المحلية

السبت 17 تشرين الأول 2020 - 07:00

الرئاسةُ "تَنبش" بعبع التّقسيم

الرئاسةُ "تَنبش" بعبع التّقسيم

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

الجمود العام يضرب "البيت الحكومي". منذ أن قرّر رئيس الجمهورية تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة و"دفشها" اسبوعاً إلى الامام، التزم المرشح الاول للتكليف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري منزله في وادي أبو جميل من دون حركة.

آخر إتصال رصد على خط "الوادي" كان مصدره رئيس مجلس النواب نبيه بري تزامناً مع اتصال اخر جاء على خط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الاتصالان ناشدا الحريري إنتزاع فكرة الاعتذار من رأسه، ولكل منهما اسبابه.

بري يجد في ما أسس له الحريري "عملاً على الأصول" استطاعَ من خلاله "زرك" الثنائي المسيحي – العوني في الزاوية حتى غديا معرقلين للحل. إلى جانب ذلك، لبري مصلحة سياسية أخرى بعيدة المدى في عودة الحريري إلى شبكة العلاقات السياسية الطبيعية. أما الثاني (أي جنبلاط) فغايته ليست محصورة فقط بتسيير شؤون المبادرة الفرنسية فحسب بل هو يتطابق من حيث الافكار مع بري تماماً.

حتّى الساعة، رضخ الحريري لمطالب عدم اعتذاره، لكنه إختار الجمود السياسي صفةً للمرحلة وربط موقفه بمدة صلاحية معينة، حيث أن من عليه المبادرة هذه المرّة هو القصر الذي تولى التفريط بكل الحركة والمناخ الإيجابي السابق.

ولغاية الان لا شيء ثابت حيال مصير موعد الخميس المقبل. بالنسبة إلى الحريري، لقاؤه مع الوزير جبران باسيل بعد الذي جرى "غير مطروح، لأن الحريري ليس الشخص الذي يذهب للقاء سياسي مجروراً وتحت الضغط، لقد أخطأوا العنوان!" وفق قول مصادر مطلعة على موقف بيت الوسط. ينطلق الحريري من هذه المقاربة من نقطة قوة مصدرها الكتل التي آزرته في "سباق التكليف". رغم ذلك، ثمة من يبدي إعتقاده أن الحريري وباسيل محكومين بالانصياع إلى الرغبة الفرنسية، فمتى قرّر الفرنسيون تناول الهاتف ودعوة الرجلين إلى "جلسة مصارحة"، ليس في إمكان الطرفين الرفض!

عملياً، من عرقل في البداية "خطة الاستشارات" ومنع كأس التكليف عن الحريري "لأسباب ذاتية" يستطيع العودة إلى نفس النغمة. مع ذلك، تجد مصادر سياسية هذه الخطوة "انتحارية" لكون الحجة لدى القصر الآن منتفية تماماً، وإن إستطاعَ تمرير المحاولة الاولى بنجاح بعدما ضمّ إليها "انتحاريين" كالارمن وكُتل مخترعة – غب الطلب، كـ"ضمانة الجبل"، لن يستطيع أن يعيد الكرّة مرة أخرى لعدم قدرته على تحمل النتائج ولانتفاء الحد الأدنى من الذرائع.

لكن ما هال المصادر السياسية كافة، ليست خطوة التأجيل بحد ذاتها بل التبريرات التي سيقت لتفسير الغاية من وراء التأجيل، كاختراع مصطلح "الميثاقية المناطقية" وإسقاطه على قاموس المفردات السياسية المليء بالمعادلات المستحدثة – غب الطلب. هنا، يُسجل أن القصر الجمهوري تعامل بكثير من الاهتمام مع المفاعيل الناتجة عن خيار التأجيل بدليل إصداره أكثر من موقف، وتسريبه أكثر من مادة وفي أكثر من إتجاه وأكثر من وسيلة وهذا الفعل إنما يدل على "الحشرة" التي وقعت فيها بعبدا.

المريب في طرح "الميثاقية المناطقية" الذي جاء على لسان مصادر قصر بعبدا، ليس في أنه يستبطن نوايا تقسيمية وحنيناً للعودة إلى زمن متصرّفية جبل لبنان وحسب، بل أنه اتى في غمرة فورة "العونيين" عبر وسائل الإعلام ( تلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي) لطرح وتسويق مصطلحات الفيدرالية والكونفيدرالية لا سيما عبر وسائل إعلام "برتقالية". أما الاستثنائي فيه، اقدام تلك الوسائل على "نبش" وجوهاً عونية تدعو لهذا الطرح وإعادة نشرها عبر الإعلام، وفي خطوة لا تخلو من الاستهداف الصريح والمركّز، ووكبت بضخ غزير من المفردات والتعابير والدعوات وقف خلفها نشطاء "برتقاليون".

هذا الحدث أتى بمعرض الردّ على مستويين: الأول تجاه الثنائي الشيعي وذات صلة بالنزاع الذي تولد بينهما على ضفة "الترسيم"، والثاني تجاه "أزمة الاستشارات" وما ولدته من ردات فعل من قبل الاحزاب الاخرى، ما يؤسس إلى فكرة أن الرئاسة وبدل أن تكون حريصة على الوحدة الوطنية، تنزلق صوب طرح الفيدرالية وإتخاذه "فزاعة" لترهيب خصومها ربما طمعاً في تعديل مواقفهم.

كما ان هذا الطرح استرعى الانتباه لشدته وعمقه، ما دفع بقيادات سياسية إلى التواصل فيما بينها طيلة نهار أمس للتأسيس على المواقف برد فعل على وزنه تماماً يتضمن "رفضاً صريحاً لكلام رئاسة الجمهورية وتشديداً على فكرة العودة إلى الدستور ووقف الترجمات المنافية له". إلى ذلك، رصد تواصل أكثر من طرف مع قصر بعبدا لوضعها في صورة الضرر البالغ الذي احدثته على المستويين السياسي والشعبي بطرحها المماثل، الذي عاد واندثر من نصوص ردود الفعل الاخرى التي واكبت حدث الاستشارات المؤجلة الصادرة عنها، ما يدل إلى أن القصر أدركَ خطورة الطرح.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة