"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
أمامَ تيّار المستقبل مشوار طويل للذود عن رئيسه "المُذمِّ" بفعلة الرئيس بعدما اختار الأخير إخلاء الساحة "على حردٍ" والتوجّه صوب الربوع الخليجية لقضاء إجازة "ملتبسة الظروف والمدة" تكاد تكون أقرب إلى لغز… أو اعتكاف "بجينات إستفزاز ظاهرة".
إنّه منطق الألغاز نفسه المُستحكَم بمسار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري منذ ان وطأت قدماه منطقة التكليف ومن ثم التأليف، الذي بات وفي ضوء ما تقدّم أسير "الخصومات السياسية ذات الخلفيات الشخصية"، وعالقاً عند عدم رغبة الأطراف في الدخول كوسطاء لحلّ الموقف الملتبس اساساً.
عملياً، يستعدّ تيّار المستقبل لخوض جولات سياسية "مكوكية" على بركة إيداع الأطراف السياسية "الصديقة" الموقف من خلفية ما وردَ من "ذمّ" على لسان رئيس الجمهورية بحق الرئيس المكلف. بالتوازي مع ذلك، تدور من خلف الباب اجتماعات سياسية "سرية" تحت شعار "تكوين جبهة ضد العهد" مخترِقة "تدابير حظر التجوّل" وإجراءات التعبئة العامة لغاية توفير ظروف تعبئة سياسية يعتقد أصحابها ان في مقدورها إنهاء فترة الـ"lockdown" السياسي الحاصل.
على رأس قائمة أهداف تيار المستقبل زيارات إلى صروحٍ دينية وسياسية، درّة تاجها "بكركي" التي سبق لسيّدها وأن أعلن نيته إدارة مسعى تقريبي بين الرئيسين عون والحريري يتكلّل بإنهاء ذيول الخلافات السياسية والشخصية تحت عنوان "مصارحة ومصالحة"، كان ذلك قبل أن ينفجر لغم "الفيديو" الشهير. الآن، يعود تيار المستقبل للدخول من بوابة بكركي، لكن على نية شكو رئيس الجمهورية "الماروني" إلى رأس الهرم المسيحي في البلاد. وتقول معلومات أن هدف الزيارة العتيدة، محاولة إنهاء أي إستغلال طائفي مفترض في أرضه، كنقل المشكلة إلى أزمة "سنية – مارونية".
لكن ذلك، وعلى ذمّة مصادر سياسية متابعة، لن يحول دون إزالة اللبس الحاصل في العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط. ما يُعزّز هذه الفرضية تغيّب الحريري "المقصود" عن المشهد الداخلي متذرعاً بممارسة "أدوار خارجية"، تقول تلك المصادر أنها "مضخّمة".
فالحريري الذي لم يتمكّن من التعريج إلى السعودية خلال قضاء إجازة العيد، لينحصر وجوده في الإمارات العربية المتحدة بزيارة عائلية من دون ان ترتقي إلى مستوى مهاتفة ولو مسؤول في الديوان الأميري، يحاول إيهام الرأي العام الداخلي أنه يقود عملية "تقريب وجهات نظر" بين دولتين اقليميتين كبيرتين (تركيا والامارات) ، بينما في الحقيقة هو عاجز عن تقريب وجهات النظر بينه وبين رئيس الجمهورية الذي يبعد مقره عن بيت الوسط قرابة 17 دقيقة قيادة في السيارة، رغم ما يربطه به من صلات حكومية ومصالح سياسية مشتركة، أو قدرته على تكوين "قاعدة إحترام" أو "ميثاق شرف" يضمن العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.
أكثر من ذلك، ثمة على الضفة العونية من "يسخر" من التبريرات التي تُساق لتفسير زيارة الحريري المستجدة إلى الإمارات وصولاً إلى وضعها في مقام "الوساطات والمبادرات الدولية" في فعل "مبهبط"، لتعود وتشير إلى أن الزيارة لا تغدو أكثر من كونها "فرار من المسؤولية، ومحاولة مستجدة لطلب وساطة الإمارات في تأمين فيزا نحو الرياض".
بعيداً من منطق "الذمّ السياسي"، ثمة سؤال يحتاج إلى تفسير، فكيف لمالك سابق لشركة إتصالات متهمة بالتهرّب الضريبي في تركيا، أن يؤلف حكومة إنقاذ وإصلاح ومحاربة فساد في لبنان؟ إنها معضلة تبحث بعبدا عن إجابات لها.
خلال ذلك، تُفرَد جملة اسئلة منطقية في محاولة للرد عبرها على "فرقة سياسية" ما زلت تمنح الثقة للحريري ولم تغادرها رغم كل التجارب. ففي حين يعجز لبنان عن تأليف حكومة "بفضل مكنونات الحريري الذاتية" ينزلق أكثر صوب "جنهم" وتزداد الاتهامات حول علاقة الرئاسة بذلك، بينما "حلفاء عون" يكتفون بالصمت والمشاهدة وإنتظار الحريري عند قارعة التبادل الرئاسي في واشنطن! خلاصة موقف "عونيون".
وفي معرض طرح الاسئلة والبحث عن إجابات، يغدو كثر أسرى ممارسات الحريري "البزنسية" التي وفي حال عكسها على الواقع اللبناني، تبدو أموره مظلمة.
هنا، كيف لمن فرّط بثروة وأضاع شركات وأنهى مؤسسات خدماتية و "طيّر" عقارات واغلقَ صحف وتلفزيونات وإذاعات وجعل من آلاف مؤلفة من العاملين عاطلين عن العمل يلاحقونه في محاكم متنوعة بحثاً عن إستعادة حقوقهم ومصائرهم في شركات فنوا أعمارهم فيها، أن يوكّل قيادة دفّة إنقاذ بلاده من أزمة وإستعادة حقوق مالية منهوبة لشعب وإدارة ملفات إصلاح؟
رغم صعوبة كل ذلك، يحاول "التيار" التخفيف خاصة من وقع "الفيديو الرئاسي" عاملاً على محاولة إستعادة "ربط الخطوط مع بيت الوسط"، بالحد الادنى لسد الفجوة الحاصلة ووضع الخلاف في مساره السياسي، وهذا هو التفسير الوحيد الذي استبطنَ الدعوة عقب إجتماع تكتل "لبنان القوي" إلى الحريري كي يبادر إلى التشاور مع قصر بعبدا.
عملياً، لا يمكن عزل هذا المشهد بعيداً عن تدخلات حزب الله الايجابية التي دخلت على نية ضبط الموقف بين ثلاثي بعبدا – بيت الوسط – ميرنا الشالوحي، ومحاولة تجسير الخلاف. ثم أن الدعوة لم تلقَ اي إصغاء، بدليل "فرار" الحريري من تحمّل المسؤوليات وعودته إلى منطق الحرد والاعتكاف نفسه الذي كان يمارسه في السابق.
بالتوازي مع ذلك تُرك لتيار المستقبل تقدير الموقف، وعلى ما هو ظاهر، وفي ظل تسيّد اصحاب "الرؤوس الحجرية الحامية" المشهد، لا يبدو "التيار" في كنف من يسعى إلى حل.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News