول تغييرها او تعديلها عبر بالونات الاختبار التي اطلقها مقربون من الرئاسة الاولى ومحسوبون عليها؟ وهل أضحى ساكن السراي "الايد التي بتوجع" التي يمسك بها الحزب الرئيس عون؟
ثابتة وحيدة ان الرئيس دياب ليس "سوبرمان" ليلعب "سولو" ضد الرئاسة الاولى، فمصدر" حليب السباع الشاربه" بات معروف المصدر، فهوى مستشاروه يكاد يقول للمريب خذوني....
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News