"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
تطوّر المشهد المُمتد من ايران إلى اسرائيل فلبنان خلال الاسبوعَين الأخيرين بشكل لافت بعد أن فرض الإيقاع العسكري والأمني نفسه على ساحة المثلّث المذكور بشكل استدعى كل فريق من هؤلاء، إلى الإستنفار على طريقته وبحسب ما تقتضيه المرحلة والظروف الراهنة. إلّا أن الأبرز، أنه في الوقت الذي اختارت فيه إيران و"حزب الله" التّأهب والإستعداد للأسوأ، ذهبت إسرائيل إلى تطبيق القاعدة التي تقول، بأن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، فكان لها أن اختارت مجموعة أهداف، أبرزها اغتيال العالم النووي مُحسن فخري زاده.
في نظرة واسعة لمجريات الأمور والتطورات التي تحصل على الساحة الساخنة بين ثُلاثي أصحاب الصراع التاريخي العقائدي والايديولوجي، إيران و"حزب الله" من جهة، وإسرائيل من جهة اخرى، من دون أن ننسى طبعاً الولايات المتحدة الاميركية الداعم الأبرز للأخيرة والحاضرة على الدوام لمساندة حليفتها في كل الظروف، يتبيّن أن اسرائيل تحتل المكانة الأقوى خصوصاً وانها الجهة التي تفرض إيقاعها في الميدان منذ اشتعال الحرب السوريّة، بحيث تبادر هي بتنفيذ عمليات اغتيال في ايران وسوريا ولبنان، وتقوم بقصف أهداف لحلف "المقاومة" في أي بقعة تختارها، وهي أيضاً التي تضرب الإمدادات العسكرية التابعة للحلف نفسه.
وبمعنى أخر، ربما يستوجب القول أن إسرائيل ومنذ تأسيس كيانها، ترتاح إلى هذا النوع من العمليات حيث المواجهة عن بعد والتي توفّر عليها عناء الحروب وتُجنبّها المواجهات الميدانية التي تُكلفها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وما حرب تموز 2006 إلا دليل على أن الحروب على الأرض ليست المكان المُفضل التي تستطيع فرض إيقاعها العسكري فيه، من هنا جاء تكثيفها للعمليات الأمنية من الجو وعلى الأرض، خصوصاً في ظل غياب الرد الموجع، وهذا أكدته الوقائع من خلال العملية التي كان استهدف فيها "حزب الله" منذ عام تقريباً، آلية عسكرية داخل مستوطنة "أفيفيم".
أمّا الأسئلة الأبرز التي تُطرح اليوم على بساط النقاش في أروقة إيران وحزب الله العسكرية والأمنية وتحديداً بعد عملية اغتيال زاده، أين سيكون الرد وما هو التوقيت المناسب، وهل سيكون بحجم الوجع نفسه الذي خلفته عملية اغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني والطريقة التي تمّت فيها عملية اغتيال زاده؟ هذا بالإضافة إلى سقوط قائد بارز في "الحرس الثوري الإيراني" في سوريا منذ يومين بغارة إسرائيلية بالقرب من الحدود السوريّة ـ العراقية.
فيما يتعلّق باغتيال زاده، يُشير مصدر مقربة من "حزب الله" إلى أن من الواضح أن الرئيس الأميركي الخاسر دونالد ترامب، أراد أن يُقدّم جوائز ترضية لحلفائه الذين تعاونوا معه طيلة فترة رئاسته في أخر أيّام وجوده في الإدارة، خصوصاً وأن عملية الاغتيال لم تكن وليدة ساعتها، فمن الواضح أن التحضيرات أخذت وقتاً طويلاً من الرصد والمتابعة. ولذلك ثمّة وجهة نظر تقول أن ترامب كان منع الإسرائيلي في وقت سابق من تنفيذ العملية، إلى أن عاد عن قراره هذه خلال الأيام الماضية ليعود ويُقدمها هدية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتابع المصدر: بطبيعة الحال، فإن الفترة المتبقية لوجود ترامب في مركزه، هي فترة محفوفة بالمخاطر سواء لجهة قيام إسرائيل بعمل أمني ما في سوريا أو لبنان قد تستهدف شخصاً ما. لكن في المقابل، هناك احتمال أخر هو ان يقوم الإيراني بالرد على اغتيال زاده وهذا الامر سوف يؤدي بطبيعة الحال إلى تصعيد في المنطقة. لذلك فإن الوضع في المنطقة يُمكن وصفه أنه على "كفّ عفريت". ولهذا كلّه يبدو أن الإستنفار الإسرائيلي والذي يُقابله استنفار لدى "حزب الله" والجيش السوري والحرس الثوري الإيراني، هو امر طبيعي بالنسبة إلى سياق الأحداث.
أمّا ما يُحكى عن مُحاولة الإسرائيلي لجر إيران و"حزب الله" إلى حرب أمنية بدل العسكرية كونها ملعبه الأفضل والأوسع لتنفيذ مخططاته، يوضح المصدر أن حرب العقول مُستمرة مع الإسرائيلي منذ سنوات طويلة. نعم الإسرائيلي مُتقدم بخطوة في هذا المجال كون المبادرة بيده، فهذا أمر صحيح. وكذلك الأمر فهو يمتلك قدرات تكنولوجية هائلة تفوق قدرات حزب الله التقنية، كذلك هذا أمر صحيح. وكذلك الامر فإن الإسرائيلي يُعوّل على شبكة علاقات هائلة، سواء عربية أو أوروبية أو محليةّ، لكن وسط كل هذا، إستطاع "الحزب" وبدعم إيراني طبعاً أن يُلحق الهزيمة بهذا العدو.
ويختم المصدر تأكيده على أن ثمّة حالة استنفار قصوى يُنفذها اليوم محور "المقاومة" من إيران إلى العراق إلى سوريا فلبنان، فطالما أن المنطقة بهذا المُستوى من التوتر وطالما أن الإسرائيلي توجد لديه نيّة للقيام بعملية أمنية تُشبه عملية اغتيال زاده، يبقى أن هذا الإستنفار العريض هو أمر طبيعي لردع أو للرد على أي عمل ما يُمكن أن يرتكبه الإسرائيلي.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News