المحلية

السبت 20 حزيران 2020 - 07:44

نزعُ "الغطاء السُنّي" عن عون

نزعُ "الغطاء السُنّي" عن عون

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

المرحلةُ الأخيرة من عمرِ عهد إميل لحود تتكرّر مع ميشال عون ولو بصورة مختلفة. الأول رزح خلال الفترة الممدّدة من عهده تحت قطيعة داخلية - دولية جعلت من المرحلة استثناءً، والثاني يُعاني من شبه حصار دولي يتمثل بالعقوبات وأخواتها بالتزامن وإجراءات داخلية أشدّ قسوة تهدف لإرساء مزيدٍ من الحصار تتولّد على ضفة الاعتراض عليه.

كان يأمل الرئيس ميشال عون إكتساب صفة جامعة في ما تبقى له من عمر القسم الأخير من عهده، بعدما فشل طوال الفترة الماضية لألف سببٍ وسبب، يختم بها العهد على صورة "إعلان سياسي"، يُقال أنه "بعبدا 2"، تتولى عبره كافة الأقطاب المساهمة في حرث البلاد وإعادة زرعها ببذور منتجة تؤدي الغرض من الإصلاح، لكن حتّى هذه باتت ممنوعة على الرئيس بشهادة الإجراءات التي تُواكب الآن الدعوات إلى اللقاء الوطني في بعبدا الخميس المقبل على طرف الفئات المعترضة.

الخطيئة التي وقعَ بها الرئيس، أو على الأقل مستشاروه، أنه استثنى الحراك من لعبة "الضم والفرز" سياسياً في اللقاء، بحيث لم توجه ولو دعوة واحدة إلى ممثل من الحراك. صحيح أن حجّة أهل القصر تكاد تكون مقنعة إلى حدٍ ما في ظلّ غياب العامل الجامع لدى الحراك على صفة شخص محدد، لكن هذا لا يعني بالضرورة إعفاء النفس من توجيه دعوة في ظل وجود أكثر من باب يُمكن طرقه، وإنطلاقاً من منطقة الحنكة،كان على القصر توجيه دعوة لأي فئة بناءً على جردة باتت في متناوله وبذلك يضع الكرة في ملعب الحراك!

ثمّة مَن يقول أن طرفاً أسرَّ بأذن الرئيس حول غياب الفائدة من دعوة الحراك على إعتبار أنه منقسم على نفسه وأنه لن يُبالي، وهنا موضع الخطأ فكان يجدر بأوساط الرئيس أن تستفيد من هذا الجو لا العكس. أضف إلى ذلك أن الحراك يمثّل شريحة في الشارع بصرف النظر عن حجمها، إنّما هو في الحقيقة يمثّل أكثر من جمعية المصارف والمصرف المركزي مجتمعين اللذين حظيا بمقعد على طاولات التفاوض والحوار مع الحكومة.

عدا عن ذلك، هذه ليست الخطيئة الاولى، ثمّة ثانية تتموضع في عدم توجيه دعوة إلى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ما تسبّب بإمتعاضٍ لدى الأخير وفورة غضب سُجّلت على دفاتر الصحافيين، كما انسحب على أقرانه من أعضاء لقاء رؤساء الحكومات السابقين الذين يبحثون عن حجة في الاساس لعدم الحضور، فأتتهم الخبرية "شحمة على فطيرة".. أنه مسلسل الأخطاء عينه الذي ابتلى به الرئيس من مستشاريه منذ أن حطّ في قصر بعبدا.

من الواضح أن غالبية الوجوه السنية السياسية ذات التمثيل في الدولة تحاول لعب ورقة الميثاقية بوجه الرئيس عون لإسقاطها على اللقاء الحواري، بغيّة تثبيت أعراف جديدة تتصل بالادارة. الموضوع يتجاوز اللقاء في حدّ ذاته وعلى الأرجح يأتي كردٍّ على محاولات الرئيس تكريس أعرافٍ في رئاسة مجلس الوزراء. إذاً فالمسألة مسألة نزاع صلاحيات بين مؤسستَين يمثلها صقور وقد إنسحبَ على دور الرئاسة.

رؤساء الحكومات السابقون يعتبرون في سرّهم أن مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء هي القائمة على منطق الحوار بين الكتل النيابية أو هي مركز الدعوة للحوار، لكنها الآن تفتقد إلى هذا العامل بفقدانها الدور والحضور في رئاسة الحكومة التي ذهبت إلى شخصية من خارج الأعراف المتّبعة. في ضوء ذلك تبدّلت القواعد، وكونهم معترضين على الأسلوب لذا هم في حلٍ من تقديم أي غطاء معنوي للرئاسة.

يُقال أن تسريب إحتمالات الذهاب إلى مقاطعة اللقاء الذي دعا إليه عون، يعود لظنونٍ لديهم في إحتمال سحب تنازلات ما من الرئيس سواء لدى إعداد جدول أعمال اللقاء أو ما يتجاوز ذلك، أي فيما يتوقع طرحه على الطاولة، وهي لعبة يُراد عبرها إسترداد ما خسره هؤلاء من حضور في الادارة.

حتّى الان، كل ما يجري يدور في معرض الابتزاز. صحيحٌ أن رؤساء الحكومات السابقون تركوا الأمر شورى بينهم وقد دعوا انفسهم إلى لقاء يوم الاثنين المقبل لاتخاذ موقف واحد من الدعوة، لكن متابعة حراكهم يؤدي إلى فهم أنهم ولغاية الآن، ليسوا في وارد المشاركة، وان المشاركة يتنازعها الانقسام فيما بينهم بين مؤيد ومعترض، بينما الرئيس سعد الحريري، يخوض الصراع مع نفسه بين مستويَين: تلبية تمنيّات الرئيس نبيه برِّي ورغبات النائب السابق وليد جنبلاط.

الثابتُ الوحيد لديهم هو أن نذهب سوياً أو لا نذهب، وبين الذهاب من عدمه مسافة قرنٍ من النتائج السياسية، يضاف اليها قراءة ما سيترتب من نتائج وفوائد كامنة بين الطلاق من عدمه.

بدورها، الرئاسة تدرس كافة الاحتمالات، من بينها إحتمال تأجيل اللقاء حتّى تسنح الظروف وفي هذا الخيار سقوط لها أمام الاخرين أو رضوخ للضغوطات. والرئاسة ليست في وارد مراكمة مزيد من الخسائر، هي تستشرف ما سيأتي لذا تعول على حضور جميع الاطياف تحديداً الطيف السني بكامل شرائحه لذلك، تبحث عن أدوار المفاتيح، سواء الأمنية أو السياسية، لتأمين الحشد المطلوب والنجاة من فخٍ يريد آخرون توريط بعبدا به، بدأوا التمهيد إليه بسيلٍ من التحليلات والتسريبات التي تؤدي غرض ضرب الحوار قبل أن ينعقد.


تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة