"ليبانون ديبايت" - محمد المدني
جريمة إنفجار مرفأ بيروت كانت الحدث الكارثي الأبرز الذي سجّله العام 2020، لا سيما أن الكارثة التي أودت بحياة اكثر من 200 شهيدًا تركت أثرًا كبيرًا لا يزال عالقًا في نفوس وأذهان اللبنانيين حتى هذه اللحظة.
وبعيدًا من حلبة الصراعات وتقاذف المسؤوليات بين الجهات السياسية والأمنية والقضائية حول تحديد المسؤولين عن وقوع هذه الجريمة المروّعة، وبعيدًا من أهمية تقرير جهاز أمن الدولة الذي وصل إلى جميع المعنيين في الدولة اللبنانية من رأس الهرم حتى أسفله، لا بد من تسليط الضوء على جهاز فوج إطفاء بيروت المعنيّ أيضًا كغيره من الأجهزة في مواجهة المخاطر التي تُهدّد السلامة العامة في بيروت وخارجها.
ولأن الكارثة وقعت في مرفأ العاصمة، ولأنها أدت إلى سقوط 10 شهداء من فوج الإطفاء الذين سارعوا إلى إخماد النيران المندلعة في العنبر 12، لا بد من الإشارة إلى الدور الكبير الذي كان بإمكان الفوج القيام به قبل وقوع الإنفجار.
"ليبانون ديبايت" تواصل مع أحد أبرز ضباط فوج الإطفاء لمعرفة ماذا كان باستطاعة فوج الاطفاء أن يفعل لو تبلغ بما يوجد في المرفأ؟. فقال: "لو وصل تقرير أمن الدولة إلى فوج الاطفاء من خلال محافظ بيروت مروان عبود، كنّا باشرنا فوراً بالكشف على العنبر رقم 12 ومعاينة الواقع والمواد الموجودة غير نيترات الامونيوم ووضعية كل منها، وما اذا كانت تشكل خطراً بحدّ ذاتها أو بسبب التفاعل أو التجاور مع مواد أخرى وحالة العنبر ودرجات الحرارة فيه والتهوئة والمداخل اليه وغيرها من العوامل التي تشكل خطراً أو تتسبب بالتفاعل أو الإشتعال أو إرتفاع الحرارة. ومن ثم وضع تقرير يتضمن أهم الاجراءات الفورية التي يجب اتخاذها لمنع الخطر".
وأضاف "وهذه الإجراءات هي ما يجب تأمينه من شروط السلامة العامة إلى حين نقل المواد الخطرة من العنبر والتخلص منها أو تعطيلها. وهي بشكل أساسي فصل المواد عن بعضها وإبعاد أي شيء يمكن أن يشكل عاملاً محفزاً أو مسبباً للاشتعال أو للتفجير أو لرفع حرارة العنبر، وترتيب المكان بشكل يخفف الى اقصى الحدود من مخاطر الاحتكاك وهذا بالاضافة الى فرض تركيب تجهيزات لإطفاء الحريق في المكان بحسب المعايير المتبعة في المستودعات الخطرة".
وردًا على سؤال "ماذا يستطيع فوج الإطفاء أن يفعل لو حاول وتم منعه من الدخول إلى المرفأ أو إلى العنبر رقم 12؟، لفت الضابط إلى أنه "في هذه الحالة يتم إبلاغ القيادة التي بطبيعة الحال ترفع الأمر إلى المحافظ الذي بدوره يمكنه رفع الأمر إلى وزير الداخلية، ولكن لو تبلغ الفوج التقرير ومنعوه من القيام بعمله الإستباقي كان بإستطاعته تجنّب خسارة خيرة شبابه في الإنفجار الذين اندفعوا لتلبية نداء الواجب دون أن يكون لديهم ادنى فكرة عن المواد الموجودة هناك، ومن المؤكد أنه بدلاً من أن تتوجه سيارات الإطفاء الى عنبر الموت لمحاولة إطفائه، كانت توجهت الى محيط المرفأ للعمل فوراً على إخلائه، وبالتالي كان يمكن الحدّ بشكلٍ كبير من الخسائر في الأرواح".
وأشار إلى أنه "ليس لدينا ما يجزم عدم وصول تقرير أمن الدولة إلى الجهات المسؤولة عن فوج الإطفاء، ولكن النتيجة المؤكدة هي أن شهداء فوج الإطفاء ذهبوا ضحية عدم إبلاغ الفوج بما يوجد في العنبر".
ويبقى السؤال من جملة الأسئلة التي يجب أن يتطرق إليها التحقيق حول مسؤولية الجهات المسؤولة عن فوج الاطفاء التي دفعت بأبطاله إلى الموت المحتّم رغم إنتشار تقرير أمن الدولة ووصوله إلى معظم المسؤولين. لأن خسارة كبيرة بهذا الحجم لا يمكن أن تمرّ من دون ملاحقة بحجة التركيز على دوائر أعلى من المسؤولية بل على العكس يجب إعطاء هذا الجانب من التحقيق حقه احتراماً لدماء الشهداء.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News