"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
تكتسب تحرّكات المواطنين المنتفضين المتنقلّة منذ أيام ما بين بيروت والشمال والجنوب والبقاع، أكثر من طابع، نظراً لتوقيتها الذي يختلف في مضمونه عن توقيت ثورة 17 تشرين الأول من العام الماضي، والتي كانت قد انفجرت لأسباب أقلّ بكثير من الأسباب والدوافع الراهنة، والتي تدفع إلى زيادة عدد المنتفضين والغاضبين في الشارع يوماً بعد يوم في الأيام المقبلة.
وعلى الرغم من أن هاجس انتشار وباء "كورونا" لا يغيب عن بال المنتفضين، فإن هاجس الجوع يقضّ مضجعهم أيضاً، ويبقى أقوى من أي عامل آخر يحرّك الشارع، وفق ما قالت مصادر نيابية شمالية، ترفض كل المقاربات الأخيرة حول عدم عفوية التظاهرات، ووضعها في سياق تنفيذ أجندات خارجية.
وتؤكد المصادر نفسها، أن أطرافاً عدة سوف تدخل على خط استغلال الغضب الشعبي، وتسعى إلى تغيير مساره الحقيقي، ولكن الطابع العام الذي يسود أي تحرّك شعبي في أي منطقة اعتباراً من الأيام المقبلة، هو الإعتراض بقوة على الضائقة الإقتصادية، وعلى حالة التعطيل السياسي التي تمنع تأليف حكومة جديدة تقوم بتسوية الأزمات وإنقاذ اللبنانيين من موجة الجوع التي تدقّ أبوابهم.
وفي هذا المجال، فإن التوتر السياسي هو الذي يشكّل وقود التحرّك الشعبي، كما تضيف المصادر، والتي تلاحظ أن الطبقة السياسية قد باتت في مكان، والشعب في مكان آخر، لأن كل المعالجات التي بدأت منذ نحو سنة من أجل دعم الأسر الأكثر فقراً، قد فشلت في تحقيق الهدف المنشود منها، وذلك، بعد فقدان معظم اللبنانيين مورد رزقهم، وازدياد الحاجة إلى الدعم، خصوصاً في مرحلة الإقفال العام.
وتخشى هذه المصادر، أن يؤدي التأخير في تشكيل الحكومة العتيدة إلى تبديل الأولويات في الشارع، نظراً لتقاطع المعترضين والمتظاهرين مع كل الأطراف التي تطالب بزوال كل المتاريس السياسية المرفوعة في وجه عملية التأليف، وبالتالي، وفي هذه الحال، فإن التحرّكات الشعبية الحاصلة تنذر بأن تتحوّل إلى "كرة ثلج" تنتقل من منطقة إلى أخرى، وتسعى إلى تحريك الشارع من أجل الضغط على المسؤولين السياسيين، ودفعهم إلى تحمّل المسؤولية، بدلاً من البقاء وراء مواقفهم المتشدّدة، والإكتفاء باتخاذ إجراءات صحية واجتماعية منقوصة.
لكن هذه المعطيات لا تحول دون وجود محاذير عدة للحراك الحاصل في الشارع، كما تقول المصادر نفسها، ذلك أن الإنقلاب من السلمية إلى العنف ممكن في أي لحظة في حال بقيت القرارات السياسية الحاسمة غائبة ومؤجّلة، واستمرّ الضغط الإجتماعي في ضوء الإرتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد الإستهلاكية، وتخطّي سعر صرف الدولار عتبة التسعة آلاف ليرة بالأمس.
ومن هنا، تلفت المصادر ذاتها، إلى أهمية قراءة المشهد الإقليمي، في ظل ارتفاع منسوب التوتّر في المنطقة وتسارع التطورات العسكرية تزامناً مع حملة تصريحات إسرائيلية تتوعّد اللبنانيين بعدوان قريب، وبالتالي، فهي تشدّد على أن هذه الأحداث الأمنية لا بد وأن تنعكس على الداخل اللبناني، ولذلك، تبدو الظروف الداخلية معاكسة لأي مشروع سياسي لا يأخذ في الإعتبار ما يحصل في الشارع وما يحصل أيضاً في الإقليم، والذي يؤدي إلى دوام حالة الفراغ الحكومي، من خلال ضرب كل المحاولات الجارية لتحقيق توافق بين كل المرجعيات السياسية على تسوية حكومية، تسمح بتمرير اللحظة الخطرة التي تعيشها المنطقة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News